تركيا والأزمة الخليجية: محاولات للوساطة وخشية من ضرورة الاختيار بين الحياد والاصطفاف

تحاول تركيا منذ أيام لعب دور الوسيط بين الدول الخليجية المتخاصمة فيما بينها علما وان الموقف التّركي كان داعما منذ البداية لقطر حيث اعربت انقرة في بيان رسمي عن اسفها لحملة المقاطعة التي شنتها

السعودية والإمارات وعدد من الدّول العربية الاخرى ضد الدّوحة واصفة ذلك بالعمل اللاانساني والمخالف للإسلام.

إلاّ ان السلطات الرسمية التركية سرعان ماتداركت موقفها الواضح مؤكدة انها لم تستهدف السعودية وأنها تنظر الى «الاشقاء الخليجيين’’ على حد سواء. وتحاول تركيا من خلال تصريحاتها اولا وزيارة وزير خارجيتها مولود تشاووش اوغلو امس الاول الى قطر وتوجهه يوم امس الى الكويت في انتظار مروره اليوم الجمعة الى المملكة العربية السعودية ، تحاول لعب دور الوسيط في خطوة لتبديد التوتر بين طرفي الصراع ومحاولة تقريب وجهات النظر بين اشقاء الأمس.

ولطالما عرفت تركيا بتحالفها مع دول الخليج إلا ان التوتر الخفي شاب نوعا ما علاقتها مع السعودية بعد تصنيف الاخيرة لجماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب بالإضافة الى ترحيب الرياض بإسقاط نظام الرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر. واصطفت تركيا انذاك الى جانب دولة قطر التي واصلت دعمها لجماعة الاخوان واحتضنت كل من الدوحة وانقرة قادة الجماعة واجتماعاتهم ايضا.

بين الحياد والاصطفاف
ويرى مراقبون ان محاولات تركيا النأي بنفسها عن الازمة والوقوف بنفس المسافة من كل الاطراف لن يكون ناجحا نتيجة عدة اسباب منها المعلن ومنها الخفي اهمها تضارب السياسات الخارجية لكل من تركيا والسعودية ازاء ملفات المنطقة وأهمها الازمة السورية . بالإضافة الى التقارب الاخير بين واشنطن والرياض في ظل توتر العلاقات التركية الامريكية. ويرى متابعون ان تركيا اليوم تجد نفسها امام ضرورة الناي بنفسها والتوسط لحل الازمة بين دول الخليج سلميا قبل ان تجد نفسها في موقع يفرض عليها ضرورة اختيار طرف على حساب الاخر .

وعن الموقف التركي من الازمة الخليجية قال الكاتب العراقي زياد وليد لـ«المغرب» انّ الموقف التركي هو موقف واضح منذ اليوم الاول للازمة. معتبرا ان تركيا تربطها علاقات استراتيجية مع قطر وهي منحازة لها منذ البداية. مشيرا الى ان اردوغان تحدث بطريقة الوسيط باعتباره يأسف لهذه الازمة. لكن بنظرة أعمق فإن الموقف التركي هو موقف حاسم ومتحالف مع قطر، بعكس الدول التي لم ترد ان تتخذ موقفا فأخذت لنفسها دور الوسيط على حد تعبيره.

وأضاف وليد أن ‘’الأزمة من حيث هي تصريحات اعلامية وحصار اقتصادي وجيوسياسي لا تلقي بتلك الظلال الكبيرة على تركيا إلا في حالات اخرى مثل تغير التكتيك في المنطقة، او حالة الحرب. وأقول حرب لان برلمان تركيا كما يعلم الجميع وافق على مشروع أرسله اردوغان ينص على ارسال 5000 جندي تركي الى قاعدة تركية في قطر. وإذ نأخذ في الحسبان عدد الجيش القطري الذي لا يتعدى الخمسة عشر الف جندي، فأن ما يقال عن ان الجيش المرسل هو لأغراض التدريب كلام غير واقعي، بالإضافة الى توقيت وطريقة تداول المشروع’’.
وأضاف محدّثنا ان سياسة تركيا بالمنطقة تتوافق تماماً مع سياسة قطر، وهو مايظهر جليا في سوريا، وفي مصر وغيرهما. قائلا انه حتى على مستوى التصريحات هناك تقارب سياسي وإعلامي بين الدولتين. معنى ذلك ان تطور الامور مع قطر الى حد أكبر قد يؤثر على سياسة تركيا الخارجية، وربما الداخلية وفق تعبيره.

اصل الخلاف وتأثيره على التحالفات
وعن اصل الخلاف بين دول الخليج قال الكاتب العراقي انه بالعودة لطرفي الأزمة، السعودية وقطر، فأن تاريخ العلاقات لم يكن هادئاً. مشيرا الى انه من أحداث حرب ‘’الخفوس’’ الحدودية عام 1992 الى أزمة 1996 الى أزمة سحب السفراء سنة 2004 حتى الأزمة الأخيرة.

واضاف» بل إن تصريحات اعلامية سعودية أتهمت قطر بأنها تحاول اعادة سيناريو أحداث الحرم المكي في نهاية العقد السابع من القرن الماضي، حيث حاولت جماعة متشددة نسبوها الى الاخوان القيام بانقلاب على حكومة ال سعود بعد ان سيطرت على الحرم المكي, ولم تنته سيطرتهم الا بمئات القتلى والجرحى من الطرفين».

وأكد محدّثنا ان التحالفات بدت واضحة الآن ، مشيرا الى انّ السعودية والبحرين والإمارات بخندق واحد، ومعهم مصر التي لديها تصفية حسابات مع قطر والإخوان. ومعهم بقية الدول التي اجتمعت مع ترامب لتشكيل تحالف ظاهره محاربة الارهاب وباطنه صد النفوذ الايراني بالمنطقة مؤكدا ان هذا التحالف أحد أهم اسباب الازمة مع قطر.

وتابع الكاتب العراقي ان ‘’قطر تحاول مسك العصا من المنتصف، حيث تقيم علاقات مع اسرائيل وتوقع معاهدة مع ايران وتطارد بشار الاسد وتتحالف مع تركيا وتدور احاديث عن دعم الحوثيين كل ذلك وهي نقطة صغيرة في بحر الخليج العربي’’. واعتبر محدّثنا ان «هذا الدور سينتهي الان وقطر مجبرة على ان تختار طريقا واضحا.

وأكد زياد وليد ان «هذه التحالفات واضحة ويبدو انّها تسير بشكل طبيعي بالانزياح والتموضع، الأطراف الوسيطة لعقد تسوية تعيد قطر للتحالف الاول: تسوية مع دول الخليج ومصر بشأن سياساتها الموجهة لداخل تلك الدول، والخارجية مع إيران والقضايا المالية كذلك، إذ يبدو إن قطر رفضت المشاركة مع السعودية في صفقات السلاح الضخمة خلال اجتماع الرياض الأخير

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115