سومر سلطان الكاتب والمحلل السياسي السوري لـ«المغرب»: «استفتاء استقلال كردستان العراق تواجهه صعوبات الجغرافيا وموقف دول الجوار»

قال الكاتب والمحلل السياسي السوري سومر سلطان لـ«المغرب» انّ اعلان كردستان العراق اقامة استفتاء للانفصال في سبتمبر المقبل لن تغيب عنه الصعوبات السياسية والجغرافية مضيفا ان عدم وجود مرفأ بحري لهذه «الدولة» يعني أنها ستختنق وسط بحر معادٍ مؤلف من العراق وسوريا وتركيا وإيران.

واشار الى انّه ستكون هناك فترة انتقالية بين إعلان نتيجة الاستفتاء وبين تنفيذها.

• اولا كيف ترون الاستفتاء المرتقب للأكراد وتأثيره على المنطقة العربية المنقسمة بطبعها ؟
المنطقة الكردية تعاني جغرافياً من مشكلة البعد عن البحر، وهذا ما سبب إثباطاً في مرات سابقة كثيرة للرغبة الانفصالية عند قسم كبير منهم. ولذا فإن الاستفتاء لا يمكن إلا أن نضعه ضمن سياق من اثنين:
اولا إما أن تكون هناك اتفاقات بين البرزاني وأردوغان لمنح الإقليم الكردي، أو الدولة الكردية المرتقبة، امتيازات في مرفأ اسكندرون ثانيا في حال لم يكن هناك اتفاق من هذا النوع تكون خطوة البرزاني للضغط على الحكومة المركزية في بغداد، أكثر مما هي تستهدف الانفصال فعلاً.

مبرر ما سقناه هو أن عدم وجود مرفأ لهذه الدولة يعني أنها ستختنق وسط بحر معادٍ مؤلف من العراق وسوريا وتركيا وإيران. علماً أن لدينا معلومات تفيد بوجود تنسيق إيراني تركي، وإيراني سوري، وكذلك إيراني عراقي، لاتخاذ موقف موحد من هذه المسألة. يعني، ليست طريق البرزاني سهلة، بل توجد صعوبات جمة، أولها الجغرافيا، وثانيها موقف دول الجوار.

• ماذا عن الدعم الامريكي للأكراد هل من شانه احداث اختراق للعداء بين الاكراد وحكومات المنطقة ؟
الدعم الأمريكي يحدث اختراقات كبيرة طبعاً، لعل أهمها ما تحدثنا عنه عن احتمال منحهم امتيازات في مرفأ اسكندرون. ولكن قبل أن نكمل في السؤال، أود الإشارة إلى أن العداء بين الأكراد وحكومات المنطقة ليس أزلياً، بمعنى أن هناك خلافات لا ترقى إلا إلى العقد الأخير ربما بين دمشق وطهران من جهة وقسم من الأكراد من جهة أخرى. أما بالنسبة لأنقرة فمن المعروف أن كثيراً من العشائر الكردية كانت في مقدم القوات الموالية للسلطات العثمانية. كما أن منها من قدم تضحيات في حرب التحرير الوطنية التركية ضد الانقليز في مطلع هذا القرن. بالنسبة للوضع الحالي العداء والخلافات كبيرة فعلاً، فهناك على سبيل المثال توجه راسخ لدى الكثير من الأشخاص الذين نصفهم بالنخبة الثقافية والسياسية العربية، يصفون أي تحرك كردي بأنه «إسرائيل جديدة»، وكأن كياناتنا العربية الممسوخة كيانات أصيلة، وليست مصطنعة بدورها. أيضاً هناك أكراد ينمون عداءً شوفينياً اتجاه القومية العربية، هو ما دفعهم للحضن الأمريكي. بكل الأحوال الاختراق الذي من شأن أمريكا أن تصطنعه هو التدخل العسكري ضمن حدود هذه الدول. ففي سوريا والعراق التدخل الأمريكي موجود، قد يزيد أو يقل حسبما يرتأي مسؤولو البنتاغون. في تركيا هناك توازن هش، تستطيع أمريكا أن تكسره متى شاءت لصالح قوات «العمال الكردستاني» ضد الجيش. أما في إيران فهناك بوادر على خطط لمد أعمال العنف إليها، عبر تدريب مقاتلين من أكراد غيران في سوريا، وإرسالهم من حيث جاءوا من جديد.

• اذن هل يعني هذا ان الاستفتاء سيكون رمزيا لكسب امتيازات ؟
هذا يتوقف على الاتفاقات غير المعلنة بين أنقرة وأربيل. ولكن مبدئياً يمكن القول إنه ستكون هناك فترة انتقالية بين إعلان نتيجة الاستفتاء وبين تنفيذها. وخلال هذه الفترة سيكون الاستفتاء كسيف ديموقليس فوق رأس بغداد لابتزاز ما أمكن من تنازلات.

• يكثر الحديث هذه الاونة عن جهود اقامة الدولة الكردية مقابل جهود اقامة دولة حوثية ، برأيكم كيف ترون مستقبل المنطقة العربية في ظل الدعوات الانفصالية ؟
لا أعلم لحركة أنصار الله بالذات طموحات انفصالية. ولكن التطورات تثبت ما قاله قبل أعوام الرئيس بشار الأسد عن أن ما يجري هو عبارة عن إعادة رسم الحدود بطريقة تماثل ما حصل بعد الحرب العالمية الأولى. ويظهر أن تراجع المشروع القومي العربي، ذي المضمون التقدمي الإنساني، لصالح تيارات الإسلام السياسي (وبالمناسبة مصطلح الإسلام المعتدل هو مصطلح أمريكي ابتدعه عميل الاستخبارات الأمريكية غراهام فولر، فهو ليس مصطلحاً إسلامياً) هذا التراجع دفع بعضاً من عناصر الأطياف الصغيرة يظهرون طموحات لإنشاء كيانات سياسية تحاكي فئويتهم. بكل الأحوال التقدم الميداني في سورية والعراق يبشر بعودة قوية للاتجاه التوحيدي، فتوجه الجيش العراقي وحلفاؤه غرباً، والجيش السوري وحلفاؤه شرقاً، والتقاؤهم جميعاً، يبرز الآمال بشكل اقوى من السابق بعودة روح التضامن العربي والأخوة العربية.

• يكثر الحديث عن تراجع نفوذ «داعش» في المنطقة خاصة بعد خطاب الانهيار الذي يبثه تنظيم ‹›داعش›› ، برأيكم هل صحيح ان التنظيم في اخر مراحله في سوريا والعراق؟
الحقيقة جزء كبير من قيادات «داعش» في الرقة، فرت إلى الريف الغربي لمدينة دير الزور. والقوات الكردية قادرة الآن على احتلال 70% من الرقة، ولكنها لن تفعل كي تكتسب المعركة زخماً إعلامياً أكبر، وخاصة بعد اتهام الروس لها بالتفاوض مع ‘’داعش’’.أيضاً لدينا معلومة عن ذبح عناصر من «داعش» لأنهم اعترضوا على انتقال زعماء لهم بمروحيات امريكية.

حاروته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115