بعد استهداف بريطانيا مجددا من قبل «داعش» الإرهابي: أية تداعيات؟

3 هجمات إرهابية في أقل من ثلاثة أشهر لتنظيم داعش تستهدف بريطانيا العظمى. الأولى في لندن يوم 22 مارس و الثانية في 22 ماي بمدينة مانشستر التي خلفت 22 قتيلا في حفل غنائي. الهجمة

الأخيرة جدت يوم 3 جوان عندما دهست سيارة مارة في جسر لندن و قام الإرهابيون الثلاثة على متن السيارة بالاعتداء بالسلاح الأبيض على مارة فوق الجسر ثم على مواطنين في مطاعم بحي «بورو ماركت». و خلف الإعتداء 7 قتلى و 48 جريحا منهم 21 في حالة خطيرة. و تمت تصفية المعتدين الثلاثة من قبل قوات الشرطة.

وتبنى تنظيم داعش الارهابي عن طريق موقعه الإلكتروني «أعماق» عبر نشر بيان جاء فيه «مصدر أمني لوكالة أعماق: مفرزة من مقاتلي الدولة الإسلامية نفذت هجمات لندن يوم أمس»، الموافق ليوم 3 جوان 2017. و استعمال كلمة «مفرزة» يشير إلى أن المجموعة تكونت خارج الأطر المعروفة للتنظيم للقيام بعملية محددة. وهو التمشي الذي اتخذه التنظيم في أوروبا للقيام منذ 2015 بهجمات إرهابية عن طريق «ذئاب منفردة» أو خلايا نائمة بعد أن أطلق أبو محمد العدناني أحد زعماء التنظيم، الذي تمت تصفيته في ما بعد في سوريا، نداء بقتل المواطنين في البلدان الغربية في أمريكا و أوروبا و كندا و أستراليا «بأي طريقة كانت».

تضامن دولي
مباشرة بعد الهجمة الإرهابية ليلة 3 جوان تعددت عبارات المساندة من مختلف بلدان العالم في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا. و بادر الرئيس دونالد ترامب بإطلاق تغريدة على تويتر مساندة لبريطانيا. و قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالإتصال برئيسة الوزراء تيريزا ماي للتعبير لها عن تضامن فرنسا مع بريطانيا و استعدادها للعمل معها في هذا الملف. و أكد القادة الأوروبيون تضامن أوروبا مع بريطانيا و وضحوا أن مقاومة الإرهاب مسؤولية جماعية لا تتأثر بقضية «البريكست» بل تستدعي وحدة الصف أمام الجماعات الإرهابية.

و عبرت بعض الدول العربية و في مقدمتها تونس عن تعازيها و «مساندتها لبريطانيا في حربها على الإرهاب». وهو ما يجعل من مقاومة الحركات الإرهابية أمرا دوليا انخرطت فيه الدول العربية التي تشارك التحالف الدولي ضد الإرهاب في الشرق الأوسط. و تزامنت الهجمة على لندن مع زيارة وزير أوروبا و الشؤون الخارجية الفرنسي جون إيف لو دريان لتونس للتنسيق مع الحكومة التونسية في مسألة مقاومة الإرهاب و تسوية الوضع في ليبيا.

«هجوم على العالم الحر»
قامت الشرطة البريطانية يوم الأحد باعتقال 12 شخصا في حي «باركينغ» اللندني، سبع نساء و خمسة رجال متهمين بالضلوع في العملية بعد أن تحققت من هوية الإرهابيين. و أخبرت الشرطة عن عمليات اعتقالات إضافية دون تحديد عدد الموقوفين. في نفس الوقت أعلنت تيريزا ماي في خطاب رسمي أن العملية الإرهابية تعتبر «هجوما على العالم الحر» و أن «إمكانية وقوع هجوم آخر تبقى مرتفعة». و رفعت الوزيرة الأولى مستوى الحذر والاستنفار خاصة أن الشرطة قامت بإحباط خمس عمليات إرهابية في الأيام الماضية .

واعتبرت تيريزا ماي أن مقاومة الإرهاب في بريطانيا لا بد أن تأخذ منحى متغيرا لتأخذ بعين الاعتبار مراقبة شبكة الأنترنت التي تستعملها الجماعات الإرهابية . ومن ناحية أخرى أشارت الوزيرة

الأولى البريطانية إلى ضرورة إعادة النظر في دور المجموعات الثقافية و العرقية و في مقدمتها المجموعة الإسلامية البريطانية في مقاومة الإرهاب مع العمل على تدعيم وحدة المملكة المتحدة. وهي معادلة صعبة لما للسياسة البريطانية في التعامل مع الثقافات المكونة للشعب البريطاني من ضوابط تكاد ترتقي إلى مستوى العقيدة القومية.

انتقادات لتيريزا ماي
أعلنت قناة البي بي سي اللندنية أن الشرطة البريطانية كانت على علم بمشروع الهجوم وقد رصدت رسائل على شبكة فايسبوك ومكالمات بين مجموعة من الأشخاص تخطط للقيام بعملية دهس بسيارة و اعتداء على المواطنين في لندن. لكن أجهزة الشرطة لم تقم باستباق الحادث. وتعالت الانتقادات من قبل السياسيين و أجهزة الإعلام منددة بالإخلال في عمل الشرطة و المخابرات خاصة بعد أن ثبت أن الانتحاري الذي قام بهجوم مانشستر كان معروفا لدى الشرطة وأن أحد أصدقائه قام بإعلام الشرطة عن نواياه الإرهابية.

تأتي هذه الانتقادات في جو الحملة الانتخابية للتشريعية السابقة لأوانها التي دعت إليها تيريزا ماي في محاولة للحصول على أغلبية مريحة تمكنها من تخطي عقبات التفاوض في شأن «البريكسيت». لكن بعد عملية مانشستر سجلت عمليات سبر الآراء تراجعا واضحا لحظوظ حزب المحافظين يهدد جديا إمكانية حصوله على أغلبية في مجلس العموم. و يعتبر الملاحظون أن تعدد الانتقادات، خاصة المتعلقة بمراقبة أنترنت التي رفضها جزء هام من الرأي العام، يمكن أن تؤثر سلبا في نتائج الانتخابات يوم الخميس المقبل وذلك بعد أن ارتفعت أسهم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115