المحلل السياسي اليمني باسم الحكيمي لـ«المغرب»: «المشهد الإنساني المتدهور في اليمن يأتي نتيجة طول الأزمة وعدم حسم المعركة»

قال الكاتب اليمني باسم الحكيمي لـ«المغرب» انّ المشهد السياسي والأمني في اليمن يشهد ارتباكا وغموضا نتيجة تعنت طرفي النزاع وتداخل اطراف دولية في الصراع الداخلي. وأشار الحكيمي الى ضرورة

الاسراع في حسم المعركة لان التلكؤ فيها يجعل البلاد ساحة للاستقطاب والتجاذبات الاقليمية ويزيد من بشاعة الكارثة الانسانية التي يعيشها اليمنيون.

وباسم الحكيمي هو كاتب ومحلل سياسي يمني وناشط حقوقي وهو الناطق الرسمي لمنسقية الثورة اليمنية.

• اولا لو تقدمون لنا قراءتكم للمشهد السياسي والأمني الراهن في اليمن ؟
المشهد السياسي في اليمن يلفه الغموض هناك ارتباك في العملية السياسية، والمسار التفاوضي متوقف المبعوث الأممي احمد ولد الشيخ يحاول احداث اختراق في العملية السياسية قبل يومين كان في صنعاء في لقاء مع الانقلابيين في محاولة لإقناعهم بالعودة الى طاولة المفاوضات .
لكن كل المحاولات تفشل لأن التوازن العسكري الميداني انعكس على طاولة الحوار ، الطرفان متعنتان في مطالبهما وكل طرف يرفع سقف مطالبه .

• ماهي اسباب هذا الارتباك في المشهد السياسي ومن المسؤول عن تدهور الوضع في اليمن؟
المشهد متوقف نتيجة عدة اسباب يعود لعدم وضوح الرؤية من التحالف العربي والتلكؤ لحسم المعركة في اليمن هذا احد اسباب ضبابية المشهد الراهن في اليمن ، فعندما غابت الرؤية لحسم المعركة وغاب الترتيب لمرحلة مابعد الحسم تعكر الوضع سياسيا وشابته التناقضات والتباينات كما انّ وجود التناقضات والتباينات داخل التحالف العربي نفسه بين السعودية والإمارات العربية المتحدة جعل المشهد يزداد ضبابية على عكس ان تكون الاهداف واضحة وفق اسس التفاوض إلا انّ غياب هذا افرز وضعا معقدا .

تدهور الوضع في اليمن يتحمله الانقلابيون الذين انقلبوا على مجريات العملية السياسية كان هناك حوار وطني شامل كانت هناك وثيقة حوار شاملة اجمع عليها اليمنيون ستمثل طوق نجاة وخارطة تحول سياسي وديمقراطي في اليمن ، إلا انهم انقلبوا عليها وأجهضوا كل مساعي السلام التي كانت ستنقل البلاد نقلة نوعية في كل الاتجاهات وتحقن الدماء إلا ان الانقلابيين انقلبوا على كل ذلك ودمروا العملية السياسية وافرزوا هذا الواقع المشوه وهذا الدمار المريع .

ايضا هناك اطراف اخرى اقليمية والتحالف العربي علاوة على سوء الإدارة الشرعية في اليمن كلها تتحمل مسؤولية مايعانيه اليمن اليوم .

• ماذا عن الدور الأممي في اليمن هل يرتقي الى مستوى خطورة المشهد اليمني؟
للأسف الدور الأممي لم يرتق الى مستوى خطورة المشهد في اليمن الامم المتحدة لم تعد طرفا محايدا ،بل أصبحت تنحاز للطرف الانقلابي في كل تقاريرها عن المشهد هناك معلومات مضللة في تقاريرها . واضح من كل جولات التفاوض واضح ان الميليشيات الحوثية هي التي كانت تقوض الحوار لكننا لم نر ضغوطات اممية تفرض عليها.

هذا التماهي والتغاضي من قبل الامم المتحدة مع الانقلابيين كان بمثابة الضوء الاخضر لها للاستمرار في عربدتها وتدميرها للمشهد وتعنتها وفي رفع السقف السياسي والأمني في البلاد. التاريخ يقول انّ الامم المتحدة لا تحل الازمات انما هي متخصصة في ادارة الازمات وهذا ما نراه في كل المناطق التي تشهد صراعات.

فهي كمنظمة لا تقدم حلولا حقيقية لا ترفع تقارير ذات مصداقية الى مجلس الامن الاشارة الدولية تحمل كل طرف مسؤوليتها ، كما نرى في اليمن وفي كل جولات التفاوض التي انعقدت بين الانقلابيين والشرعية فان الامم المتحدة لم تكن واقعية في تقييمها وطرحها وذلكم بشهادة كل الاطراف الدولية فان الانقلابيين كانوا السبب في الانتهاكات الحاصلة إلا ان التقارير الاممية لم تكن بالقوة المطلوبة وبالمصداقية المطلوبة .

• ماذا عن المشهد الانساني في اليمن ووباء الكوليرا المنتشر ، هل بات اليمن السعيد اليمن قابعا بين تجاذبات سياسية داخلية وخارجية من جهة ومعضلة انسانية تفتك بأبنائه من جهة اخرى؟
نعم للأسف فالمشهد الانساني المتدهور يأتي نتيجة طول الازمة وعدم حسم المعركة وهو ما فاقم ظهور مشاكل الوضع الانساني ، فالدورة الاقتصادية توقفت بالكامل والاستثمار توقف بالإضافة الى انعدام الامور الاساسية وصعوبة توفير متطلبات العيش الكريم ، كما تراكمت القمامة وظهرت الاوبئة والأمراض وهو نتيجة طبيعية لإطالة امد الحرب . وهنا الكل يتحمل المسؤولية لكن بنسب متفاوتة اولا الحوثيين باعتبار انهم سبب اندلاع الحرب في اليمن .

ثانيا الشرعية اليمنية تتحمل جزءا من المسؤولية لأنها لم تلتزم بدفع اجور الموظفين في المناطق المحررة وحتى في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وثالثا ان التحالف العربي يتحمل ايضا المسؤولية مسالة الاغاثة ودعم المناطق المنكوبة لا يتم بالسرعة والفعالية اللازمة وحتى امداد العائلات المنكوبة

طبعا نحن لانريد من المجتمع الدولي والأمم المتحدة ان تستغل الوضع الانساني لتمارس الضغوط على الشرعية اليمنية للقبول بتسوية سياسية مشوهة ، صحيح هناك كارثة انسانية في اليمن ينبغي انم لا يتم توظيف ذلك للتأثير على مجريات المشهد اليمني ـ بالتالي فان الوضع الانساني يجب ان يعالج بمعزل عن التسويات السياسية كما يجب ان لا يستخدم هذا الملف كورقة ضغط على الاطراف السياسية في اليمن .
الشيء الغريب ان الامم المتحدة المعنية بالوضع الانساني لم تتحمل مسؤولياتها ، علما ان تدخلها في الاغاثة مقارنة بالمساعدات التي تتسلمها نسبي وضئيل جدا.
فالأمم المتحدة تتسلم 2 مليار دولار من السعودية فأين اذن يتم توظيف الاموال ان لم تكن تستعمل في عمليات الانقاذ والإغاثة وتزويد الشعب اليمني بمستلزمات العيش؟

• اذن حسب رأيكم ما المطلوب اليوم لإخراج اليمن من معضلاتها السياسية والأمنية والإنسانية ؟
المطلوب هو الضغط من المجتمع الدولي ومجلس الامن والأمم المتحدة على الطرف الانقلابي الحوثي للعودة الى العملية السياسية وفقا لأسس ومرجعيات التفاوض المتّفق عليها وان ينسحب بميليشياته من المناطق التي يسيطر عليها وتعود الدولة الى ممارسة دورها .

ما لم يتم هذا وتكون هناك ضغوطات على الجانب الحوثي من قبل الامم المتحدة فان الانقلابيين سيستمرون في تعنتهم وستتزايد معضلات اليمن، بل وستطال دول الخليج وغيرها من الدول باعتبار ماتمثله اليمن من عمق استراتيجي للمنطقة برمتها.

على المجتمع الدولي ادراك خطورة مايحدث في اليمن الذي لايمكن ان يكون ساحة للاستقطابات الاقليمية والدولية باعتبار أن 30 بالمائة من انتاج النفط الدولي يمر عبر اليمن ،. اليمن ليست كسوريا وليست كليبيا بالتالي اي فوضى في اليمن ستؤثر على الاقتصاد العالمي باعتبار ان مضيق باب المندب يمثل شريان الاقتصاد الدولي . واي اثارة للفوضى وعدم ترتيب الوضع في اليمن وفق اسس وأبجديات التفاوض سيؤثر على السلم والأمن الدوليين لذلك لا مجال للمواربة والمساومة وألا فان اليمن سيبقى في وضع هش. لذلك لابد من سرعة حسم المعركة لان التلكؤ فيها يفتح الابواب امام اطراف دولية للتدخل وإطالة التناقضات والصراع في اليمن .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115