ليبيا: السراج ضحية الصراعات و التجاذبات وسيناريو إجباره على مغادرة طرابلس وارد

ما يميز فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عن غيره من الفرقاء انه لا ينتمي لأي قبيلة وهو سليل عائلة كانت مقربة من الملك الراحل ادريس السنوسي، علاوة على انه غير متحزب وهو اقرب الى القوى التقدمية وبعيد عن تيار الاسلام السياسي .لكن الظروف

هي التي رمت به بين المليشيات المسلحة ذات التوجه الإسلامي الراديكالي لسبب وحيد وهو سيطرة تلك المليشيات على العاصمة طرابلس وكان مجبرا بمجلسه الرئاسي الوليد ان يباشر أعماله من داخل طرابلس .
اللافت للنظر ان السراج لم يكن مرشحا من مجلس النواب ولا المؤتمر الوطني لرئاسة الرئاسي ، لكن أطرافا نافذة دولية واقليمية هي التي فرضت منحه منصب رئيس لرئاسي حكومة الوفاق وتبنت تلك الأطراف مبدأ حسن النية وبالذات حيادية الرجل وابتعاده عن الجهوية والقبلية .

لكن ما الذي حدث بعد دخول السراج لطرابلس في الثلاثين من مارس 2016 ؟وهل أسهمت دوافع اختياره ليكون رئيسا للرئاسي في حل الأزمة ؟
واضح وأن السراج بقي اسير جدران قاعدة ابو ستة البحرية ويمكن التأكيد ان تعداد زيارات السراج للخارج أضعاف أضعاف زياراته الداخلية التي تعد على الأصابع ،وعلى قلة تلك الزيارات الداخلية فإن اغلبها كانت فاشلة حيث تعرض في مناسبتين لمحاولة اغتيال فاشلة كما تمت محاصرة مقر إقامته عديد المرات أكثر من ذلك حدثت مناوشات بينه و بين أحد نوابه – فتحي المجبري – مما دفع بحراسه الى سحب اسلحتهم الفردية .وتواصلت متاعب السراج من خلال تعليق العضوية بالرئاسي لكل من عمر الاسود وعلي القطراني عضوي الرئاسي ثم استقالة نائب ثالث وهو موسى الكوني .

ضريبة التمسك بالحوار
صمد فائز السراج امام كل تلك الهزات وأكد مرارا و تكرارا ان الأزمة السياسية لا تحل إلا سلميا وبالحوار بين ابناء الوطن ، وحتى مناورات رئاسة مجلس النواب وقائد الكرامة لم تحبط عزمه وتجعله يتخلى عن الحوار ليتوصل اخيرا لإقناع قائد الكرامة بمقابلته والتوصل لاتفاق مشترك ينهي حالة الجفاء والخلاف، وكان اللقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ويجري ترتيب لقاء اخر في مصر .
ولئن رحب المجتمع الدولي بنتائج اجتماع ابو ظبي واعتبره علامة مضيئة في دهاليز نفق الازمة الليبية، فإن معارضة شديدة محلية ظهرت بمجرد تلاوة ما تمخض عن لقاء ابو ظبي وخاصة في الجانب المتعلق بالاعتراف بحفتر وجيشه والحديث الصريح عن نزع سلاح مليشيات طرابلس .

معارضة محلية تعاظمت وتوسعت بعد تصريح مثير للجدل اثر على لسان وزير خارجية الوفاق المفوض محمد طاهر سيالة حول احقية حفتر بقيادة الجيش ،خطورة ردود الافعال تكمن في انضمام المجلس الاعلى الدولة ورئيسه المحسوب على مصراته باعتبار الاعلى للدولة الذي جاء نتيجة الاتفاق السياسي شانه في ذلك شان المجلس الرئاسي المفروض ان تتوافق مواقفه مع الرئاسي لا أن يعرض ما يتخذه فائز السراج من خطوات

تطورات على الطريق
من ثمة وانطلاقا من توسع جبهة المعارضة للسراج وتقربه من حفتر جاءت مواجهات فجر الخميس الماضي في ابو سليم والهضبة بين الجماعات الموالية للسراج وأخرى تابعة لحكومة الانقاذ المدعومة من مليشيات مصراته والزاوية و غريان والخمس. وكشف القيادي بالإخوان اصلاح بادي عن اعلان عملية عسكرية جديدة تحت اسم فخر ليبا –وريثة فجر ليبيا من أجل اجبار السراج على مغادرة طرابلس، في حين اكدت مصادر أخرى بأن اندلاع المواجهات المسلحة لأعضاء المؤتمر الوطني الاسبق تخطط لاستعادة حكم طرابلس وفرض حكومة خليفة الغويل ،وهكذا يعيد التاريخ نفسه فعند الإختلاف والانشقاق في مجلس النواب يوم 4 أوت 2014 تم تشكيل فجر ليبيا بأغلب مليشيات مصراته ، واعادة المؤتمر الوطني لمباشرة اعماله .وبدوره قام المؤتمر بإنشاء حكومة الانقاذ برئاسة عمر الحاسي والآن هاهو تنظيم جديد لا يختلف في مكوناته عن فجر ليبيا ومهمته اخراج الرئاسي و السراج بالذات لتفرض حكومة الانقاذ امرا واقعا جديدا وبقوة السلاح .

ديبورا جونز تنصح السراج
في حوار مطول مع إحدى الفضائيات المحلية الليبية ذكرت السفيرة الأمريكية السابقة لدى ليبيا ديبورا جونز انها لن تقدم نصائح للرئيس دونالد ترامب في خصوص الملف الليبي، ولكنها ستضع تجربتها كسفيرة بلادها لدى طرابلس لفائز السراج قبل لقائه ترامب.
واضافت ديبورا بان السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ليبيا لم تحدد ملامحها بعد لكنها استدركت وأكدت ان إدارة ترامب لها وجهة راي ونظر مختلفة عن إدارة اوباما وبعثة الامم المتحدة للدعم لدى ليبيا ،إذ ترى إدارة البيت الابيض انه من الأجدر الانطلاق بحوار الأمنيين والعسكريين الذين يسيطرون على الميدان ثم بعد حصول توافق بينهم يتم الشروع في حوار السياسيين .
ويرى مراقبون لمسار التسوية السياسية المتعثرة ان وجهة النظر تلك واقعية سيما بعد حالة الجمود التي تردى اليها مسار التسوية السلمية ،زد الى ذلك الاتفاق السياسي نفسه عرقلت تنفيذه رئاسة مجلس النواب بسبب المادة الثامنة والمرتبطة بالجانب الأمني والعسكري .

و انطلاقا من هذا تحاول بعثة الأمم المتحدة الآن التدارك وجمع العسكريين من كل اقاليم ليبيا من أجل جيش موحد وتحت سلطة مدنية ،وقد تم قطع خطوات مهمة في المسار العسكري بدايتها كانت بلقاء السراج وحفتر وتشكيل لجان عسكرية من الجانبين للتوافق حول توحيد الجيش.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115