الباحث في العلاقات الدولية طلال عتريسي لـ «المغرب»: المساران السياسي والعسكري سيتواصلان في سوريا في انتظار بلورة الرؤية الامريكية

اعتبر الباحث الاستراتيجي اللبناني د. طلال عتريسي ان القصف الاسرائيلي لموقع عسكري قرب مطار دمشق الدولي هو نوع من تأكيد قدرة الردع الاسرائيلية لكن في حقل بعيد عن الحدود

اللبنانية. واستبعد استاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية والباحث في عدة مراكز ابحاث ومعاهد دولية حدوث تصعيد عسكري اسرائيلي سوري او من جانب حزب الله واسرائيل خصوصا ان «اسرائيل» اختارت مكانا لا يقع ضمن المحيط الاقليمي لحزب الله . وفيما يتعلق بمآلات الازمة السورية في ظل الوضع الاقليمي المتفجر اكد انه ليس هناك ما يؤشر الى نهاية المسار العسكري وانتصار المسار السياسي بشكل نهائي خاصة ان الولايات المتحدة لم تبلور نهائيا ماذا تريد من سوريا على حد قوله.

• قراءتكم للضربة الاسرائيلية الجديدة على دمشق ودلالاتها؟
ليست المرة الاولى التي تقصف فيها «اسرائيل» مراكز محددة في دمشق وغالبا لا يحصل أي تبرير من الجانب الاسرائيلي وفي بعض المرات يقال بانها قصفت شاحنات تنقل السلاح الى حزب الله او شيء من هذا القبيل. لكن في حقيقة الامر يمكن ان نستنتج بان هذا القصف يعني تناغما وتطابقا مع الرؤية الامريكية لما يجري في سوريا وهي استكمال للقصف الامريكي الذي حصل قبل ايام قليلة اسبوع او اسبوعين.

ثانيا، «اسرائيل» تريد ان تقول من هذه العمليات من حين الى آخر انها شريكة في الملف السوري بمعنى ان أي حل في سوريا يجب ان يأخذ بالاعتبار المخاوف الاسرائيلية والمصالح ،ومن ذلك على سبيل المثال ان لا يكون هناك وجود لحزب الله او مقاتلين من ايران في القنيطرة في منطقة الجولان المحتل .

ايضا في أي حل سياسي يمكن ان يحصل في سوريا يجب ان يؤخذ الدور الاسرائيلي الذي يحاول اضعاف الموقف الرسمي السوري ويجعل المجموعات المسلحة في وضع افضل خصوصا ان القصف اكثر من مرة حصل في وقت تراجع المجموعات المسلحة وتحقيق انجازات للجيش السوري . بهذا المعنى تكون «اسرائيل» قد قدمت خدمة عسكرية ومعنوية للمجموعات المسلحة يجب ان تحصل على ثمنها لاحقا من حيث تكون «اسرائيل» ايضا ضمن القوى الاقليمية التي تمارس دورا في الميدان السوري.

رابعا، هذا الامر بالنسبة الى رئيس الحكومة الاسرائيلية يقوي وضعه في الداخل خاصة بعد النقاشات التي حصلت حول نقل مفاعل ديمونا الى مكان آخر وتهديدات حزب الله بقصف المفاعل وانتقاد رئيس الحكومة الاسرائيلي لانه لم يأخذ بالاعتبار هذه التهديدات. فهذا القصف هو نوع من تأكيد قدرة الردع الاسرائيلية لكن في حقل بعيد عن الحدود اللبنانية.

في المحصلة لا يعني اننا سنشهد تصعيدا عسكريا اسرائيليا سوريا او من جانب حزب الله واسرائيل ليس هناك مؤشرات اننا سنذهب الى تصعيد عسكري خصوصا ان «اسرائيل» اختارت مكانا لا يقع ضمن المحيط الاقليمي لحزب الله مثل الحدود في جنوب لبنان او عملية ضد شخصية عسكرية من حزب الله لهذا السبب اعتقد ان الرد سيكون باستمرار العمل العسكري في سوريا ضد المجموعات المسلحة ولن يحصل أي توتر مباشر مع الكيان الاسرائيلي.

• وكيف تقرؤون مستجدات الوضع السوري في ظل المتغيرات الجديدة ومنها الاستفتاء التركي وتزايد نفوذ اردوغان؟
الوضع التركي يختلف عن الوضع الاسرائيلي لان تركيا هي الطرف الاكثر نفوذا على المجموعات المسلحة في الداخل السوري ،وباعتراف الكثير من الشخصيات الغربية وحتى الامريكية بأنها مصدر الدعم الاساسي حتى لتنظيم داعش وجبهة النصرة ،حيث ينقل عبر اراضيها كل انواع الاسلحة والمقاتلين الى سوريا وهذا يعطي لتركيا نفوذا ميدانيا اخذته روسيا وإيران بعين الاعتبار وجعلت انقرة شريكا في وقف اطلاق النار الشامل وفي المفاوضات السياسية حول سوريا.

من جهة ثانية هناك المخاوف التركية من المشروع الكردي في سوريا الذي يمكن ان يؤثر على المشروع الكردي في تركيا . وهي مخاوف مبررة بالنسبة لروسيا وايران، ودخول تركيا العسكري الى سوريا كان بهذا الهدف والعملية العسكرية ايضا كانت تحت هذا العنوان لكن في الوقت نفسه تركيا وبحسب تصريحات اردوغان ومسؤولين آخرين لن تكتفي بمحاربة المشروع الكردي اذ لديها طموحات كبيرة وواسعة في استمرار هيمنتها وتمدد الهيمنة التركية واستعادة النفوذ العثماني السابق ومد النفوذ الى سوريا والعراق . وهذا يجعلها في تعارض مع ايران بشكل مباشر والنظام في سوريا وحتى الرؤية الروسية للمنطقة . لهذا السبب الوضع التركي في حالة مد وجزر ففيما يتعلق بالتعاون مع روسيا وايران ، هناك اختلاف من جهة وخوف من المشروع التركي من جهة اخرى وعدم قبول بالوجود العسكري التركي في سوريا .ومحاولات لمنع تركيا من التمدد الى العراق فالعلاقة معقدة مع تركيا ولا تسير وفق نسق واحد من التفاهم او الاختلاف .

• في خضم كل هذا الدمار، هل ما زال الحديث ممكنا عن حل سياسي للازمة السورية؟ وماذا عن نتائج لقاء عادل الجبير وسيرغي لافروف؟
كل الاطراف الاقليمية وحتى الدولية تعترف وتقرّ علنا بان الحل يجب ان يكون سياسيا في سوريا حتى الولايات المتحدة الامريكية في عهد ترامب تتحدث عن حل سياسي في سوريا وهذا امر حقيقي وواقعي. يعني بعد تجربة ست سنوات من الحرب لم تتمكن الاطراف المعارضة من اسقاط النظام ، وفي نفس الوقت ليس هناك امكانية للقضاء على المجموعات المسلحة وافشال المشروع الاقليمي الدولي في سوريا. اذ هناك اعتراف بالحل السياسي ولكن هناك ختلاف حول كيفيته ولا يزال قائما بين الرؤى التركية من جهة والمصالح التي اشرنا اليها وبين الرؤية الامريكية -التي لغاية الان- لم تبلور ماذا تريد من سوريا وكيف تريد ان يكون الحل . في حين ان الرؤية الايرانية الروسية متقاربة وتتمثل بقاء النظام واشراك المجموعات المعارضة السياسية في الحكم . وبرايي كمحصلة ان المسار السياسي سيستمر الى جانب المسار العسكري وليس هناك ما يؤشر الى نهاية المسار العسكري وانتصار المسار السياسي بشكل نهائي خاصة ان الولايات المتحدة لم تبلور نهائيا ماذا تريد من سوريا. ولا يمكن ان ينجز الحل السياسي من خلال تركيا وروسيا وايران فقط لان الولايات المتحدة الامريكية حتى بالنسبة للروس يجب ان تكون حاضرة وشريكا. وواشنطن لن تقبل بتمرير أي حل سياسي اذا لم تكن شريكة في الحل ...

وفي ظل غياب بلورة أي حل في سوريا هذا يعني اننا سنشهد المزيد من القتال وفي الوقت نفسه المزيد من الاجتماعات لدفع العملية السياسية ..يعني لا نهاية للعملية السياسية ولا وقف للعمليات العسكرية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115