الكاتب والمحلل السياسي العراقي زياد وليد لـ«المغرب»: «الضربة الأمريكيّة تحمل رسائل أكثر منها إجراء حسم على الأرض»

قال الكاتب العراقي زياد وليد لـ«المغرب» أن الضربة الأمريكية التي استهدف مطارا عسكريا في سوريا تحمل رسالة الى كوريا الشمالية وإيران وبقية دول العالم بأن امريكا ستستخدم القوة دون الرجوع الى الامم المتحدة في حال قررت هي ذلك.

وأضاف المحلل السياسي العراقي انّ إضعاف القدرة العسكرية للنظام لن تؤدي سريعا وحتميا الى زوال نظام الأسد، نتيجة امتلاكه مناطق قوة مصدرها الحرب الأهلية والإصطفاف الطائفي في المنطقة.

لو تقدمون لنا قراءتكم للضربة الامريكية في سوريا؟
لا شك إن الضربة الصاروخية الامريكية على المطار السوري العسكري تُمثل نقلة نوعية في التعامل الامريكي مع القضية السورية. وتتسق هذه النقلة مع إنتقال إدارة البيت الأبيض من اوباما الى ترامب.
تُفسر هذه الهجمة برأيي على إنها رسائل أكثر منها إجراء حسم على الأرض. رسالة الى الداخل الامريكي تتسق مع الخطاب الانتخابي العنجهي لترامب، تؤكد بإننا نفعل ما نقول. رسالة الى الحلفاء في الشرق الأوسط تُخبرهم بأن التعامل قد إختلف واقعاً وعلى الأرض. رسالة الى كوريا الشمالية وإيران وبقية دول العالم بأن امريكا ستستخدم القوة دون الرجوع الى الامم المتحدة في حال قررت هي ذلك.

هل ستؤثر هذه الخطوة الامريكية على توازنات وتحالفات المنطقة العربية ؟
التحالفات هي قضية شابها الغموض بسبب غموض موقف ترامب نفسه من بشار الأسد، وتقربه من بوتين، وتركيزه على الحرب على الإرهاب ومخاوف الحلفاء من ترك الساحة السورية لروسيا ونظام الأسد. اما الآن، وبعد الهجمة الصاروخية المدوية قد تترسخ التحالفات السابقة أكثر، نافيةً حدوث إنقلابات في بُنية تلك التحالفات.

أعتقد إن قطار تدمير الدولة السورية والجيش السوري لم يتوقف الى الآن، ودخول روسيا في حلبة الصراع لم يحل الأزمة، فقط أعطى زخماً عسكرياً للنظام، وإتضح ذلك من خلال تقدم الجيش السوري في مواقع كثيرة. كذلك هو التدخل الأمريكي الآن، لن يحل الأزمة بقدر ما يزيدها تعقيداً. إن إضعاف القدرة العسكرية للنظام لن يؤدي سريعاً وحتمياً الى زوال نظام الأسد، فللنظام معاقل ومناطق قوة مصدرها الحرب الأهلية والإصطفاف الطائفي في المنطقة.

كيف ترون مستقبل المعادلة السورية في ظل هذه المتغيرات المتسارعة ؟
المستقبل القريب رهن القرارات العسكرية والسياسية التي سيتخذها النظام وحلفاؤه رداً على هذه الهجمة، تصعيدية كانت ام للتهدئة، والتي ستنعكس من الأرض على الموقف من المحادثات المُقبلة.

من المستفيد برأيكم من التطور الاخير في سوريا ؟
يؤسفني أن أقول إن الجميع مُستفيد، والخاسر الوحيد هو الشعب السوري. إن مئة فرد من الشعب السوري راحوا ضحية القصف بغاز السارين، لم يكونوا الا تكملةً للضحايا السابقين، نصف مليون تقريباً بحسب التقارير.
إسرائيل وتركيا والسعودية وبقية دول الخليج أبدوا ترحيبهم الحار للهجمة. كذلك ألمانيا وفرنسا، مع موقف صيني باهت، وتحفظ روسي ايراني. مجموعة المرحبين لها مصالح مختلفة، بين رغبة بالتخريب، ورغبة بالتغيير، ورغبة بالتقسيم وتوسع النفوذ.
مجموعة الرافضين، روسيا مثلاً بالرغم من هذا الإستفزاز العالي، ستُمثّل لها الهجمة شرعية دولية للتدخل السابق واللاحق. كذلك النظام سُتزيد الضربة من قدرته على التحشيد والخطاب المُحفز داخلياً، بالرغم من بوادر التضييق الدولي عليه.

برأيكم هل ندخل مرحلة صدام روسي امريكي مباشر في سوريا ؟
الأخبار تُشير الى أن القصف الامريكي وقع بعد أن تم إخطار الروس بذلك. وهذا يوضح النوايا الامريكية والروسية الدائمة بعدم رغبتهما بصدام مباشر. إذ جرت العادة في السنوات السابقة أن يتنافس المتنافسون في الشرق الأوسط والمشرق العربي (الهلال الخصيب خصوصاً) من خلال اللاعبين الصغار على الأرض، وبتحريك من الكبار الذين يجلسون في مباحثات لحل أزمة الصغار الذين هم يدعمون صراعهم !
الروس يُصعدون في مجلس الأمن، ويصرحون بفك التوافق مع الاميركان في الجو السوري، وتلك تصريحات خطيرة. لكن برأيي، بحسب التجربة الممتدة منذ سنوات، لن يكون هناك صدام مباشر.

حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115