بعد القصف الأمريكي لقاعدة سورية: هل غيّر دونالد ترامب موقفه من النظام السوري؟

أخيرا نفذ الطيران الأمريكي، يوم الخميس 6 أفريل، ما هدد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقيامه بإطلاق 60 صاروخا من نوع طوماهوك ضد قاعدة سورية تعتقد القوات الأمريكية أنها كانت منطلق الطيران السوري. في نفس الوقت الذي كان الطيران الأمريكي يقصف فيه سوريا استقبل

دونالد ترامب في فلوريدا الرئيس الصيني شي جي بيتغ في قمة هي الأولى من نوعها بعد دخوله البيت الأبيض. أما فلاديمير بوتين فقد استقبل في موسكو الرئيس الإيراني حسن روحاني لدراسة الوضع في سوريا في حين رفع ممثله في مجلس الأمن إمكانية استعمال الفيتو ضد قرار يدين سوريا معللا موقف موسكو بأن سوريا أنكرت استخدامها لقنابل الغاز وأن الموقف لا بد أن يتخذ بعد تحقيق مستقل و محايد.

هذا «الباليه» الدبلوماسي يضع الإطار السياسي الذي اتخذ فيه دونالد ترامب قرار قصف سوريا في غياب تفويض من مجلس الأمن. وهو ما يعتقده المحللون تغييرا في الموقف الأمريكي بعد أن كرر دونالد ترامب خلال حملته الإنتخابية أن الحل السياسي في سوريا يمر عبر التخلص من تنظيم داعش و الحوار مع نظام بشار الأسد. و عبرت باريس، التي كانت في طليعة المنادين بتدخل عسكري في سوريا، عن ارتياحها للضربة و اعتبر وزير خارجيتها جون مارك آيرو أن القصف يعتبر «تنديدا» و «إشارة واضحة و تحذيرا» لبشار الأسد. و ساندت لندن و تل أبيب و الرياض الموقف الأمريكي في حين اعتبره فلاديمير بوتين «إعتداء على سيادة دولة» مستقلة. و «ندد بشدة» ناطق باسم الخارجية الإيراني القصف الأمريكي معتبرا أن «مثل هذه الإجراءات تقوي الإرهاب في سوريا و تعقد الوضع في سوريا و في المنطقة».

تدخل عسكري على الأرض
هل غيرت الولايات المتحدة فعلا موقفها من النظام السوري؟ موقف دونالد ترامب الداعي لحل سياسي للأزمة السورية صاحبه منذ البداية موقف عسكري واضح تجسم، خلافا لما قامت به الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما، في تكوين جبهة عسكرية تضم أكراد سوريا و القوى السورية المقاومة لبشار الأسد و المنضوية تحت راية «التحالف العربي» في سيناريو للقضاء على تنظيم داعش في مدينة الرقة. وأرسل البنتاغون في هذا الإطار معدات عسكرية حاملة العلم الأمريكي كما فعل بالنسبة لمعركة الموصل في العراق. و جند البنتاغون أيضا 300 جندي من القوات الخاصة للمشاركة على الأرض في تأطير المقاتلين وتطويق مدينة الرقة.

الهدف من هذا التغيير في الموقف الأمريكي الحاصل منذ دخول دونالد ترامب البيت الأبيض هو فرض حل تفاوضي شامل على الأرض بدعم القوى المعارضة في السيطرة على مناطق «آمنة» تكون عملة قوية للتفاوض على حل سياسي علما أن النظام السوري الهش تدعمه روسيا و إيران. و نجحت هذه القوى نسبيا في التحكم في الطرق المؤدية إلى الرقة. أما باقي المناطق التي لا يسيطر عليها النظام السوري فهي باقية تحت سيطرة الجيش التركي على الحدود مع سوريا و قوى جبهة النصرة و تنظيم القاعدة في مدينة إدلب و ضواحيها. و اتضح من عقيدة البنتاغون في المنطقة أن التواجد على الأرض يفرض معادلة جديدة في التفاوض و أن الولايات المتحدة التي تعمل على محاصرة النظام الإيراني لا يمكن لها أن تكون فاعلة بدون قوى عسكرية موالية لها على أرض القتال. وهو ما يخطط له البيت البيض منذ شهرين. و يأتي قصف القاعدة السورية في إطار استرجاع الولايات المتحدة زمام الأمور بعد أن أعادت الصلة مع المملكة العربية السعودية و ضمت الماريشال السيسي للتحالف الجديد.

معادلة جديدة في المنطقة
شكلت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن حلقة حاسمة في إعادة ترتيب التحالفات في منطقة الشرق الأوسط. و كان السيسي قد قابل دونالد ترامب في شهر سبتمبر 2016 خلال حملته الإنتخابية مشيرا بذلك الى عدم مساندته هيلاري كلينتن خليفة باراك أوباما الذي رفض ملاقاته وعمل على دعم الإخوان المسلمين في استراتيجية الحزب الديمقراطي إرساء نظم عربية تحت سيطرة الإخوان. و إن لم يصنف البيت الأبيض حركة الإخوان كتنظيم إرهابي على غرار مصر و المملكة العربية السعودية فإن الإدارة الأمريكية الجديدة «استمعت» إلى وجهة نظر مصر. و قررت دعم نظام السيسي في معركة ضد الإرهاب وهو ما يشمل منطقيا تنظيم داعش في سيناء و حركة الإخوان في باقي التراب المصري.

الموقف الأمريكي الرامي إلى دعم «الحلفاء التقليديين» في المنطقة و القضاء على تنظيم داعش في سوريا و العراق يواجه وضعا معقدا تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية لإيران و روسيا. و تأتي عملية القصف الأمريكي في سوريا لتطلق إشارة بأن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتخلى عن مصالحها في المنطقة بسهولة وأن دونالد ترامب لن تكون له سياسة مرنة ضد إيران.من جهة أخرى، و على الصعيد الداخلي الأمريكي، واجه ترامب انتقادات حادة في مسألة علاقته بروسيا خلال الحملة الإنتخابية مما أدى بالشرطة الفيدرالية إلى فتح تحقيق في الموضوع. الإقدام على قصف سوريا و «الحصول» على تنديد روسي يهدد بـ«إحداث ضرر عميق» للعلاقات الروسية الأمريكية خدم مباشرة موقفه و جمع حوله مساندة الكونغرس بشقيه الجمهوري والديمقراطي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115