خبراء عرب يتحدثون لـ«المغرب» عن الضربة الامريكية في سوريا: بين الهروب الأمريكي من الضغوطات الداخلية .. والضربة المتوقعة بعد مجزرة «خان شيخون» .. والعدوان السافر على سيادة سوريا

اثارت الضربة الجوية الامريكية المفاجئة في سوريا قراءات متباينة الاولى تؤيد التحرك الامريكي وتدعو لتدويل هذه الحملة العسكرية في حين اعتبر شقّ اخر الضربة عدوانا سافرا ضدّ سوريا يخدم مصالح «إسرائيل» في المنطقة الشرق الأوسطية وينسف جهود الحل السياسي المستمرّة منذ سنوات.

«المغرب» استقت اراء خبراء ومحللين عرب لفهم ابعاد هذه الخطوة الامريكية وتأثيراتها على سوريا والمنطقة العربية بصفة عامة.

فوزي عبد الرحيم الكاتب العراقي المختص في الشأن الامريكي
«ضربة استعراضية لتجاوز الضغوطات على ترامب وإرضاء الممول السعودي»
اكد الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشؤون الامريكية فوزي عبد الرحيم لـ«المغرب» انّ المعلومات غير دقيقة وواضحة عن الاهداف التي استهدفتها الضربة الجوية ، مشيرا الى ان دونالد ترامب واقع تحت ضغوط من أجل توجيه ضربة للنظام السوري. وأضاف

محدّثنا ان الضربة محدودة ولا تأثير عسكري أو ميداني لها وإنما تأتي لإرضاء بعض القوى الامريكية والممول السعودي.

وتابع عبد الرحيم ان الضربة جاءت لإرضاء فئات في المؤسسة الحاكمة في واشنطن واثبات جدية ومصداقية دونالد ترامب وهو مايدل عليه عدم القيام بتحقيق أو انتظار بعض الوقت للتأكد من الجهة التي استخدمت الكيميائي وظروف ماحصل في خان شيخون.وأوضح الكاتب العراقي ان هذه الضربة توضح حدود القوة الأمريكية في سوريا بل وحتى الشرق الاوسط عامة ، وهو مايظهر تراجع دورها الشرق اوسطي .

وعن رد فعل حلفاء سوريا اجاب محدّثنا ان الروس سوف يتصرفون بهدوء لأنهم يدركون حدود القوة الأمريكية بسوريا وظروف ترامب الداخلية التي اضطرته لهذه الضربة الاستعراضيّة،معتبرا ان سوريا الان مكان خطر للجميع ولذلك فان جميع الأطراف ستتصرّف بحذر . واشار عبد الرحيم ان «الولايات المتحدة لا تملك العديد من الأوراق في سوريا عدا الاكراد ، وأي تجاوز للحدود خطر جدا،وأظن أن الضربة هي برسم السعودية ، بمعنى هي لإرضاء دول الخليج وعلى رأسها السعودية ، وكل ذا يعني ان ترامب لن يذهب بعيدا في سوريا». واكّد محدّثنا ان الحليف التركي لم يعد متحمسا جدا لضرب النظام السوري لأنه يهتم بتحالفه الجديد مع روسيا،كما أنه من الواضح أن بدلاء الاسد حاليا هم القاعدة و«داعش» وحلفاؤهم بمسميات مختلفة،وان التيارات السورية المعارضه غير الإسلامية لا تشكل بديلا للأسد وفق تعبيره.

وعن تاثيرات الحملة العسكرية على الداخل السوري قال أنها» لن تغير ميزان القوى الذي هو لصالح الاسد وحلفائه الروس والإيرانيين خصوصا أن أهم حليف لأمريكا في سوريا- وهو تركيا -يقف على الضد من تحالف الامريكان مع الاكراد وهو الآن لم يعد لديه الأولويات القديمة ضد النظام في دمشق».

حمزة الخنسا كاتب ومحلل سياسي لبناني
«هذا الاعتداء السافر ستستفيد منه الجماعات الارهابية واسرائيل على السواء»
قال الكاتب اللبناني حمزة الخنسا في تصريح لـ«المغرب» انّ الضربة الامريكية عدوان سافر ضد سوريا بوصفها العمود الفقري لمحور المقاومة في مواجهة الارهابَين الإسرائيلي والتكفيري. واشار الخنسا ان استهداف مطار الشعيرات الواقع جنوب شرق حمص ويعتبر من اهم مطارات المنطقة الوسطى في سوريا ، جاء في هذا السياق.

واكد الخنسا ان مطار الشعيرات يقع على عاتقه الجهد العسكري الأكبر في الحرب على “داعش” في تدمر ومهين والقريتين والمناطق القريبة منهما، ويقدم مساعدة جوية مهمة لمدينة دير الزور شرقي البلاد ، بالإضافة الى ماتتوفر فيه من أنظمة للدفاع الجوي استخدمها الجيش السوري مؤخرا عندما استهدف الطائرات الإسرائيلية التي اغارت على مواقع الجيش قرب تدمر نهاية مارس الماضي. وفق تعبيره. متابعا ان المطار يقع في منطقة آمنة نسبياً، ولم تتمكن التنظيمات الإرهابية من الوصول إليه أو تهديد محيطه طوال السنوات الماضية.

واضاف محدّثنا ان “اعتداء كهذا تستفيد منه الجماعات الارهابية واسرائيل على السواء. لكنه في المباشر لن يؤثر على سير المعارك على الارض نظراً لتمكن دمشق من تحييد معظم الانظمة والطائرات الحديثة من المطار قبل تعرضه للعدوان”.

وأشار الى انّ هذا العدوان يوجه أيضا رسالة إلى موسكو الّتي أسهمت بشكل كبير في تحديث المطار وتجهيزه بمنظومات جوية متطورة. فضلا عمّا يعنيه الاعتداء الامريكي على سوريا في ظل وجود فعال ومؤثر لروسيا على الارض على حدّ تعبيره .وعن تداعيات هذه الضربة قال محدّثنا ان تداعيات العدوان ستظهر تباعا على المساعي السياسية المتصلة بالأزمة السورية، خصوصا في مساعي جنيف لإطلاق مسار الحل السياسي، كما سيؤثر سلبا على علاقات واشنطن مع موسكو التي كانت تسير بين الاشواك.

وتابع “في شقه الداخلي الامريكي، اتى العدوان ليخدم صورة ترامب في الداخل. هذه الصورة التي رسمها لنفسه على انه الرئيس الحازم الذي لا يهادن من يصفهم بالارهابيين بخلاف سلفه اوباما ، والاعتداء اتي ايضا لتنفيس الضغط الداخلي الذي تعرضت ادارة ترامب بعد حادثة خان شيخون. لكن الاهم في الامر ان ترامب اعلن بنفسه ان العدوان الاخير على سوريا هو محدود ولن تكون له حلقات اخرى، ما يعني ان الهدف الذي يبتغيه ترامب من العدوان قد تحقق”.

د.عامر السبايلة الخبير الاردني المختص في الشؤون الاستراتيجية
«خطوة غير مفاجئة خاصة بعد مجزرة خان شيخون»
قال د.عامر السبايلة الخبير الاردني المختص في الشؤون الاستراتيجية لـ»المغرب» انّ انتقال الادارة الامريكية الى مرحلة شن هجوم عسكري على سوريا لم يكن امرا مستبعدا ، خصوصاً بعد التسريع الامريكي الاخير وتبني موقف تصعيدي تجاه سوريا في اليومين الاخيرين على خلفية مجزرة خان شيخون.

وتابع السبايلة ‘’ان اي قراءة متأنية لطبيعة التحرك الامريكي تشير بوضوح ان موقف الادارة الامريكية مرتبط بأجندة سياسية وأهداف ترغب الادارة الامريكية بتحقيقها، و ليست كما تبدو الامور بانها انقلاب مفاجئ في المواقف مرتبط بحدث معين كالحديث عن تغير موقف الرئيس بعد رؤيته لصور المجزرة الاخيرة في سوريا ، فالتحليل المنطقي يشير ان التحرك الامريكي الخارجي قد يكون في جوهره هروباً من ضغوط داخلية».

واكد محدّثنا ان حجم الضغوطات التي تتعرض لها ادارة ترامب في الداخل الامريكي يفوق اي تصور ، مضيفا ان اتهام هذه الادارة بالتواطؤ مع روسيا كان له الاثر الاكبر في تبني فكرة التصعيد الامريكي خصوصاً في سوريا، بحيث تظهر ادارة ترامب على انها تواجه روسيا وتصطدم بسياساتها مما يمكن ترامب وفريقه من الرد على كافة الاتهامات و دحضها بعد ان بدأت هذه الاتهامات بالإطاحة بأفراد ادارة ترامب واحداً تلو الاخر حيث وصلت الامور الى زوج ابنته كوشنير على حدّ تعبيره .

واشار الكاتب الاردني الى ان هذا التحرك العسكري المحدود في سوريا يبدو كافياً لإعطاء الانطباع ان ترامب في حالة مواجهة مع موسكو لا بل يقوم بضرب مصالحها ويعيد فرض وجود الولايات المتحدة مجدداً في المنطقة على عكس كافة الاتهامات التي تسوق تماهي ادارته وانسياقها وراء موسكو.وأضاف ان الحديث عن العمل العسكري في سوريا يهيئ الجميع فعلياً الى تواجد عسكري امريكي في سوريا، و هو امر تعمل الولايات المتحد عليه منذ شهرين تقريبا، لا بل تجري الاستعدادات له على قدم وساق، مؤكّدا ان ادارة ترامب اتخذت قرارا بضرورة ان يكون تحرير الرقة من قبضة “داعش” بوابة عبور للرئيس الامريكي نحو نسف صورة الادارة الامريكية السابقة غير القادرة على محاربة الارهاب وتؤسس للإعلان عن وجود امريكي في سوريا.واضاف السبايلة ان الضربة العسكرية الامريكية لسوريا هي ضربة محدودة لكنها ضربة لها رمزية كبيرة، فهي تشير ان الولايات المتحدة باتت حاضرة و راغبة بالتدخل بصفة فعلية.

الكاتب السوري صلاح بدر الدين
«أقصر الطرق لحماية السوريين هو اسقاط نظام الأسد»
قال الكاتب السوري صلاح بدر الدين في تصريح لـ»المغرب» انّ موقف ادارة الرئيس ترامب حتى الأمس القريب لم يكن واضحا عما اذا كان سيحذو حذو سلفه أم سينحو دربا آخر ، مشيرا الى ان مذبحة خان شيخون الاجرامية أيقظت كما يبدو وحسب تصريحه ( ضميره ) واعلن ان سوريا ( مسؤوليتي ولم يبق هناك خطوط حمر ولن أقف مكتوف الأيدي بعد الآن ) .

وأشار الكاتب السوري الى ان الادارة الأمريكية في عهد أوباما تركت الساحة السورية لتفرد الروس الذين احتلوا البلاد وبنوا لهم قواعد عسكرية بحرية وبرية وقدموا ومازالوا جميع أنواع الدعم من عسكرية ومالية ودبلوماسية وسياسية لنظام الأسد وتحولوا الى قوة احتلال الى جانب حليفهم النظام الايراني كما يساهمون يوميا في قتل السوريين بذريعة ضرب الارهابيين . واضاف محدّثنا انّ” أقصر الطرق لحماية السوريين هو اسقاط نظام الأسد بكل مؤسساته العسكرية والأمنية والإدارية والحزبية وتفكيك قاعدته الاقتصادية والاجتماعية ولم يعد السوريون يؤمنون بجدوى المفاوضات مع النظام اما بعد سقوط النظام فستبدأ العملية السياسية الحقيقية من أجل اعادة البناء وإقامة النظام الوطني الديمقراطي وطرد المحتلين واستعادة السيادة وتفعيل الحوار بين المكونات والأطياف السورية لحل مختلف القضايا وفي المقدمة القضية الكردية السورية” .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115