بعد 6 سنوات من «ثورة» 25 جانفي: انقسام حاد في الوسط السياسي والشارع المصري بعد حرية مبارك

نفذت السلطات المصرية امس قرارا بالإفراج عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، غادر بموجبه المستشفي الذي كان يقيم فيه تحت الحراسة ، بعد 6 سنوات من السجن والمحاكمات . الافراج عن مبارك لاقى ردود

فعل متباينة في الوسط السياسي كما في الشارع المصري بين مؤيد للحكم لعدة اعتبارات ورافض له باعتبار ان الحكم لم يكن منصفا للمصريين .

ويأتي قرار الافراج عن مبارك بعد ان حكمت محكمة النقض المصرية قبل اسبوع ببراءته فيما يعرف بقضية قتل المتظاهرين خلال ثورة 2011 وايضا قضايا الفساد الاخرى التي اتهم فيها الى جانب ابنائه جمال وعلاء وعدد من وزراء حكوماته على امتداد 30 عاما من الحكم . وبعد الاطاحة به في جانفي 2011 ، عقب ثورة شعبية عارمة انهت 3 عقود من حكم مبارك لبلاد الفراعنة .

يشار الى ان مبارك ونجلاه علاء وجمال ورموز نظامه اتهموا بقتل 850 متظاهرا اثناء الثورة الشعبية التي اسقطت نظامه الذي اتسم بالدكتاتورية وشبهات الفساد . تم ايقافه في شهر افريل 2011 ثم مثل لاول مرة امام القضاء المصري في شهر اوت من نفس العام بتهم التواطؤ في قتل متظاهرين مناهضين له وبتهم الفساد. تعكرت حالته الصحية خلال فترة سجنه وحوكم اكثر من مرة وهو في مستشفى القوات المسلحة المصرية .

ويرى مراقبون ان المحاكمات التي طالت مبارك فقدت اهميتها سنة بعد أخرى، نتيجة التطورات الاخرى التي عاشت على وقعها مصر وأبرزها الاطاحة بالرئيس الاخواني محمد مرسي الذي تولى الحكم بعد اسقاط مبارك. وشهدت مصر فترة انتقالية حرجة انتهت بتولي الجيش زمام الحكم في البلاد تلاها انتخاب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي كرئيس للبلاد.

نال مبارك حكما في جوان 2012 بالسجن المؤبد 25 عاما بعد ادانته بالتواطؤ في قتل مئات المتظاهرين المناهضين له خلال ثورة 2011 وبالفساد ( صفقة بيع غاز طبيعي مصري لإسرائيل بأسعار اقل من السوق) وهو ماتم التراجع فيه وتبرئته الاسبوع الماضي.

«الاتهامات السياسية والشعبية ستبقى قائمة»
في هذا السياق قال طارق فهمي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في حديث هاتفي لـ«المغرب» ان الاتهامات السياسية والشعبية ستبقى قائمة في حق الرئيس الاسبق حسني مبارك رغم صدور حكم قضائي بتبرئته .

وأشار فهمي الى ان الاتهامات في هذه المرحلة ستكون سياسية لمحاسبته على ما ارتكبه في حق المصريين خلال أكثر من 30 عاما من الحكم، مضيفا انه كانت هناك مطالبة بإعادة محاكمة الرئيس في عدة قضايا تم توجيها اليه في مراحل معينة .

واكد محدثنا ان مبارك ادين فعلا في قضيتين وقضى مدة القضية التي حوكم فيها سواء المتعلقة باستغلال النفوذ او تبديد الاموال. وأضاف فهمي ان السؤال المطروح اليوم في الشارع المصري بعد الافراج عن مبارك هو ماهو مصير المليارات التي سرقت وتم تهريبها والارصدة المالية في الداخل والخارج ؟.

وعن ردة الفعل في الشارع المصري عقب اطلاق سراح مبارك أكّد محدّثنا وجود تباين ازاء هذا الافراج بين مؤيدين من جهة ( وجود اكثر من حركة شعبية تؤيده باعتبار ان الرجل يحمل تاريخا مشرفا منذ كان قائدا للقوات المسلحة وله عدد كبير من المؤيدين) ، وعدد كبير من الرّافضين من جهة أخرى نظرا لوجود شبه إجماع من المصريين على أنّه اضر بالبلاد نتيجة سياسات حكمه الخاطئة .

انا اناقش معك من زاوية الباحث أم كسياسي فنحن نطالب بإعادة محاكمة على مبارك وتابع محدّثنا «هناك حكم صدر وهناك ارتياح إزاء الحكم فقط لأسباب انسانية لان الرجل اصبح رجلا مسنا مريضا لكن السياسة لها قراءة أخرى وأحكام اخرى وللتاريخ أيضا احكام أخرى».

وفيما يتعلق بالإفراج عن عدد كبير من الوزراء في فترة حكم مبارك قال استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي ان هناك ثغرات في القانون تم توظيفها لإطلاق سراح بعض وزراء مبارك ، معتبرا ان ذلك لا ينفي ان اغلبيتهم مازال متهما في بعض القضايا وان هناك العديد منهم منبوذ شعبيا حيث يرى الكثير انهم متهمون حتى هذه اللحظة بصرف النظر عن الاحكام القضائية .

وأشار فهمي الى ان الكثير من السياسيين ايضا يحملون مبارك ووزراءه مسؤولية تحويل مصر الى الوضع الحالي من فساد وغيره من المعضلات .وعن المشهد السياسي الراهن في مصر اجاب محدّثنا انّ « مصر تجاوزت حسني مبارك ومابعده سواء محمد مرسي او منصور عدلي كرئيس مؤقت ، مضيفا انّ الحديث عن عودتهم الى المشهد السياسي عبث سياسي .

وأكد المحلل السياسي ان مصر اليوم تتجاوز هذه المرحلة لكنها لاتزال تعاني اسقاطات تلك المرحلة الى اليوم، مضيفا ان «مصر الكبيرة» تجاوزت الافراج عن مبارك وأبنائه ووزرائه الى ماهو اهم على الصعيد الامني والسياسي وان بلاده تتعافى امنيا وسياسيا إلا ان المشكلة تكمن الان في الازمة الاقتصادية الطاحنة وفق تعبيره .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115