المفكر العربي فيصل جلول لـ «المغرب»: خدعة «الربيع» دمرت أربع دول عربية وقد تفقدنا ما تبقى من فلسطين

قال المفكر والكاتب العربي فيصل جلول ان ما جرى في العالم العربي يراد منه تقييد مستقبل الأمة العربية وحملها على الانشغال بإرث الحروب الاهلية معتبرا ان المستفيد الأوحد هو «اسرائيل». وفيما يخص الملف السوري اعتبر في حديثه لـ « المغرب» ان مفاوضات جنيف الرابعة

اقرب الى وثيقة وفيينا من جنيف الاولى والثانية والثالثة .وبخصوص مسألة طرد المهاجرين من اوروبا أكد ان اوروبا تحتاج الى ملايين المهاجرين بسبب ضعفها الديمغرافي ولن تلجأ الى الطرد الجماعي على حد قوله.

• رؤيتكم لواقع المنطقة وما يشهده العالم العربي من تحولات إلام تؤسس برايكم؟ وكيف يمكن مواجهة هذا العنف المستشري؟
كنت اتمنى ان ارى تحولات ايجابية في العالم العربي لكن الواقع يقول ان العرب اصيبوا منذ سنوات بخدعة التغيير الديمقراطي كما اصيبوا قبل قرن تقريبا بخدعة الوحدة العربية وفي كل الحالات كانت القوى الغربية هي المخادعة . لقد استغلت النخب العربية في الحالتين فكان ان فقدنا فلسطين في الحالة الاولى ويراد لنا ان نفقد ما تبقى منها في الحالة الثانية. ما جرى في العالم العربي وما يجري اليوم يراد منه تقييد مستقبل الامة العربية وحملها على الانشغال بارث الحروب الاهلية الامر الذي يوفر بيئة امنة لاسرائيل والمواجهة هي الخيار الوحيد شرط ان تتزامن مع مصالحة وطنية لا تستثني احدا .

• قراءتكم لجنيف 4 وهل بات المناخ يهيئ لتسوية ما في الملف السوري ام ان الصفقة لم تنضج بعد؟
اذا اردنا قياس مفاوضات جنيف على واقع القوى المسلحة على الارض فاننا نرى ان الفرصة الوحيدة المتاحة لمعارضة جنيف هي الاستسلام او الوصول الى اتفاق الحد الادنى الذي لا امل معه في تولي السلطة في المنظور القريب ذلك ان مشروع المعارضة المسلحة لاسقاط النظام قد فشل وجاءت معركة حلب لتقطع الشك باليقين في هذا الفشل .. لكن المعارضة المسلحة لا تبدو مهيئة للقبول بواقع الحال على الارض فهي ما زالت تصر على اسقاط الرئيس بشار الاسد استجابة لحماتها في كل مكان وهذا من شأنه ان يطيل امد المفاوضات وان يقلل من فرص المعارضة بالحصول على نتائج مشرفة. جنيف اربعة هي باعتقادي تلخيص لفيينا وليس لجنيف واحد او اثنين او ثلاثة .

• ما رايكم في موقف اوروبا ازاء قضايا اللاجئين؟
ينطوي هذا الموقف على نفاق كبير فنحن نعرف ان هذه القارة تحتاج الى مئات الالاف من المهاجرين بل الملايين منهم .
لان الحالة الديمغرافية في اوروبا تفصح عن مجتمعات ثرية كهلة تحتاج لقوى عاملة تدير مؤسساتها والخدمية منها بصورة خاصة .المشكلة تكمن في ان اوروبا لا تريد الملايين منهم في سنة او سنتين لانها لا تستطيع ادماجهم وادخالهم في اقتصادياتها لذا تبدو مرتاعة وخائفة .
• وفيما يتعلق بمحاولة بعض الدول الاوروبية مثل المانيا ترحيل ما تعتبرهم مهاجريين غير شرعيين وسط مخاوف من ان يكونوا متطرفين واثر هذا الترحيل على امن المنطقة؟
هذه مخاوف مصطنعة لردع الارهاب ولايقاع الخوف وسط المقيمين الاجانب من ان مصير المغامرين بالارهاب هو الترحيل. وهذا مفهوم والمقصود بهذا الانذار لمهاجرون غير الشرعيين قبل غيرهم لان هؤلاء هم الاضعف علما ان الهجرة غير الشرعية ضئيلة بالقياس للشرعية وغير الشرعيين يقيمون في اوروبا والمانيا بخاصة لان السوق تحتاجهم وتستفيد من شروط عملهم الرخيصة . لا اعتقد ان الترحيل الجماعي وارد . لا تستيطع اوروبا ان تقفل حدودها لاسباب عديدة اقتصادية وسياسية واخلاقية . تستطيع ترحيل العشرات والمئات لكن الملايين سيظلون هناك الى ما شاء الله.

• وانتم تزورون تونس كيف وجدتم مسار تحولها الديمقراطي وكيف يمكن ان نتفادى سيناريو الاستقطاب السياسي بكل مخاطره؟
تعيش تونس حالة ديمقراطية تلي عادة الثورات والانتفاضات الكبرى وهي حالة متقلبة الى حد ما لان التونسيين اشتروا امنهم باللجوء الى اطارات الدولة التي بنيت في عهد بورقيبة وبن علي. والتونسيون على حق في هذا الخيار خصوصا عندما يرون ما حل بليبيا المجاورة وسوريا وما حل في التسعينيات في الجزائر . من حسن حظ تونس ان التيار الاسلامي فيها براغماتي الى حد انه اقترع على دستور خصومه الليبراليين ولعله يعرف ان فشله في الحكم لا يملي قهرا وانما قراءة واقعية للظروف واستخلاص العبر المناسبة . يحكم تونس اليوم ثنائي سلفي ليبرالي يدير البلاد وفق الشروط الاقتصادية والعلاقات الدولية التي ارساها بن علي و فتح السياسة على لعبة رحبة يمكن لكل طرف فيها ان يقول ما يريد . الثنائي الحالي يحكم بالتراضي وهذا امر مهم للغاية . اظن ان المعارضة الوحيدة المتاحة لهذا الثنائي هي المعارضة القومية + اليسارية . لكن حتى الان تبدو المعارضة وكانها حركة احتجاجية اكثر منها حمالة مشروع يغري التونسيين برهان افضل لكن الناس يتعلمون ولابد من عقد الرهان على المعارضة القومية التي تحمل افكارا جيدة لكنها تحتاج الى صياغة ملائمة وادوات عمل فعالة . عموما يسعد القادم من الخارج للحراك الديمقراطي في تونس ولعل النقطة السوداء الوحيدة المثيرة للقلق هي ان الدولة لم تكشف النقاب بعد عن كل ظروف اغتيال البراهمي وبلعيد وفي نظري هذا امر بالغ الاهمية حتى لا يخشى المعارض من ان مصيره سيكون كمصيرهما ان تجاوز السقف السلطوي المتاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115