جيهان بسيسو مسؤولة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود لـ «المغرب»: «حقيقة أنّ ليبيا ليست جزءاً من اتفاقيّة اللّجوء تزيد من مستويات العنف والاستغلال الّتي يتعرّض لها المهاجرون»

«16 % من الوافدين على إيطاليا هم من الأطفال، و88 % منهم غير مصحوبين بذويهم»

قالت جيهان بسيسو مسؤولة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود لـ«المغرب» ان الظروف الامنية والسياسية المضطربة في ليبيا تلقي بظلالها على سير عمليات انقاذ المهاجرين غير الشرعيين، وأضافت انّ أعداد المهاجرين تزايدت سنة 2016 مقارنة بالأعوام التي سبقتها ، منتقدة الدور الاوروبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية وعدم ملاءمة استراتيجيتها للظروف الصعبة التي يمر بها المهاجرون والانتهاكات الصارخة التي يتعرضون لها.

• لو تقدمون لنا قراءة في عمليات الإنقاذ الحالية. وهل هناك ارتفاع في عدد المهاجرين؟
في العام 2016، نشرت منظمة أطباء بلا حدود فرقاً على متن ثلاث سفن، الكرامة 1 وبوربون آرغوس وأكواريوس (التي تديرها المنظمة بالشراكة مع جمعية أس أو أس ميديتيرانيه). لقد قامت هذه الفرق الثلاثة مباشرة بإنقاذ 21,603 أشخاص في العام 2016 من القوارب المكتظة.

في النصف الثاني من شهر نوفمبر 2016، قامت سفينتا الكرامة 1 وبوربون آرغوس بآخر عملية إنقاذ لهما في العام الماضي. وكلا القاربين الآن في مرحلة تأهب حيث من المتوقع أن يقلّص الطقس والبحر الهائج بشكل هائل عدد الأشخاص الآتين من ليبيا باتجاه إيطاليا. أما سفينة أكواريوس، التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود بالشراكة مع جمعية أس أو أس ميديتيرانيه، فهي السفينة الوحيدة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود الموجودة خلال فصل الشتاء والعاملة بشكل دائم لإنقاذ أولئك الذين يواجهون مخاطر البحر الهائلة خلال فصل الشتاء. تتوقع منظمة أطباء بلا حدود تعزيز قدرتها في مجال البحث والإنقاذ في شهر مارس حين يسمح طقس الربيع لمزيد من الأشخاص عبور البحر.
ويصدمنا أن نرى أنه في بحر الشتاء الهائج لا يزال الناس يحاولون الهروب من الحرب والتعذيب والاعتداء عبر القيام بهذه الرحلة المميتة عبر البحر الأبيض المتوسط. ومنذ بداية العام 2017، تم إنقاذ 1628 شخصاً من قبل فريق أكواريوس وحده، وثمة ما مجموعه 209 أشخاص إما فقدوا أو ماتوا في وسط البحر الأبيض المتوسط.

• هل سجلتم ارتفاعا في عدد المهاجرين مقارنة بالعام الماضي؟
في العام 2016، مات أكثر من 5000 امرأة وطفل وهم يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، أي أكثر بـ 1000 شخص من المجموع المسجل في العام 2015.

• تتعاملون بشكل مباشر مع المهاجرين الذين يتم انقاذهم ، هل يمكنكم أن تعطونا لمحة عن الظروف التي مروا بها خاصة النساء والاطفال في محاولتهم للهجرة؟
أولئك الذين أنقذناهم أخبرونا أنه تم إبقاؤهم في أقبية وخنادق وحفر في الأرض لأيام وأحياناً لأسابيع قبل إجبارهم على ركوب القوارب وإرسالهم في البحر. سمعنا قصصاً عن عمليات قتل ومعاملة مشينة واعتداء جنسي وصلت في بعض الأحيان إلى حد التعذيب. رأينا الكثير من الأطفال غير المصحوبين. في الواقع 16 % من الواصلين إلى إيطاليا هم من الأطفال، و88 من هؤلاء الأطفال غير مصحوبين بذويهم. تم إنقاذ عائلة صغيرة على متن سفينة أكواريوس على رأسها طفل يبلغ من العمر 10 سنوات سافر وحده مع إخوته الذين كان معظمهم صغارا في السن لدرجة أنهم لا يزالون يلبسون الحفاظات. تم إنقاذ الكثير من النساء، وخاصة أولئك اللواتي يسافرن وحدهن يتحدثن عن قصص مروعة عن الاغتصاب والاعتداء الجنسي في ليبيا. والكثير أيضاً كن مصدومات وخائفات لدرجة أنهن لم يستطعن الإفصاح عمّا مررن به لموظفينا في الوقت القصير الذي أمضيناه معهن على متن القارب.

• هل صحيح أن الاعتداء (المعاملة السيئة أو الاستغلال الجنسي) حيال المهاجرين لا يمارس اليوم فقط من قبل المهربين بل أيضاً من قبل عناصر الشرطة الموجودين في البلدان التي يتوجه إليها المهاجرون؟
في ليبيا، لا يستطيع اللاجئون والمهاجرون الحصول على الحماية بسبب انعدام نظام لجوء يعمل، وبسبب الدور المحدود الذي تمارسه المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحقيقة أن ليبيا ليست جزءاً من اتفاقية اللجوء. فهم يتعرضون لمستويات خطيرة من العنف والاستغلال على يد قوات الأمن والميليشيات وشبكات التهريب والعصابات المجرمة والأفراد. وقد سمعت طواقم منظمة أطباء بلا حدود الموجودة على متن سفن الإنقاذ قصصاً ورأت جروحاً لدى حوالي 50,000 رجل وامرأة وعدداً متصاعداً من الأطفال غير المصحوبين (يبلغ عمر بعضهم 8 سنوات أو أقل) عبروا من ليبيا وقاموا بالرحلة الغدارة إلى أوروبا. وأولئك الذين يتم إيقافهم في البحر من قبل خفر السواحل الليبية أو المعتقلين داخل ليبيا يرسلون إلى مراكز اعتقال المهاجرين- التي غالباً ما تكون عبارة عن مصانع أو مخازن قديمة.

وليس هناك أي طريقة للاعتراض على عدم شرعية اعتقالهم، فهم تقريباً ليس لديهم أي تواصل مع العالم الخارجي ويعانون من معاملة سيئة ومن عدم الحصول على الرعاية الطبية.
ما نراه في إيطاليا هو نظام استقبال غير ملائم للاستجابة إلى الاحتياجات الخاصة لأولئك الأشخاص المحتاجين بل يرتكز بشكل أكبر على الأمن والسيطرة بدل المساعدة والحماية.

وفي مناطق أخرى من أوروبا، آلاف المهاجرين واللاجئين الآن يجدون أنفسهم عالقين في ظروف مناخية قاسية كالتجميد في المآوي غير الملائمة للشتاء في اليونان والبلقان. ويعتبر الوضع مقلقاً بشكل خاص لأولئك العالقين على الجزر اليونانية والذين يعيشون في خيم في مخيمات مكتظة ولمقطوعي السبل المتروكين في مباني مهجورة في بلغراد أو ما زالوا يحاولون عبور حدود البلقان. في الأشهر الأخيرة، وضعت السلطات الصربية قيوداً صارمة على عملية توفير المساعدة الإنسانية إلى الناس، وثمة فقط بعض المتطوعين المتسامحين الذين يقومون بتوزيع للمواد الأساسية كالبطانيات والطعام. لمدة أشهر، تمثلت الاستراتيجية بمنع وصول المساعدة الإنسانية إلى الناس الموجودين في المخيمات الرسمية.

• ما هي التحديات التي تواجهها عمليات الإنقاذ؟
إن عملية البحث والإنقاذ بأكملها تمثل تحدياً. فالقوارب التي نجدها في البحر مكتظة بالناس وغارقة تقريباً. وإن لم تتم كما يجب، يمكن أن تتحول عملية الإنقاذ بسهولة إلى مأساة خاصة في الليل. وحين يُستخرج الناس من البحر أحياء تجد طواقمنا الكثيرين ممن يحتاجون الى العلاج لانخفاض حرارة الجسم والجفاف أو الحروق الكيميائية من انسكاب الوقود والجروح الناتجة عن العنف الذي يختبرونه.

وفي حال لم تتم ملاحظة هذه القوارب في الوقت المناسب، سيغرق الناس في قعر البحر مع قواربهم. ما يؤلمنا هو معرفة أن عدد الوفيات الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى بكثير من العدد الذي يتم إحصاؤه. إذ ليس لدينا فكرة عن عدد القوارب المطاطية المحمّلة أكثر من طاقتها بركاب خائفين يركبون القوارب في ليبيا باتجاه إيطاليا كل يوم وعن عدد الغارقين منهم دون القدرة على ملاحظتهم قبل أن يصلوا إلى خطوط الإبحار المكتظة في البحر الأبيض المتوسط أو قبل الاتصال بنا للمساعدة.
وأحد أكثر الأمور ترويعاً التي تقوم بها طواقمنا على متن سفن الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط هي استخراج جثث الرجال والنساء وأحياناً الأطفال الصغار جداً الذين غرقوا. ويحرص أطباؤنا على أنهم تخطوا مرحلة الإنعاش وأنه لا يمكن فعل أي شيء لإنقاذهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115