الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى ابراهيم لـ«المغرب»: «مؤتمر باريس أكّد أن لا مفر من العودة للمفاوضات المباشرة»• «كل ما يمتلكه المجتمع الدولي لدعم القضية الفلسطينية هو إبقاء حل الدولتين في الأذهان»

أكّد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى ابراهيم لـ«المغرب» أنّ مؤتمر باريس لم يختلف في مخرجاته عن المؤتمرات السابقة التي اهتمت بعملية السلام بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال ، مضيفا انّ تأكيد المؤتمر على ضرورة العودة الى المفاوضات المباشرة بين الطرفين كان متوقعا منذ البداية.

• لو تقدمون لنا رؤيتكم لنتائج مؤتمر باريس الاخير حول القضية الفلسطينية؟
يتضح من كلمة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن لا خيار الان سوى المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وهذا في حد ذاته دليل واضح على ان المؤتمر لم يشكل اي ضغط على «إسرائيل» وان هذا النفاق الغربي وتحذيراتهم لترامب لم تصل باي طريقة كانت الى اسرائيل ، ماحصل اشبه بمجرد حفلة ليوم واحد ، حيث ان لغته كانت قاطعة، وجاء فيه أن المشاركين «يدعون كل الأطراف..إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات منفردة تصدر حكما مسبقا على نتيجة مفاوضات قضايا الوضع النهائي ومن بينها ضمن أشياء أخرى القدس والحدود والأمن واللاجئون، والتي (الخطوات)لن تعترف بها» هذه الدول.
المؤتمر لم يبحث في الحل على أساس المرجعية الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، وكان أخرها قرار مجلس الأمن بإدانة المستوطنات 2334، فالمؤتمر ليس من أهدافه فرض أي شيء على «إسرائيل» أو الفلسطينيين، والهدف كما تريد إسرائيل هو ان الحل الأمثل للصراع لا يأتي إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.

• بماذا تفسرون الغياب الإسرائيلي عن المؤتمر ؟
وعلى الرغم من غياب إسرائيل وقلقها من إنعقاد المؤتمر وعدم أهمية صدور مخرجات من المؤتمر إلا انها منزعجة ولا تريد أي زخم للقضية الفلسطينية حتى لو إعلامياً، برغم معرفتها انه بدون قوة وأسنان ولن يغير شيئا ، ولن تكون نتائجه ملزمة لها وللفلسطينيين، أي انه لن يخرج عن إطار أوسلو وكل ما يمتلكه المجتمع الدولي وعدالة القضية الفلسطينية قانونياً وأخلاقياً لمواجهة «إسرائيل» والظلم الواقع على الفلسطينيين هو إبقاء حل الدولتين في الأذهان.

• هل تقطع المبادرة الفرنسية الطريق امام الدور الامريكي الذي لطالما كان راعيا لمفاوضات السلام؟
المبادرة الفرنسية بالرغم من عدم تلبيتها طموح الفلسطينيين إلا أن «إسرائيل» رفضتها منذ ان طرحتها فرنسا، ورحب بها الفلسطينيون ويعتبرونها ثمار جهد تحرك الرئيس محمود عباس الدبلوماسي على المستوى الدولي. يأتي المؤتمر بعد عامين من تحضير فرنسا له والمتغيرات الكبرى الإقليمية والدولية والمحلية على صعيد القضية الفلسطينية، وتغوّل الاحتلال وتعزيز البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولم يتم أي تغيير على صعيد العلاقات الفلسطينية الداخلية بل أنها تشهد مزيدا من التوتر والانقسامات.
المؤتمر يبين مدى أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها سواء للفرنسيين او للأمريكان، فهو تظاهرة عالمية لدعم القضية الفلسطينية وإبقائها حاضرة في الضمير العالمي والظلم التاريخي الواقع على الفلسطينيين وعدم إنصافهم وتحقيق العدالة لهم، غير أن هدف المؤتمر والمجتمعين من العجم والعرب هو التأكيد على ضرورة أن يظل الحل القائم على حل الدولتين في الأذهان وليس إنصاف الفلسطينيين.

• تزامن المؤتمر مع تحقيقات بالفساد طالت «نتنياهو» وقبيل ايام قليلة من تنصيب ترامب ، كيف ترون تأثير ذلك على القضية الفلسطينية؟
نعم المؤتمر انعقد وعاصفة التحقيقات مع نتنياهو تهدد بقاءه وتطيح به من الحكم كما ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لن يرشح نفسه للانتخابات القادمة، فهذه المتغيرات لها تأثير على المخرجات لأنها غير ملزمة فهي مجرد نداء وتوصيات.
وعن قرب أداء الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب اليمين وتهديداته بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، كانت مطمح الأوروبيين والإدارة الأمريكية المغادرة هو أن يوفر هذا المؤتمر فرصة ومنبراً بإرسال رسالة لترامب بأن الحل القائم على وجود دولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهو الطريق الوحيد للمضي لتحقيق السلام، وهي رسالة تحذير لترامب لفرملة خططه لنقل السفارة الأميركية إلى القدس والتي قد تعطل جهود العملية السلمية.

• ماذا بخصوص تصريحات ترامب حول نقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة؟
ردود الفعل الفلسطينية على تصريحات ترامب لنقل السفارة الأمريكية للقدس، والتحذير كما ذكر الرئيس عباس بان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ربما يؤدي إلى القضاء على عملية السلام وتجريد الولايات المتحدة من دورها كراع أمين للعملية، بل وربما أيضا يؤدي إلى تراجع الفلسطينيين عن اعترافهم بـ«إسرائيل».

العمل الدبلوماسي والتحرك الدولي مهم، غير أنه بحاجة إلى مقاومة الإحتلال وفق خطة وطنية وليس بالشعارات والتصريحات النارية، وإسناد وفعل جماهيري، أما القول أن نقل السفارة سيفجر المنطقة، فهي تصريحات وشعارات عنترية من دون فعل حقيقي، ومن دون إستعادة الروح الوطنية الجامعة وروح المقاومة الشعبية بالإستعداد على الأرض لمواجهة ما قد سيكون، لكن الحقيقة غير ذلك فالجميع مشغول بالإنقسام وتغييب الجماهير عن الفعل الوطني المهمومة بأزماتها ومشكلاتها. من يريد أن يشعل المنطقة يكون حاضراً ولديه استعدادات على الأرض بتعزيز صمود الناس وكسب ثقتهم المعدومة في مجمل مكوّنات النظام السياسي الفلسطيني، لمواجهة مخطّط ترامب ليس بالتفجيرات الشعاراتية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115