من أوضح دروس التاريخ أن الحقوق لا تمنح بل تكتسب

حقوق الإنسان، هي الحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لمجرد كونه إنسانا. ويستند مفهوم حقوق الإنسان الى الإقرار لجميع أفراد الأسرة البشرية من قيمة وكرامة أصيلة فيهم، فهم يستحقون التمتع بحريات أساسية معينة. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان

ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته.

وهي ليس لها تعريف محدد بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع إلى آخر أو من ثقافة إلى أخرى، لان مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي نتصور به الإنسان، والأمم المتحدة قد عرفت حقوق الإنسان بأنها(ضمانات قانونية عالمية لحماية الأفراد والجماعات من إجراءات الحكومات التي تمس الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية، ويلزم قانون حقوق الإنسان الحكومات ببعض الأشياء ويمنعها من القيام بأشياء أخرى)، أي أن رؤية المنظمة الدولية لحقوق الإنسان تقوم على أساس أنها حقوق أصيلة في طبيعة الإنسان بدونها لا يستطيع العيش كإنسان.

وتكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون، دائماً، فعالة، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان. إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها.

حقوق الإنسان (مؤسسة الأخلاق) وذلك من خلال القيم الموجبة التي تُشيعها بين المتعارفين عليها العاملين على نشر منافعها، وإن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء هو من صميم المقاصد الشـرعية. والجهود البشرية والتشريعات السماوية يمكنها السير جنباً إلى جنب لتثبيت وحماية هذه الحقوق.وحقوق الإنسان مؤسسة الأخلاق «من خلال القيم الموجبة التي تُشيعها بين المتعارفين عليها العاملين على نشر منافعها.
والأساس في تلك الأخلاق مصدران: القيم الإنسانية التي اهتدى إليها الإنسان عن طريق العقل، والتمييز بين الخير والشر، والمنفعة والمضرة، والحسن والقبح ... الخ.
فالثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الحرية والأخوة والمساواة، سرعان ما دولت تلك الشعارات في صورة حقوق إنسانية عالمية.

الشرائع الإلهية السماوية: ونتذكر أن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء، من صميم المقاصد الشـرعية، وما خلف الفضول الذي تأسس قبل الثورة الفرنسية بقرون، للدفاع عن الإنسان وحماية حقوقه، - ولو في وطن الغربة - منا ببعيد.عند الحديث عن العلاقة بين حقوق الإنسان وبين الدين يجب أن نتطرق إلى عدد من المسائل حول الدين، من ضمنها:

إن الأديان كافة ظهرت في مراحل تسمى بعصر ما قبل الحداثة أو العصر التقليدي، بينما يعتبر مفهوم حقوق الإنسان مفهوما حديثاً.إن الأديان الرئيسية في العالم، وفي الوقت الذي تجمعها تعاليم ومفاهيم مشتركة ومتشابهة، لديها فروقات واختلافات، ويمكن التكهّن بأن نقاط تلك الفروقات والاختلافات من شأنها أن تؤثر في كيفية تقبلها لحقوق الإنسان.

إن أتباع الدين الواحد ليس لديهم مفهوم موحّد عن دينهم. فهناك على الأقل ثلاثة مفاهيم في كل دين يمكن تصورها، وهي: المفهوم الجوهري أو(الأصولي)، والمفهوم التقليدي والمفهوم الحداثي.وإن أتباع أي دين، بغض النظر عن مفهومهم عن دينهم، لا يستطيعون التخلي عن بعض تعاليمهم، لذلك فإن مرونتهم لا تتعدى حدوداً معينة، وإن كانت هذه الحدود مرهونة بمفهومهم عن الدين، أي مرهونة بما إذا كانوا ذوي فكر جوهري أو تقليدي أو حداثي.وإن الأديان، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات التي وضعتها للإنسان، وضعت أيضا حقوقا ثابتة لله وللملأ الأعلى أو العالم المقدس أو الأمر المطلق.. إلى آخره، وهذه الحقوق تحكم حقوق الإنسان حتى لو وُجد بعض التباين الكمي والكيفي بين هذه الأديان حول الحقوق الإلهية.

حاجة حقوق الإنسان للدين
الأديان هي التي تنمِّي العديد من الأحاسيس والمشاعر المؤيدة لحقوق الإنسان والمعارضة لانتهاك تلك الحقوق. فالأديان والمذاهب، من خلال تأكيدها على العدالة والمحبة والرحمة، تولِّد في البشر أحاسيس ومشاعر قيّمة تجاه أقرانهم (بل وأيضاً تجاه الحيوانات والنباتات)، لذلك من شأن الأديان والمذاهب أن تكون أفضل ضامن لاحترام حقوق الإنسان.

الأديان والمذاهب تقدّم تفسيرات تبرر قبول حقوق الإنسان. ففي الفكر العلماني، وفيما يتعلق بعلم حياة الإنسان، فإن كل فرد يستحق أن يحظى بحقوقه كإنسان. ولكن في الوقت نفسه يمكن للأديان والمذاهب أن تفسّر حقوق الإنسان ذاتها على أسس أخرى من منطلق أنهم خلقوا من قبل خالق واحد وبأنهم سواسية عند الله، لذلك فإنهم يتمتعون بحقوق مشتركة ومتماثلة.

إذا لم تبال حقوق الإنسان بالدين، فإن العديد من المؤمنين سيشكّكون بها.فمن الأسباب التي تدعو الحكومات الدينية التي تنتهك حقوق الإنسان إلى التطرق دائما لمبادئ حقوق الإنسان غير الدينية، بل والمناهضة للدين أيضا هي أنهم يسعون إلى تشكيك المؤمنين تجاه حقوق الإنسان والمدافعين عنها، وبذلك يحاولون أن يخفّفوا من حدّة المعارضة التي يواجهونها حيال انتهاكاتهم لتلك الحقوق. لذلك يجب على المدافعين عن حقوق الإنسان ألاّ يسمحوا بأن يفسَّر الدفاع عن هذه الحقوق بأنه دفاع عن ظاهرة غير دينية أو منافية للدين، وهذا الأمر سيؤدي إلى إطلاق يد الأفراد والمنظمات التي تقدم على انتهاك حقوق الإنسان باسم الدين. ويقول أدواردو غاليانو « ينبغي أن تبدأ حقوق الإنسان في المنزل».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115