ليبيا ....أية تحديات أمام المجتمع الدولي في مرحلة ما بعد تحرير سرت؟

عقب فترة طويلة من المعلومات المتضاربة حول تطورات الأوضاع الميدانية في مدينة سرت ونتائج العمليات العسكرية على الأرض بمحيط المدينة وخارجها ( بصفة خاصة منطقة الجيزة البحرية)، تناولت مصادر إعلامية متنوعة أخباراً تفيد بتحرير سرت من العناصر المنتمية

الى تنظيم داعش الارهابي، ولحين التثبت من صحة تلك التقارير حول نجاح الضغط الذى مارسته كل من قوات الجيش الوطني الليبي (انطلاقاً من الشرق) وقوات عملية البنيان المرصوص (انطلاقاً من الغرب/ الضربات الجوية الأمريكية المعروفة بعملية برق أوديسا) من القضاء –نهائياً- على العناصر التكفيرية أو أي عناصر مسلحة أعلنت ولاءها لتنظيم داعش بالمناطق المحيطة بمدينة سرت، فانه من الأجدى قبل أن نغالي في الترويج لتلك الأخبار أن نفكر في التحدي الأكبر في مرحلة ما بعد تحرير سرت، إذ نطرح هنا ملاحظات موجزة حول مستقبل مدينة سرت وذلك من واقع متابعة التقارير الميدانية وتقديرات المعنيين بالشأن الليبي خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي مقدمة تلك الملاحظات الدور المتوقع لمصراته ومدى امكانية القبول بعدم القيام بأي دور في المدينة المحررة على خلفية ما تردد خلال الشهور الماضية حول الإهتمام بحفظ الأمن في المدينة، وتحسباً لما قد يحمله هذا التوجه من مخاطر واحتمالات لحدوث مواجهات بين أهالي سرت والقوات التابعة لمصراته وذلك على اعتبار الحساسيات التاريخية بين المدينتين.

كما نجد أن هناك تحدياً اخر يواجه المجتمع الدولي في مرحلة ما بعد تحرير سرت، يتصل بالقيام بتطهير المدينة من الألغام والذخائر التي لم تنفجر، وهل تتولى الأمم المتحدة تنسيق الجهود ما بين الدول التي قد تهتم بالمشاركة في عملية ضخمة متوقعة لتطهير المدينة من الألغام قبل البدء في مشروعات التنمية لمدينة تم تخريبها تماما؟

وتثير أيضاً خسارة تنظيم داعش لسيطرته على مدينة سرت ومن قبلها درنة في الشرق الليبي، تساؤلاً حول مدى قدرة التنظيم على إعادة التمركز في منطقة إخرى؟ فمن المتصور أن يتجه التنظيم إلى محاولة اثبات وجوده داخل الأراضي الليبية بشن هجمات على فترات متباعدة والقيام بعمليات انتحارية خارج محيط مدينة سرت وربما الأودية الصحراوية الواقعة جنوب سرت في ظل نجاح التنظيم في تكوين خلايا تابعة له تتمركز في المناطق الصحراوية غير المأهولة بالسكان . ويتأسس ذلك التقدير على قناعة شخصية تدرك أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي الليبية ، وهو ما يتنافى مع أهداف تنظيم داعش الذى يسعى إلى تحويل ليبيا إلى قاعدة خلفية للتنظيم تشكل معقلاً لامتداداته في شمال افريقيا.

فالجيوب الموالية للتنظيم منتشرة ومتحالفة مع تنظيمات متطرفة أخرى بدول المنطقة ويمكن له إعادة التمركز بسهولة ولنا في قدرته على الانتقال بنقطة انطلاقة من درنه إلى سرت مثال واضح على تلك القناعة ، اذ لا يوجد ما ينفي احتمالية اتخاذ تنظيم داعش الارهابي مدينة صبراتة (الساحلية) كنقطة انطلاق جديدة وإعادة تنشيط الجيوب المنتشرة في مدن مختلفة.

إجمالاً، فإن الحُكم النهائي على اختفاء عناصر داعش من مدينة سرت ( منطقة تتوسط مساحات غير مأهولة بالسكان) وإعلان توقف العمليات العسكرية لا يمكن إطلاقه من منابر إعلامية فقط، فنتائج العمل العسكرى الميداني الذى شهدته المدينة ومحيطها لعدة شهور، من الأنسب أن يتم الاعلان عنها من خلال منبر دولي ( البعثة الأممية على سبيل المثال وليس الحصر) ، بحيث يكون إعلاناً شاملاً لما تحقق على الأرض والمناطق التي ثبت تطهيرها من العناصر الإرهابية، وما إذا كان هناك جيوب يمكن محاصرتها، وحجم المعدات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها من عناصر داعش الارهابي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115