ليبيا: الأقلّية المعرقلة لحكومة الوفاق تتحدّى المجتمع الدولي متجاهلة فرض العقوبات عليها

أعلن الاتحاد الأوروبي عبر لجنة الشؤون الخارجية المجتمعة مؤخرا في بروكسيل تبني العقوبات ضد معرقلي التسوية السياسية والاعتراف بحكومة الوفاق الوطني ومباشرة أعمالها من داخل العاصمة طرابلس وأبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لتطبيق تلك العقوبات. معلوم أن القائمة الأولية للمعنيين

بفرض العقوبات تضم كلاّ من رئيس البرلمان المعترف به دوليا، رئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس حكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس.

مقابل ذلك رفضت حكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا الأربعاء الاعتراف بحكومة الوفاق ،كما رفضت أيضا انتقال حكومة السراج إلى طرابلس، وأشارت حكومة طرابلس في بيان لها «أن حكومة مفروضة من الخارج ولا تتمتع بإجماع الليبيين لا مكان لها بيننا».
وهذا أول موقف يصدر عن إحدى الحكومتين المؤقتة في البيضاء التابعة لمجلس النواب بطبرق وحكومة الإنقاذ التابعة للمؤتمر الوطني في طرابلس بعد الإعلان السبت عن بدء عمل حكومة الوفاق الوطني في حين لم يصدر عن الحكومة المؤقتة أي موقف.

وكان المجلس الرئاسي المدعوم من الأمم المتحدة مساء السبت بدأ عمل حكومة فايز السراج استنادا إلى بيان تأييد لها وقّعه مائة عضو من مجلس نواب طبرق بعد أن تعثر منح الثقة للحكومة خلال جلسة تصويت تحت قبة البرلمان. وتراهن حكومة طرابلس المعارضة لاعتماد حكومة الوفاق ودخولها إلى طرابلس في آلية الحوار الليبي – الليبي الذي انطلق فعليا بلقاء مالطا الذي جمع ولأول مرة رئيس برلمان طبرق ورئيس المؤتمر الوطني وجها لوجه من أجل التوصل الى تشكيل حكومة توافق وطني دون أي وساطة خارجية.

ويرى مراقبون أن مجرد المراهنة على ما يسمى بالحوار الليبي – الليبي ورفض الحوار الذي جرى برعاية الأمم المتحدة، إنما هو تجاهل لإرادة المجتمع الدولي. ويترجم من جديد مدى تعنت الأقلية المعرقلة للتسوية السياسية وإهدار الفرصة الذهبية التي وفرها المجتمع الدولي للفرقاء الليبيين لإنقاذ بلدهم ووقف حالة الفوضى

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

التي تزداد يوما بعد آخر غير مقدرين لعواقب ذلك السلوك.

ويجمع الملاحظون على أن أحد أسباب مواصلة الأقلية شرق ليبيا وغربها لعرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي إنما يتعلق بعدم جدوى العقوبات حتى ولو كانت من طرف لجنة العقوبات من مجلس الأمن الدولي وذلك استنادا الى ما جرى في اليمن وسوريا أين تم ضبط قائمة اسمية لبعض السياسيين وأعلن عن إقرار عقوبات في حقهم لكن لا شيء تغير على الأرض.

سبب آخر جعل من الأقلية الرافضة لمخرجات حوار للفرقاء تتمادى في نهج مسلك الرفض والعناد وهو عدم حاجة هؤلاء للسفر إلى الخارج وكذلك عدم حيازتهم لأرصدة مالية هناك.

معطى ثان على غاية من الأهمية برز على الساحة المحلية كرد فعل على اتجاه المجتمع الدولي لفرض عقوبات على شخصيات ليبية رفيعة تمثل في تعالي الأصوات من قبل رموز المجتمع المدني ونشطاء سياسيين رافضة فرض عقوبات على أي سياسي ليبي لمجرد أنه قال ورفع كلمة – لا – لحكومة الوفاق.

إذن ما السيناريو المتوقع؟
إلى ذلك يتخوف البعض والحال على ما هو عليه من تشرذم وتجاذبات بين الليبيين من استنساخ السيناريو اليمني في ليبيا. سيما وأن الخطط العسكرية جاهزة أو تكاد لفرض حكومة الوفاق تحت غطاء محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي فحتى لو أظهرت دول كبرى عدم وجود نية للتدخل فإن وضع الكونغرس الأمريكي جملة من خطط التدخل على طاولة الرئيس باراك أوباما يكفي وزيادة لتوقع التدخل ودون إعلان مسبق لفرض حكومة السراج. إذ أن المسألة تتطلب تدخلا محدودا في المكان والزمان وشيء كهذا ليس في حاجة الى أخذ موافقة مجلس النواب البريطاني أو مجلس الشيوخ الأمريكي أو الفرنسي.
ولن تذهب الدول المتدخلة عسكريا مستقبلا إلى مجلس الأمن لعلمها بمعارضة الصين وروسيا.

يشار إلى ان وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف رفض مؤخرا خلال تصريحات متتالية القيام بأي تدخل عسكري في ليبيا مهما كان حجمه دون موافقة مجلس الأمن.

سيناريو مثل هذا سوف يوسع قاعدة المتعاطفين مع الأقلية الرافضة للتسوية السياسية وربما مكن من تقارب شرق وغرب ليبيا من بعضهما بما سيولد ما يمكن تسميته بجبهة مقاومة لحكومة الوفاق والمطالبة بحكومة توافق وبالتالي إطالة عمر الأزمة السياسية في ليبيا ومنح تنظيم «داعش» الإرهابي الفرصة لابتلاع المزيد من المناطق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115