Print this page

20 دولة تساهم في تزويد تنظيم داعش الارهابي بمكوّنات القنابل والأسلحة: المرور من التسلّح التّقليدي إلى التصنيع والتسلّح الذاتي

تأتي الدراسة التي صدرت أمس عن مؤسّسة أبحاث التسلّح في الصراعات (كار) البريطانية ،حول الدول والشّركات التي تقوم بتوريد المكوّنات التي يعتمدها تنظيم «داعش» الإرهابي في صنع الأسلحة والقنابل، لتؤكّد من جديد نقص المعلومات وضبابيتها عن القدرات الحقيقيّة سواء البشريّة أو التقنيّة

التي وصل إليها هذا التنظيم ، خصوصا وأنّ التقرير حمل أرقاما ومٌعطيات مفزعة ، تشير إلى أنّ «داعش» تجاوز الطرق التقليدية للتزوّد بالأسلحة والعتاد ليصل إلى مرحلة أخطر وهي التّصنيع باعتماد مكوّنات ذات «استخدامات مدنية» تصنّعها 51 شركة دوليّة من 20 دولة .

وجاء في التّقرير – الذي تمّ العمل عليه لمدّة 20 شهرا منذ شهر جويلية 2014 استجابة لطلب تقدّم به الاتّحاد الأوروبي – أنّ تنظيم «داعش» الارهابي يستفيد من 51 شركة تنحدر من 20 دولة ، «أنتجت أو باعت أو تلقّت» أكثر من 700 مُكوّن يستخدمها التّنظيم في صناعة العبوات النّاسفة والقنابل والأسلحة التفجيريّة .

ويشير التقرير إلى أنّ التنظيم نجح في الحصول على المكوّنات عبر طرق مباشرة أو غير مباشرة من 20 دولة ، وهي البرازيل تركيا ، رومانيا ، الصّين،روسيا الاتّحادية ، الإمارات العربيّة المتّحدة ، العراق ، إيران ، لبنان ، الهند ، بلجيكا، هولندا ،استراليا ، اليابان، جمهوريّة التّشيك ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة، فنلندا ، الفيتنام ، اليمن ، وسويسرا.

وتتصدّر تركيا الترتيب بـ13 شركة، تليها الهند بـ 8 شركات ، ثمّ الإمارات العربية المتّحدة بـ7 شركات ، والعراق بـ5 شركات ، اليابان شركتان ،والصين شركتان ، وبمعدّل شركة واحدة لبقيّة الدّول المذكورة أعلاه ، ليصل مجموعها 51 شركة.

وجاء في التقرير أنّ هذه المواد ، معدّة بالأساس لاستخدامات ذات طبيعة «مدنية» مثل الهواتف القديمة نسبيا ، بالإضافة إلى مكونات صناعية أخرى ، وقد أشار التّقرير إلى تواجدها بصفة مكثّفة في الأسواق وذلك لأغراض تجاريّة ، ومن بينها «المواد الكيمائيّة مثل مادة نترات الأمونيوم» ، والصّواعق، وأغراض ومكوّنات التعدين. وعن طرق تزوّد هذا التنظيم الإرهابي بالمكوّنات ، يشير التّقرير إلى أنّ نوعيّة هذه المواد ، يمكن الحصول عليها عبر صفقات قانونيّة بشرائها عبر وسيط محدّد ، وهو على الأغلب مايعتمده ‘داعش’ ، علاوة على أنّ اغلب هذه الشركات لا تعتمد على برامج متابعة لسير بضاعتها أو حتى الحصول على معلومات عن ظروف التسليم إلى الأطراف المعنية .

وجاء في التقرير أيضا أنّ «داعش» يقوم بتصنيع عبوات ناسفة ومركبات مدرعة محملة بالمتفجرات ، بالإضافة إلى المركبات المدرعة المحملة بالمتفجّرات وغيرها من الأسلحة التي تنضاف إلى عتاده من الذخيرة والأسلحة الأخرى (مدافع ، قذائف هاون ) تمكّن التّنظيم من الحصول عليها من السّوق السّوداء بأثمان بخسة.

ولعلّ تصنيف الدّول وعدد الشّركات المنتمية إلى دول معيّنة على غرار تركيا ، التي تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الشّركات ، يوجّه مجدّدا وبطريقة مباشرة الاتّهامات إلى حكومة أنقرة بدعم التّنظيمات الإرهابيّة – ولو بطرق غير مباشرة- وهو ما تعمل على تأكيده عدّة أطراف دوليّة ، وهي اتّهامات لطالما التصقت بحكومة رجب طيب أردوغان منذ سنوات .

تقرير تقني
من جهته قال الباحث الأردني المختصّ في الشؤون الإستراتيجية عامر السبايلة في تصريح لـ«المغرب» أّنّ التقرير الأخير الصادر عن مؤسّسة أبحاث التسلّح في الصراعات (كار) البريطانية مهني ومهم جدا، مشيرا إلى انّه ابرز التقنية الجديدة التي باتت تعتمدها التنظيمات الإرهابية (داعش) للحصول على الأسلحة والعتاد ، في وقت تطرح في المنابر الدولية فكرة استصدار قرار بتجفيف منابع الإرهاب والعمل على ضرورة الحد من قدراته ضمن تفاهمات دولية .

وتابع السبايلة ان أهمية التقرير تكمن في تزامنه مع هذه الجهود الدولية التي تعمل على اجتثات «داعش» ، مؤكّدا انّ التقرير يشير بإصبع الاتهام إلى دول منخرطة بشكل كبير في دعم الإرهاب عن طريق ما نشره التقرير من شهادات ترخيص لتصدير هذه المكونات المستعملة في تصنيع «داعش» لأسلحة ، وهي موقّعة من قبل دول وبالأخصّ تركيا التي حظيت بالنسبة الأكبر من الشركات المعنية بهذا الاتهام.

وأشار محدّثنا «عندما يتحدث التقرير عن تركيا، فان ذلك يأتي في سياق الضغط عليها والخروج من دائرة الحرج السياسي (للدول المتحالفة مع تركيا والداعمة لها حلف الناتو مثلا ) إلى دائرة الاتهام المباشر عبر نشر وثائق وأجهزة تقنية ومكونات تستعمل لأغراض إرهابية تمّ تسويقها وإيصالها سواء بطرق مباشرة او تحت غطاء إلى تنظيمات متطرفة، وبالتالي يمكن القول ان هذا التقرير جاء بالأساس لتوجيه إصبع الاتهام لتركيا أولا».

واعتبر السبايلة أنّ هذا التقرير لا يشير إلى منابع التّسليح ، بل هو تقرير تقني تعدى هذه المرحلة ليصل إلى إبراز مرحلة أخرى متقدّمة تتمثّل في تقنيات متقدّمة للتصنيع الذاتي يعتمدها تنظيم «داعش».
وأكّد الخبير الاستراتيجي الأردني ، أنّ ازدواجية الدّول في التّعامل مع ملف الإرهاب، باتت ظاهرة معلومة ، وتعتمدها عدّة دول ، مشيرا إلى أنّ استصدار قرار الهدنة في سوريا ، بتفاهم روسي أمريكي، هو خطوة مهمة ستعزز الجهود الروسية الأمريكية ، وبالتالي المرحلة

القادمة ستكون مرحلة مواجهة، ولن يكون ذلك في خدمة الدول التي مازالت تعتمد خطابا مزدوجا تجاه الإرهاب على حدّ تعبيره.
وشدّد قائلا «بلا شك هناك تطور ملحوظ في موضوع قدرات تنظيم «داعش» حيث استطاع استقطاب العديد من الكفاءات، بالتالي بمجرّد توفر الإمكانيات (المذكورة في التقرير) سيكون بإمكان «داعش» تصنيع العتاد والأسلحة وهو مايشير إلى أن هذا التنظيم الإرهابي قد اكتسب قدرات تقنية مفزعة».

المشاركة في هذا المقال