أكدت أن التملص من الالتزامات يمنح الاتحاد الحقّ في الردّ بقوّة: المركزية النقابية تنفي نفيا قطعيّا المشاركة في بلورة برنامج الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي

لا يتمحور الخلاف بين اتحاد الشغل والحكومة وبعض هياكل الدولة الرسمية يتمحور حول المضامين، بل تجاوزها ليصل إلى حدّ التباين وذلك في علاقة بمشاركة المنظمة

في صياغة برنامج الحكومة والموافقة عليه، فبعد تاكيد وزارة المالية على أن ممثلي الاتحاد إطلعوا على جزء من مشروع قانون المالية وثمّنوا توجهاته وما تبعه من تكذيب من طرف الطبوبي واتهام للوزارة بإصدار بيان أحادي الجانب، عادت امس المنظمة لتفنّد قطعيّا مشاركتها في صياغة برنامج الحكومة الاصلاحي الذي قدمته لصندوق النقد الدولي، مؤكّدة ان عدم إيفاء الحكومة بالالتزامات تمنح المنظمة الحقّ في الردّ بقوّة.
نفى المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل قطعيّا، مشاركة المنظمة في صياغة برنامج الحكومة الذي قدمته لصندوق النقد الدولي، بل وأكد جهله بما أبرمته الحكومة من إتفاقات مع الصندوق خلال مفاوضاتها للحصول على القرض بـ1.9 مليار دولار، والتي قالت المركزية النقابية بخصوصها أنها «غير ملزمة باتّفاقات لم تشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب».
وقد عبّر المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، خلال اجتماع عقده أمس الاثنين، عن «صدمته وتنديده بحجم المغالطات المفضوحة الواردة على ألسنة كلّ من محافظ البنك المركزي ووزيرة المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط بادّعائهم زورا، إنْ تلميحا أو تصريحا، مشاركة الاتحاد العام التونسي للشّغل في صياغة برنامج الحكومة المجهول أصلا لدى العامّة والخاصّة».
كما نفت المنظمة، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي الوطني، نفيا مطلقا معرفتها بما أبرمته الحكومة مع صندوق النقد الدولي، وجدد الاتحاد مطالبته بـ«حقّ الشعب والمنظّمات والأحزاب في الاطّلاع على العقود السرّية بين الحكومة والدوائر المالية العالمية ويجدّد أنّه غير ملزم باتّفاقات لم يشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب فضلا عن كونها تزيد من معاناة الشعب وتضرّ بمصالح تونس»، وفق نص البيان.
لا مبرر لميزانية الاكراهات
اتحاد الشغل أكد كذلك تمسّكه بالعدالة الجبائية كصيغة للتخفيف من الحيف الاجتماعي وخطوة من أجل إصلاح منظومة قال أنها «كرّست التهرّب والغشّ واستنزفت قوت وجيب الأجراء على امتداد عقود»، وفي المقابل كشفت المنظمة انها اِطّلعت على بعض إجراءات الحكومة في ميزانية 2023 والتي وصفتها بأنها «لا يرتقي إلى تطلّعات الأجراء في إنصافهم أمام جباية ظالمة وغير عادلة وطالبها بتدارك ذلك»، وفق نص البيان الصادر عن المكتب التنفيذي.
فمن وجهة نظر الاتحاد العام التونسي للشغل لا يوجد أي مبرّر خلال هذه السنة لتمرير ميزانية وصفها بميزانية «الإكراهات»، محمّلا رئيس الدولة والحكومة ما قد ينجرّ عما قال عنها «سياسة التعنّت والانسداد».
تنبيه من تواصل تأزم الوضع
المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، بعد نفيه ما ورد على لسان بعض الوزراء ومسؤولي الدولة السامين، مرّ إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي والذي رأى أنه يزداد تأزما خاصة في ظل غياب أيّ إجراءات واضحة من الحكومة للحدّ من التهاب الأسعار وتفشّي الاحتكار وندرة المواد الأساسية وتدهور المقدرة الشرائية، وفق ما ورد في البيان الصادر عن الاتحاد أمس الاثنين.
كما حذر اتحاد الشغل من استمرار تداعيات الأزمة العالمية للطاقة والحبوب على البلاد، خاصة كذلك في ظل ما أكده من «غياب أيّ تصوّر للحدّ منها ويحذّر من استمرار سياسة الارتجال وانعدام الكفاءة التي تجابه بها الحكومة هذه الأزمة المعقّدة رافضا تحميل تأثيراتهما السلبية على كاهل الأجراء وعلى عموم الشعب خاصّة في ظلّ غياب البرنامج وانعدام التواصل مع الشعب».
المنشور 20 /21: حق الردّ بقوّة
الاتحاد العام التونسي للشغل اعتبر، ان «سياسة المماطلة والتسويف» التي تنتهجها الحكومة في تطبيق اتّفاق 6 فيفري، و»التفاف على اتّفاق تنقيح المنشور 20/21 سيّء الذكر» استهدافا لمصداقية الحوار الاجتماعي ومدعاة للفوضى والتوتّر الاجتماعي، وهو ما يمنح المنظمة الحقّ في «الردّ وبقوّة على عدم الإيفاء بالالتزامات بالطرق النضالية المتاحة»، وفق نص البيان.
هذا ويعتبر اتحاد الشغل، على لسان أمينه العام، ان الحكومة تعتمد «التحايل والمخاتلة»، حيث التزمت مثلا في الظاهر بتنقيح المنشور 20 الذي يمنع الوزارات والإدارات من التفاوض مع النقابات قبل الحصول على ترخيص من رئاسة الحكومة، ولكنها حافظت على فلسفته التي تضرب العمل النقابي من خلال إصدار المنشور 21 بديلا له.
وأصدرت رئيسة الحكومة نجلاء بودن منشورا جديدا تحت عدد 21، عوض المنشور 20، حدّدت من خلاله طريقة تفاوض الوزراء وكتاب الدولة والمديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية مع الطرف النقابي، من ضرورة التقيّد بخمس خطوات عند التفاوض أهمها دراسة الطلبات المقدمة من النقابات او من مركزيتهم النقابية من قبل وزارة الإشراف وإجبارية حضور ممثل عن وزارة المالية كلما كان للمطالب مفعول مالي.
كما نص المنشور كذلك على ان كل وزير يرأس جلسة تفاوضية مطالب بدعوة عضو من المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، كما شدّد على ضرورة صياغة محاضر الجلسات بوضوح تام مع توقيع جميع الحاضرين عليها وفي حال عدم احترام جميع كل هذه الإجراءات فان أي اتفاق يعتبر ملغى.
تحذير من التنقيح بشكل إنفرادي
المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل، وبعد إنسحاب وفد ممثل له من إجتماع بخصوص الملف، حذّر من تنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 والمتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية بشكل انفرادي، ودعا إلى التريّث وتنظيم حوار بنّاء يجعل من التنقيح أداة من الأدوات القانونية الفعّالة لإنقاذ المؤسّسات والمنشئات العمومية حتّى تحقّق القيمة المضافة وتكون أهمّ منبع للتنمية وتعبئة الموارد الذّاتية وتسهم بفاعلية في إنقاذ الاقتصاد، وفق رأي المنظمة.
وفي نفس سياق إشكالية تنقيح القانون عدد 9 لسنة 89، كشف أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي، في كلمة ألقاها خلال تجمّع لقطاع النقل في نهاية نوفمبر الماضي أمام المقر المركزي لاتحاد الشغل، ان ممثلي اتحاد الشغل انسحبوا من اجتماع عقدته الحكومة في 29 نوفمبر لمناقشة تعديل القانون المذكور بعد أن تأكدوا من ان هدف دعوتهم، هي التسويق بأن اتحاد الشغل شارك وموافق على التعديل من خلال صور الاجتماع التي كانت ستنشرها الحكومة ووزاراتها، وهي سياسة لا تنطلي على المنظمة التي خبرت كل الأنظمة، كما قال الطبوبي يومها.
ومن المنتظر ان يعقد قسم الدواوين والمنشآت العمومية بالإتحاد ندوة، تمتدّ من اليوم الثلاثاء 13 ديسمبر إلى حدود الخميس المقبل، حول: «حوكمة المنشآت والمؤسسات العمومية تتضمَن دراسة مشروع الحكومة الخاص بتنقيح القانون عدد 9 لسنة 89»، وسيقع خلالها تقديم المشروع من طرف ممثَلي رئاسة الحكومة وسيفتتحها أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي بكلمة فيها سيتكفل صلاح الدين السالمي بالاشراف عليها بصفته مسؤولا عن قسم الدواوين والمنشآت العمومية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115