إلى حد الساعة لم يقع اتخاذ أي إجراءات ضد النقابيين الذين دعوا لتنفيذ إضراب النقل العمومي: هل ستسمح قيادات اتحاد الشغل بالانفلات النقابي...؟

الإضراب المفاجئ لأعوان شركة النقل بتونس أول أمس كان بمثابة صدمة لتونسيين لا ذنب لهم سوى ان قيادات نقابية جهوية للنقل

أخذت منهم رهينة للحصول على سلفة بـ200 دينار والظهور بمظهر المدافعين الشرسين عن حقوق العمال، في حين ان من تضرروا من إنفلاتهم القانوني والأخلاقي هم عمال من مستعملي وسائل النقل العمومي...فهل ستسمح المركزية النقابية بمرور ذلك الإنفلات الذي لا يمت للعمل النقابي بصلة دون تطبيق النظام الداخلي ؟؟
في حدود الساعة الثالثة بعد ظهر اول امس الخميس تم رفع جلسة عمل بين الإدارة العامة لشركة نقل تونس وممثلي النقابات الأساسية مرفوقين بعدد من أعضاء المكتب التنفيذي للفرع الجامعي للنقل بتونس، ليُفاجأ المواطنون بعد قرابة الـ45 دقيقة من إنتهاء الجلسة بسائقي المترو الخفيف يطلبون منهم النزول بعد إعلامهم انهم إنطلقوا في تنفيذ إضراب شمل بعد دقائق كل وسائل النقل العمومي بتونس من حافلات ومترو خفيف والخط الحديدي حلق الوادي-المرسى.

ما حصل بين إنتهاء جلسة العمل وإنطلاق تنفيذ الإضراب بطبيعة الحال هو دعوة «القيادات» النقابية الجهوية للنقل والكتاب العامين للنقابات الأساسية لتنفيذ ذلك الإضراب المفاجئ بسبب عدم إمضاء الرئيس المدير العام لشركة نقل تونس خلال جلسة العمل على تمكين الأعوان من سلفة مادية لعيد الأضحى لم يكن التفاوض بخصوصها ضمن جدول أعمال الجلسة التي كانت مخصصة لتداول ظروف العمل والعودة المدرسية...، وفق الرواية الرسمية لشركة نقل تونس.

نفس الرواية أكدت انه لم يقع رفض مطلب تمكين الأعوان من سلفة قدرها 200 دينار يقع إقتطاعها على 4 أقساط كما كان الحال قبل عيد الفطر، لكن طلب الرئيس المدير العام لشركة نقل تونس من «القيادات» النقابية الجهوية للنقل مهلة لطلب تدخل وزارة النقل لدى وزارة المالية لتمكين الشركة من السيولة المادية نظرا لعدم توفرها في الوقت الحالي لكن كان لممثلي الأعوان رأي آخر، تلخّص في دعوة الأعوان للتوقّف عن العمل ونقل المواطنين.

وبطبيعة الحال وجدت الإدارة العامة لشركة نقل تونس نفسها في مأزق، لتعقد أو تستأنف جلسة العمل في حدود السادسة والنصف وتمضي على محضر إتفاق تضمّن جملة من النقاط من بينها تمكين اعوان شركة نقل تونس من سلفة قدرها 200 د تُقتطع من رواتب 4 أشهر وتلتقط إثر ذلك «القيادات» النقابية الجهوية للنقل صور الإنتصار بعد عملية إبتزاز لا تمتّ للعمل النقابي بصلة وتحمّل إنعكاساتها المواطن ويقع إستئناف عمل النقل العمومي تدريجيا بداية من الساعة السابعة بعد تدخل أمين عام الإتحاد نور الدين الطبوبي.

الإشكال ليس في الإضراب
نفّذ مثلا أعوان مستودع شركة نقل تونس ببن عروس إضربا في 19 جويلية الماضي ولكن قبله وجه الإتحاد الجهوي للشغل ببن عروس برقية تنبيه بإضراب للسلطات الجهوية في الآجال القانونية وتم عقد جلسات صلحية باءت بالفشل وتم تنفيذ يوم واحد من الإضراب الذي كان مقررا ليومي 19 و20 جويلية، لكنه في كل الأحوال كان إضرابا قانونيا بغضّ النظر عن تبعاته وإنعكاساته على المواطنين.

اما أمس فالإضراب تجاوز حدّ اللاقانونية، فمن تحمل تبعات الإنفلات النقابي هم من مستعملي وسائل النقل العمومي الذين يدافع عنهم إتحاد الشغل حيث تم إنزال المئات منهم من وسائل النقل في «عزّ القايلة» بعد يوم مضن من العمل. فالمفروض في حالة تنفيذ إضراب توجيه برقية تنبيه به قبل 10 أيام ممضاة من الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بتونس وتتضمن المطالب لتكون الـ10 أيام مهلة لسلطة الإشراف لتلبيتها.

وفي حالة ضيق الوقت وتقدير القيادات النقابية ضرورة تنفيذ تحرك إحتجاجي في ظرف وجيز للضغط لتحقيق اي مطلب، بعد إستنفاذ كل وسائل الحوار، توجد صيغة الوقفة الإحتجاجية عن العمل وهي بمثابة تنفيذ إضراب ولا تستوجب توجيه برقية تنبيه قبل 10 أيام لكنها على كل حال تستوجب الإعلام قبل يوم او يومين على الأقل، اما امس فلم يتقيد ممثلو أعوان النقل بجهة تونس بأي قواعد للعمل النقابي التي تنظمها جزئيا مجلة الشغل والنظام الداخلي لإتحاد الشغل.

حيث ينصّ الفصل 376 مكرر من مجلة الشغل على ان كل إضراب عن مباشرة العمل يجب أن يسبقه تنبيه (برقية التنبيه بالإضراب) بعشرة أيام يوجـه من قبل الطرف المعني إلى الطرف الآخر وإلى المكتب الجهوي للتصالح أو إن تعذر ذلك إلـى التفقديـة الجهوية للشغل المختصة ترابيا بيد أن سريان مفعول التنبيه المسبق يكون بداية من إشعار المكتب الجهوي للتصالح أو التفقدية الجهوية للشغل، كما أن الإضراب يجب ان تتم المصادقة عليه من طرف المنظمة المركزية للمنظمة النقابية وفي حالة الإضراب الجهوي يجب ان يكون ممضى من الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل.

لم يقع إتخاذ أي إجراءات...
الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن النظام الداخلي كمال سعد أكد في تصريح لـ«المغرب» انه لم يقع إتخاذ إجراءات تأديبية ضدّ القيادات النقابية الجهوية للنقل، لكنه في المقابل إعتبر ان تنفيذ أي إضراب يكون وفق تمش محدّد أساسه التشبّث بالحوار ليكون تنفيذه الحلّ الأخير وليس هدفا في حدّ ذاته كما ان له تراتيبه القانونية التي لم يقع إتباعها امس.

ورأى ان قطاع النقل يشهد عادة مثل هذه التحركات حيث يتضامن الاعوان مع سائق لتعرضه للعنف او غيرها من الأسباب عبر التوقف عن العمل، وخلص الى ان الإشكالية قد إنتهت مساء الخميس. مع العلم ان عديد المصادر من بطحاء محمد علي أكدت لـ«المغرب» ان المركزية النقابية إعتبرت ان ما حصل غير معقول ولا يمت للعمل النقابي بصلة.

إحالات سابقة على النظام الداخلي
خلال الفترة الماضية شهدت بعض القطاعات تنفيذ تحركات مخالفة لمجلة الشغل وكذلك للنظام الداخلي للإتحاد العام التونسي للشغل، وجوبهت بموقف صارم من طرف المكتب التنفيذي فمثلا دفعت الإضرابات المفاجئة لقطارات الأحواز الجنوبية لتونس العاصمة المركزية النقابية الى إيقاف أعضاء نقابة سوّاق القطارات بالشركة التونسية للسكك الحديدية وكذلك أعضاء نقابة أعوان القيادة بالشركة التونسية للملاحة عن النشاط النقابي وإحالتهم على النظام الداخلي.

وهو ذات ما حصل في نهاية 2017 خلال إضراب قطاع المالية مدة 5 ايام تلتها مباشرة إقرار 5 أيام أخرى من طرف الكتاب العامين للنقابات الأساسية، نُفذ منها فقط يومان، حيث تمت إحالة عدد من الكتاب العامين للنقابات الأساسية على لجنة النظام الداخلي قبل ان يقرر المكتب التنفيذي إيقافهم عن النشاط النقابي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115