الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المسؤول عن قسم التغطية الاجتماعية عبد الكريم جراد لـ«المغرب» مقترحات الإصلاحات «المقياسية» التي تقدمت بها الحكومة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية تراجع عن كل المكاسب

إعتبر الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل المسؤول عن قسم التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية عبد الكريم جراد في حوار لـ«المغرب» ان ما طرحته الحكومة كمقترحات «إصلاحات مقياسية» لحل أزمة الصناديق الإجتماعية هي بمثابة تراجع عن كل المكاسب ومن المستبعد ان يقبل بها إتحاد الشغل الذي يتشبّث بمبدأ تقاسم التضحيات وفق حجم كل طرف.

اما في علاقة بتنويع مصادر تمويل الصناديق الإجتماعية فيبدو ان المقترح الحكومي غير بعيد عن تصور إتحاد الشغل.
وأكد جراد ان مكتبا تنفيذيا خاصا بالملف سينعقد قريبا فيما ستنعقد هيئة إدارية وطنية لإصدار موقف رسمي من كل مقترحات الحكومة لإصلاح الصناديق الإجتماعية.

• مالذي توصلت اليه اللجنة الفرعية للحماية الإجتماعية الى اليوم ؟
تجاوزنا مرحلة التشخيص منذ حوالي الشهرين ومررنا للتباحث حول الحلول للخروج بالصناديق الإجتماعية من أزمتها، وبطبيعة الحال ستكون وجهات النظر مختلفة والطرف الحكومي طرح الحلول السهلة وهي في الحقيقة تصور صندوق النقد الدولي التي إعتمدها في الدول التي قامت بمراجعة أنظمة الضمان الإجتماعي ولكنها ليست بدعة فالانظمة التوزيعية لا يمكن ان تخضع سوى لنوعين من الإصلاح.

أولها الإصلاح المقياسي بمعنى العمل على كل العناصر المكونة للجرايات وإدخال تغييرات عليها أو القيام بما يُعرف بالإصلاح الهيكلي وهو ما يعني الخروج من روح الأنظمة التوزيعية والذهاب نحو الانظمة المشتركة أو الرأسملة التي تتلخص في مساهمة فردية وفق نسبة يحددها الموظف او العامل للتمتع فيما بعد بقيمة جراية تقاعد معينة وهي غير قابلة للتطبيق في تونس نظرا لخدمتها صالح من يتمتعون بأجور مرتفعة، ونحن نصصنا في العقد الإجتماعي على البقاء في النظام التوزيعي مما يعني ان الإصلاحات تكون مقياسية.
وكان لنا قناعة ان الانظمة التوزيعية الحالية بإعتماد المساهمات والتي تعتبر نوعا ما مرتفعة لا تغطي نفقات الصناديق الإجتماعية وحتى في حالة مراجعة كل العناصر المكونة للجرايات لا يمكن ان تكون كافية وهو ما يعني ان الأنظمة التوزيعية لا يمكن ان تبقى قائمة على المساهمات فقط وإتفقنا على ضرورة خلق مصادر تمويل جديدة للصناديق الإجتماعية بالتوازي مع القيام بالإصلاحات المقياسية.

• ما هي مقترحات الطرف الحكومي التي وقع التقدم بها في إطار اللجنة الفرعية للحماية الإجتماعية ؟
اولا يجب التاكيد ان كل مقترح يتم التقدم به يجب ان يكون مرقّما بمعنى تحديد مردوديته بالضبط، والحكومة تطرح حاليا الترفيع في سن التقاعد في القطاعين العام والخاص على مرحلتين الاولى ترفيع إجباري في سن التقاعد بسنتين وفي مرحلة ثانية ترفيع إختياري في سن التقاعد الى حدود الـ65 سنة.
كما تطرح مراجعة مردودية السنوات وهي تتلخص في ضرب النسبة وفق سنوات أقدمية العمل في الأجر المرجعي، فالمعمول به حاليا بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وفي حالة عمل موظف 30 سنة فالعشر سنوات الأولى تمتعه بـنسبة 4 بالمائة من الاجر المرجعي عن كل سنة عمل وما زاد عن الـ10 سنوات تمكنه من 2 بالمائة عن كل سنة وهو ما سيمكنه في النهاية من التمتع بـ80 بالمائة من الاجر المرجعي كجراية تقاعد.

اما بالنسة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية فالعشر سنوات عمل الاولى تمكن من 2 بالمائة من الاجر المرجعي عن كل سنة والعشر سنوات الثانية 3 بالمائة عن كل سنة وما زاد عن العشرين سنة يمكن من 2 بالمائة وهو ما يمكن موظف عمل لـ30 سنة من 70 بالمائة من الاجر المرجعي ولكن الاجر المرجعي مختلف بين الصندوقين، فالأجر المرجعي بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية هو معدل الاجر الشهري الذي تقاضاه الموظف او العامل في السنة الأخيرة قبل إحالته على التقاعد.

وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الأجر المرجعي هو معدل الاجر في العشر سنوات الأخيرة مع ضارب تحييني مرتبط بالاجر الأدنى المضمون وهو ما يعني ان الاجر المرجعي الذي يتمتع به منظورو الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية أفضل.

وما يطرحه الطرف الحكومي حاليا هو إعتماد نسبة 2 بالمائة كنسبة قارة وتطرح كذلك مراجعة الأجر المرجعي بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية تريد ان ترفعه الى الثلاث او الخمس سنوات الأخيرة وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تطرح التخفيض الى 5 سنوات مع إلغاء الضارب التحييني.
كما يطرح الطرف الحكومي إلغاء التعديل الآلي للجرايات او مراجعة الجرايات، فحاليا بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية وفي حال تمتع مثلا معلم مباشر بزيادة 50 دينار يتمتع المتقاعد بـ70 بالمائة من تلك الـ50 دينار التي تمتع بها المباشر وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الجرايات مرتبطة كذلك بمراجعة الاجر الأدنى المضمون التي تنسحب نسبة الزيادة فيها على الجرايات والحكومة تريد إلغاء ذلك التعديل الآلي بالنسبة لمنخرطي الصندوقين وتريد ربطه بالتضخّم او بنسبة مشتركة بين التضخم والأجر الأدنى بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
كما تطرح الحكومة إلغاء التنفيل، فمثلا أعوان السلك النشيط في القطاع العام يتقاعدون في الـ55 سنة ويتمتع بجراية كانه دفع مساهمة الـ5 سنوات التي تفصل عن سن التقاعد المعمول به اما في القطاع الخاص فالحكومة تطرح إلغاء التقاعد المبكر وبإعتبار ان العقد الإجتماعي نص على إحداث صندوق التعويض عن فقدان مواطن الشغل وبالتالي تطرح الحكومة ان تقع إحالة الحالات التي تستوجب التقاعد المبكر في القطاع الخاص على ذلك الصندوق.
وكذلك تطرح الحكومة الترفيع في المساهمات بنسبة 3 % في القطاعين العام والخاص، 1 % يتحملها الأجير و2 % يتحملها المؤجر.

الإتحاد من الممكن ان يذهب في إتجاه مراجعة عنصر من العناصر المقياسية ولكن المستحيل ان يوافق على مراجعة كل تلك العناصر التي تعني سحبا لكل المكاسب وتراجعا عنها، ولكن بصفة عامة نعتبر ان الصناديق الإجتماعية ملك المجموعة الوطنية ويجب المحافظة عليها والمساهمة في إنقاذها حسب إمكانيات كل طرف.

• وفيما يتعلق بتنويع مصادر التمويل للصناديق الإجتماعية، ماهي مقترحات الطرف الحكومي ؟
في البداية طرحوا الترفيع في الآداء على القيمة المضافة بنسبة 1 بالمائة توجه للصناديق الإجتماعية ولكن رفضنا، وتقدموا بإقتراح ثاني يتلخّص في إحداث ضريبة جديدة تحت عنوان «مساهمة إجتماعية تضامنية» وهي معمول بها في عديد الدول ويدفعها كل من له دخل والمقترح بصدد النقاش خاصة اننا كأطراف إنتاج وضعنا هدفا لإرساء الأرضية الوطنية للحماية الإجتماعية والتي ترتكز على 4 مبادئ وهي شمولية التغطية الإجتماعية وحد ادنى من الدخل لكل مواطن ورعاية الطفولة ورعاية المعاقين.
وبالتالي نحن نناقش إحداث ضريبة بعنوان «مساهمة إجتماعية تضامنية» كمصدر تمويل للصناديق الإجتماعية ومن جهة اخرى للتحضير للارضية الوطنية للحماية الإجتماعية وتحقيق مبادئها الاربعة ليصبح لكل مواطن تغطية إجتماعية وحد ادنى من الدخل.

• وما هو موقف إتحاد الشغل من مقترحات التمويل التي قدمها الطرف الحكومي ؟
الإتحاد يدرس كل المقترحات وقلنا نحن كإتحاد نريد المساهمة في إصلاح الصناديق الإجتماعية شريطة مساهمة كل الأطراف وكل حسب إمكانياته فنحن لا نقبل ان تكون كل الإجراءات او أغلبها على حساب المضمون الإجتماعي فنحن نرى ان التضحية يجب تقاسمها بين الاجراء والمؤجر والدولة والجزء الذي يتحمله المؤجر اكبر مما يتحمله المضمون الإجتماعي او الأجير وهذا هو المبدأ الذي على أساسه سننظر داخل إتحاد الشغل في كل تلك المقترحات حيث سينعقد مكتب تنفيذي خاص بالملف وهيئة إدارية وطنية كذلك خاصة بالملفّ ولم يقع تحديد تاريخ إنعقادها بعد ولكنها لن تتجاوز شهر سبتمبر الجاري في أقصى الحالات.

• لكن رئيس الحكومة اعلن امام مجلس نواب الشعب عن بعض المقترحات التي ذكرتها كإجراءات سيتم إعتمادها ؟
نحن داخل اللجنة الفرعية للحماية الإجتماعية لم نتفق على اي نقطة او مقترح من مقترحات الحكومة وندرس كل الفرضيات وخلال هذه الفترة نحاول العمل أكثر على تنويع مصادر التمويل نظرا لضرورة تضمينها في قانون المالية لسنة 2018 ولهذا سنعقد هيئة إدارية وطنية لإصدار موقفنا الرسمي من مقترحات الحكومة ككل في علاقة بإصلاح الصناديق الإجتماعية.

• الحكومة تقترح التمديد الإجباري في سن التقاعد وفي المقابل تعتمد قانونا للإحالة على التقاعد المبكر، الا ترون تعارضا بالخصوص ؟
من ينظر للموضوع من الخارج يرى تعارضا، ولكن الحكومة تعهدت كتابيا لصندوق النقد الدولي بالتقليص في كتلة الأجور وهو ما يتطلب إما التخفيض في الاجور او تجميدها وهو ما لم نوافق عليه خلال السنة الماضية فلم يكن من الحكومة الا المرور للخطة باء عبر التخفيض في عدد الاعوان.
ونظريا التخفيض في عدد الاعوان عبر الإحالة على التقاعد المبكر سيقلص في كتلة الاجور ولكن في المقابل وفي ظل وضعية الصناديق الحالية وقع الإتفاق على ان تتكفل ميزانية الدولة بالمساهمات والجرايات التي سُتدفع في الفترة الفاصلة بين الإحالة على التقاعد المبكر والسن القانوني للتقاعد.
وهو ما يعني انه عمليا سيكون العبء المالي على ميزانية الدولة هو ذاته ولكن امام صندوق النقد الدولي ستكون الحكومة قد خفضت في كتلة الأجور ولكن في إعتقادي لن تنطلي تلك العملية على صندوق النقد الدولي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115