Print this page

الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل أنور بن قدور لـ«المغرب» : نطالب بتدقيق فوري في وضعية المالية العمومية والحوار الإجتماعي يكون بين أطراف الإنتاج الثلاثة...

• وضعية المالية العمومية يقع استعمالها دائما في الفترة التي تسبق إعداد قانون المالية والميزانية كفزاعة

إعتبر الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل المسؤول عن قسم الدراسات انور بن قدور في حوار لـ«المغرب» ان الحوار الإجتماعي من وجهة نظر الإتحاد لا يكون إلا بين أطراف الإنتاج الثلاثة في حين ان الحكومة هي التي تعود للأحزاب وكتلها البرلمانية، كما رأى أنه كلما إقترب موعد إعداد مشروع قانون المالية والميزانية يقع إعتماد وضعية المالية العمومية كفزاعة وطالب بتدقيق فوري فيها.

• ما رأيكم في توصيف وزير المالية بالنيابة لوضع المالية العمومية والوضع الإقتصادي الحالي في تونس ؟
تفيد المؤشرات بأن النمو بدأ يستعيد عافيته ولكن نحن نرى ان المجموعة الوطنية غير مطلعة على تحسنه خاصة في ظل التصريحات المفزعة من حين لآخر، فالسياسة الإعلامية للحكومة والترويج لنجاحاتها منقوص والمعطيات والأرقام غائبة وغير متوفرة فمثلا وزير المالية بالنيابة صدرت عنه تصريحات بمجلس النواب ثم ناقض نفسه في حين انه لو وُجدت أرقام لما حصلت مثل تلك الإشكاليات.
ولا أحد ينكر الوضعية الصعبة للمالية العمومية ولكن لدينا إشكال مع الحكومة بهذا الخصوص، فنحن نطالب منذ سنوات بمدنا بمعطيات بخصوص الجباية والمؤسسات العمومية والمديونية، وبعد تصريحات وزير المالية نحن نطالب بإجراء تدقيق فوري في المالية العمومية للفترة الممتدة بين سنة 2010 و2017، من الأجور ودعم المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم...حتى يصبح الجميع على بيّنة من وضعية المالية العمومية ولا يقع استعمالها في الفترة التي تسبق إعداد الميزانية كفزاعة وكلما وقع إشكال في تونس إلا ووجهت أصابع الإتهام للوظيفة العمومية والقطاع العام.

• اتحاد الشغل من وجهة نظر عديد الأطراف عنصر معرقل، ما رأيكم ؟
صحيح فكلما وقع مشكل إقتصادي في البلاد إلا وتم تحميله لإتحاد الشغل وتصريحات وزير المالية احدثها ولكن مثلا خلال أزمة الفسفاط لم تنفذ النقابة التابعة لإتحاد الشغل أي إضراب بل طالبو الشغل وهو ما حصل كذلك بالنسبة لأزمة النفط في الكامور، وما يحصل هو انه وفي ظل غياب الأفكار والحلول لمسؤولي الدولة يقع تحميل مسؤولية فشلهم لإتحاد الشغل ولكن ما أقوله لهم هو قراءة تاريخ إتحاد الشغل ودوره في بناء البلاد وإنقاذها في عديد المراحل.

• هناك دعوات لعقد حوار اجتماعي واقتصادي بمشاركة الموقعين على وثيقة قرطاج وآخرها صادرة عن رئيس حركة النهضة في حوار تلفزي وكذلك عن الممثل القانوني لحزب نداء تونس خلال لقائه بأمين عام إتحاد الشغل، ما رأيكم ؟
أنا ارى ان الحوار يجب ان يكون مع الحكومة وهي تعود للأحزاب فيما بعد، فنحن في اتحاد الشغل مثلا لا نشارك في إجتماعات الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج وبالتالي الحوار الإجتماعي يجب ان يكون بين أطراف الإنتاج الثلاثة كما هو معمول به في كل العالم ومن ثم تقوم الحكومة بعرض ما أفرزه الحوار على الأحزاب وكتلها البرلمانية.

• بالنسبة لقانون المالية لسنة 2018، ماهي أهم مقترحات اتحاد الشغل ومتى سيقع مد الحكومة بها ؟
نحن منذ مؤتمر طبرقة تجاوزنا مرحلة إبداء الرأي وأصبحنا نقوم بصياغة مقترحات عملية، وبالنسبة لقانون المالية لسنة 2018 فقد انطلقنا في العمل عليه منذ شهر رمضان ونظمنا ندوة حضرها عديد الخبراء وتلقينا عديد المقترحات. المهم أن هناك إتفاقا على ضعف موارد الدولة المالية وبالتالي فإن المقترحات تصبّ في اتجاه دعم الموارد الجبائية عبر استخلاص ديون الدولة الجبائية والديوانية.
ولكن الإشكال هو أن قوانين المالية السابقة تتضمن اجراءات في ذلك السياق ولكن لم يقع تطبيقها مما يضع مصداقية الدولة وتطبيق القانون في المحكّ وبالتالي نحن نطالب بتوسيع قاعدة الجباية وتجاوز إقتصارها على الأجراء وبعض الشركات المهيكلة وعلى كل حال الحكومة لا تزال في مرحلة رسم الخطوط العريضة لقانون المالية ومن جهتنا سنعتمد أساسا على المقترحات التي تقدمنا بها السنة الماضية بإعتبار انه لم يقع تطبيقها وعلى الأرجح سيكون الموعد مع الحكومة للتداول بخصوص مشروع قانون المالية خلال الأسبوع الثاني أو الثالث من شهر أوت الجاري.

• الدعوات لخوصصة المؤسسات العمومية تتواتر وآخرها دعوة رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، ما رأيكم في إتحاد الشغل ؟
في ظل تخلي الدولة عن دورها كفاعل إقتصادي وخلق مواطن الشغل وتلخيص دورها الإستثماري في التجهيز، لا يمكن ان تتخلى كذلك عن دورها الإجتماعي عبر المؤسسات والمنشآت العمومية، ولكن لا أحد ينكر وجود إشكال في تلك المؤسسات وما يزيد تعميق إشكالياتها هو عدم الإسراع في عملية إصلاحها وتطويرها ولكن خوصصتها مرفوضة قطعيّا خاصة ان فرص الإستثمار امام الخواص عديدة ونحن ندعم الإستثمار في القطاع الخاصّ ولكن ليس على حساب الدور المجتمعي للدولة والمؤسسات العمومية.
على كل نحن نطالب أساسا بمراجعة النصوص التشريعية المنظمة للقطاع العام ككل وإرفاق قوانين المالية بتقارير مفصلة حول وضعياتها المالية، ومن المهم أيضا وضع إستراتيجية تشاركية حول مستقبل المؤسسات والمنشآت العمومية ودورها في النهوض بالإقتصاد الوطني، كما نقترح دراسة إمكانية الإعتماد على بعض الخبرات الخارجية عبر عقود تعاون كبديل عن الخوصصة وخاصة إحداث لجنة وطنية مشتركة بين إتحاد الشغل والوزارات لدراسة وضعية كل منشأة ومؤسسة عمومية وإقتراح سبل لإصلاحها بعد إنجاز تدقيق محاسباتي مستقلّ لكل مؤسسة مع تكريس مبدأ الحفاظ على الصبغة العمومية لهذه المؤسسات بإعتبارها مكسبا وطنيا.

• يعني انكم لا تزالون على موقفكم الرافض لبعض شروط «الإصلاح» التي يريدها صندوق النقد الدولي مقابل صرف بقية أقساط القرض ؟
نحن لا نزال نختلف مع صندوق النقد الدولي مثلا في طريقة تحديد كتلة الأجور فنحن نريد ان يقع تحديدها في شكل نسبة من الميزانية في حين ان صندوق النقد الدولي يريد تحديدها بقيمة مالية معينة. ولكن على الجميع ان يعلم ان عديد الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي ليست بجديدة فنحن دائما ما نطالب بإصلاحات وعدالة جبائية وإصلاح الصناديق الإجتماعية ونحن نذهب الى أبعد من شروط الإصلاح التي يريدها الصندوق وخاصة إصلاح منظومة التعليم والتكوين المهني والمنظومة الصحية العمومية وهي مضمنة في لوائح مؤتمرنا الأخير.

• أي الإصلاحات تعتبرون أن لها أولوية ؟
نحن نعتبر ان التعليم يجب ان يعود لسالف عهده كمصعد إجتماعي، واليوم وقع مشكل خطير في علاقة بنتائج المناظرات الوطنية وتفاوت النسب بين الجهات وهو ما سيزيد في تعميق الهوة بين الجهات بصفة عامة ونحن طالبنا الحكومة بمدنا بتقييمها لذلك التفاوت في نسب النجاح بالإضافة الى الأرقام المفزعة للإنقطاع المدرسي الذي لا تتحدّث عنه الأحزاب ولا نواب الشعب والذي نعتبره غير مقبول بالمرة.
وفي إعتقادنا ان التفاوت يعود الى عدم تكافؤ فرص النجاح بين الجهات خاصة ان الجميع يعلم ان هناك مدارس دون ماء او تنوير وبالتالي يجب على المجموعة الوطنية تحمل مسؤوليتها في تحقيق تكافئ فرص النجاح بين كل التلاميذ وفي كل الجهات حتى إن كان عبر الترفيع في الضرائب الجباية وهو ما ينطبق كذلك على المرفق الصحي العمومي ونحن نعكف حاليا على صياغة برنامج إصلاحي سيكون جاهزا في غضون سنتين.

المشاركة في هذا المقال