على خلفية حوار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي: الكتل البرلمانية لا تزال متشبثة بموقفها إزاء حكومة يوسف الشاهد

لم تتغير مواقف الكتل البرلمانية في مجلس نواب الشعب إزاء حكومة يوسف الشاهد سواء بالبقاء أو التخلي عنها، بالرغم

من تصريحات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حواره التلفزي أول أمس. كتلة حركة النهضة مع انقساماتها تبنت تقريبا نفس موقف المعارضة المطالبة بتطبيق الفصل 99 من الدستور، في حين اكتفت بقية الكتل بنقد الأزمة السياسية الخانقة أو تثمين العودة للمفاوضات من جديد التي قد تكون الحل الأنسب.
على خلفية دعوة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في حوار تلفزي بإحدى القنوات الخاصة حكومة يوسف الشاهد إلى السعي للحصول على إجماع سياسي أو أن تتقدم إلى مجلس نواب الشعب من أجل منح الثقة من عدمها، مشددا على ضرورة إنهاء الأزمة السياسية الراهنة، اختلفت الآراء والمواقف في كواليس المجلس بين الكتل المساندة لمبدإ رحيل الشاهد وبين الكتل الساعية لبقائه إلى حين الانتخابات القادمة، وبين الشق المعارض للطرفين.

إمكانية استعمال الفصل 99 من الدستور
المعارضة ونعني بذلك نواب كتلتي الجبهة الشعبية والديمقراطية وبعض غير المنتمين، كانوا من الأصوات الأولى الناقدة لخطاب رئيس الجمهورية في علاقة بحكومة يوسف الشاهد، خصوصا وأنهم بصدد الإعداد لعريضة من أجل عرض حكومة الشاهد على منح الثقة من عدمها في الجلسة العامة، محملين في ذلك المسؤولية التامة لما يحصل إلى الباجي قائد السبسي. وفي هذا الإطار، قال النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش أن رئيس الجمهورية قد حمل المسؤولية للجميع من احزاب ومنظمات ورئيس الحكومة نفسه وطالبه بالاستقالة او التوجه للبرلمان لتجديد الثقة، في حين نسي او تناسى امكانية استعمال الفصل 99 من الدستور الذي يجبر الشاهد على التوجه لمجلس نواب الشعب لتجديد الثقة. كما بين العش أنه تناسى أنه تسبب في الازمة من خلال توريث ابنه للحزب الحاكم وهو جوهر الخلاف داخل الندائيين مما تسبب في الازمة السياسية بالبلاد، كما كان وراء وثيقة قرطاج و اقالة رئيس الحكومة السابق وترشيح يوسف الشاهد.

كتلة الجبهة الشعبية اعتبرت بدورها أن قائد السبسي لم يقدّم إجابات واضحة خلال حواره بخصوص مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية وفي ما يتعلق بموقفه من بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد من عدمه، بالرغم من موقفها الواضح ضد الشاهد إلا أنها تعتبر أنه لا يمكن إقالته مثلما حصل مع الحبيب الصيد. وقال النائب مراد الحمايدي أنه من الواضح ان رئيس الدولة قد اصطف خلف نجله حافظ قائد السبسي ليفقد بذلك حياده تجاه جميع الاطراف، معتبرا أن مطالبته رئيس الحكومة بتقديم استقالته او الذهاب لمجلس نواب الشعب لطلب تجديد الثقة دليل على ان رئيس الدولة اصبح في خدمة شق من حزب نداء تونس على حساب الشق الاخر. وأضاف أن ما يثير الانتباه هو تجنب الباجي قايد السبسي استعمال صلاحياته الدستورية التي تخول له عرض الثقة في الحكومة على البرلمان مباشرة وهذا يعني انه غير ضامن للاغلبية المطلوبة أي 109 أصوات لسحب الثقة من يوسف الشاهد.

الانتقادات الموجهة ضد مضمون حوار رئيس الجمهورية، تعكس نفس المواقف تقريبا الموجهة لحكومة الوحدة الوطنية، إذ أن كتلة حركة نداء تونس خصوصا الشق المساند لبقاء الشاهد يرى أن الحوار كان إيجابيا كالنائب المنجي الحرباوي، باعتبار أن قائد السبسي أكد أنه ليس في صف أي طرف خلافا لما يتم تداوله، وأنّه مع المصلحة الوطنية. واعتبر أغلب نواب الكتلة أن الإشكالية لا يمكن حلها إلا من خلال الذهاب للبرلمان لطلب منح الثقة من جديد أو تقديم الاستقالة. في حين أن الشق المقابل، بدا موقفه شبيها بموقف المعارضة تماما حتى أنه انتقد قائد السبسي انتقادا لاذعا، حيث قالت النائبة فاطمة المسدي أن الرئيس خرج متأخرا جدا من أجل تقديم موقفه، متسائلة في ذلك عن اسباب خروج قائد السبسي بعد العملية الارهابية، خصوصا وأنه اعتبر أنه عارض إقالة وزير الداخلية السابق لطفي إبراهم الأمر الذي يجعله مقصرا في عدم معارضة ذلك من خلال صلاحياته الدستورية. واعتبرت المسدي أن قائد السبسي قد تهرب من صلاحياته الدستورية ولم يتحمل مسؤوليته في تطبيق الفصل 99، بل اقتصر على دعوة الحكومة للاستقالة او الذهاب الى المجلس. وأكدت في نفس الإطار على أنه كان من الاجدر مصارحة الشعب بالازمة السياسية وليس من خلال تشخيص الوضع دون أي حل يذكر، إضافة إلى أنه لا يزال متمسكا بالتوافق مع حركة النهضة الأمر الذي ترفضه حركة نداء تونس باعتبار أن ذلك تسبب في الازمة الاقتصادية والاجتماعية.

خطاب يبدو إيجابيا تجاه حركة النهضة
هذا وإن بدا رئيس الجمهورية نوعا ما محملا المسؤولية السياسية لحركة النهضة في مواصلة تمسكها برئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلا أن كتلة حركة النهضة ترى بعض الايجابيات في الحوار، بالرغم من اعتراضها على بعض قرارات الحكومة، إلا أنها لا تزال متشبثة ببقائها. وقالت النائبة يامينة الزغلامي أن حصيلة الحكومة ليست كلها سلبية، باعتبار أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يتحمل فيه المسؤولية الجميع، لذلك يجب ان يتم تقاسم المسؤوليات بين الأحزاب، وهو ما تدفع نحو كتلة حركة النضهة. كما بينت أن حكومة الشاهد تضم 15 وزيرا والنهضة لا تملك سوى 4وزراء، وهو ما يؤكد أنها ليست حكومة النهضة، لكن تشبث النهضة بالاستقرار لا يعني رضاها على أداء الحكومة بل حرصا على عدم إرباك العمل داخل الوزارات والإدارات طيلة أشهر للاتفاق حول تركيبة جديدة خاصة وأن البلاد مقدمة على إصلاحات كبرى. وأوضحت الزغلامي أن الخطاب عموما يبدو إيجابيا تجاه النهضة بعدما حمل الجميع المسؤولية، مشيرة إلى أنه من الضروري العودة للحوار وتركيزه على الدور الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل واكبر دليل اجتماع قرطاج يوم أمس. وبالنسبة للدعوة للجوء للبرلمان، فقد اعتبرت يامينة الزغلامي أن هذه الية ديمقراطية وليست انقلابا، باعتبار أن الدعوة كانت واضحة اما حزام سياسي يساند الحكومة أو الذهاب للبرلمان.

خطوة نحو عودة الحوار
من جهة أخرى، ترى بعض الكتل القريبة نوعا من كتلة حركة نداء تونس على غرار الاتحاد الوطني الحر أن ما جاء على لسان قائد السبسي قد يساهم في حلحلة الأزمة، حيث قال النائب عبد الرؤوف الشابي أن هناك عديد الرسائل الإيجابية التي بعث بها رئيس الجمهورية للتونسيين وكافة الأحزاب بان يحترم الدستور ولن يسعى إلى تفعيل الفصل 99. وأضاف الشابي أن الوضع الحالي سيّء ويمكن ان يتجه الى الاسوأ في صورة عدم ايجاد مخرج للازمة السياسية العالقة، والأزمة التي تعيشها الحكومة مع قصر قرطاج التي قد تتسبب في تأثيرات كبيرة على البلاد. كما بين أنه يجب استئناف المفاوضات لحلحلة الاوضاع في اقرب الاجال والمرور الى الاصلاحات الكبرى باكبر قدر ممكن من التوافق بين الفاعلين السياسيين والطرف الاجتماعي والاقتصادي.
الأزمة السياسية الخانقة كل طرف يدرسها حسب توجهاته وخياراته السياسية تجاه الحكومة، فعلى عكس الجميع ترى الكتلة الحرة لمشروع تونس حسب ما صرحت به النائبة خولة بن عائشة أن الحل الأمثل يكمن بالأساس في تفعيل الفصل 99 من الدستور الذي يخول لرئيس الجمهورية طلب عرض رئيس الحكومة نفسه على تجديد الثقة في البرلمان، بما أن الحكومة قد فقدت الدعم السياسي اللازم، معتبرة أنه الحل الوحيد باعتبار أن ان رئيس الحكومة لن يستقيل او يطلب تجديد الثقة.

لا تزال مواقف الكتل البرلمانية على حالها، منذ تعليق العمل بوثيقة قرطاج، في انتظار ما ستسفر عنه الاجتماعات المقبلة بين الفرقاء السياسيين في قصر قرطاج، فهل تتعمق الأزمة أم نسير نحو إيجاد مخرج سياسي يفك الخناق على السلط الثلاث.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115