يتواصل مسلسل تأجيل النظر في مشاريع قوانين: أزمة مجلس نواب الشعب تحتد مع مطالبة المعارضة بعرض تجديد الثقة في الحكومة

مرة أخرى يؤجل مجلس نواب الشعب المصادقة على مشاريع قوانين،

بحجة غياب التوافق حول مشروع القانون. لكن يبدو أن النصاب القانوني والأزمة التي تعيشها المؤسسة التشريعية داخليا، في علاقته أيضا مع الحكومة في تواصل مستمر، بالتزامن مع تطور حدة هذا الخلاف بعد سعي المعارضة إلى إعداد عريضة من أجل منح الثقة للحكومة من عدمه.
يتواصل مسلسل عدم مرور مشاريع القوانين، سواء من خلال الإسقاط أو تأجيل التصويت عليها، وإن بدا ظاهريا أن مجلس نواب الشعب لم يرد أن يعلن ذلك صراحة، أن تفاقم هذه الأزمة نتيجة الخلافات بين الكتل البرلمانية وغياب النواب في علاقة بالأزمة مع الحكومة، فإن الأسباب دائما ما تتنوع وهذه المرة تم إرجاع مشروع القانون المتعلق بهيئة حقوق الانسان إلى لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بتعلة إيجاد صيغة توافقية جديدة، بالرغم من أن نفس مشروع القانون تم تأجيله في مناسبة سابقة.

فعلى غرار مشاريع القوانين المتعلقة بالتصريح على المكاسب، والقرض المتعلق بتمويل مشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية، وتأجيل الحسم في التصويت على إعفاء رئيس هيئة الانتخابات من عدمه، وغيرها من القوانين العادية المؤجلة، لم تتمكن الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس من التصويت على مشروع قانون أساسي يتعلق بهيئة حقوق الإنسان والفصول المعدّلة من مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة، بالرغم من أن المشروعين تم تأجيلهما سابقا بدورهما.

وبحضور 116 نائبا، انطلقت الجلسة وهو عدد مقلق نوعا ما بما أن القانون الأساسي بحاجة إلى 109 أصوات للمرور، الأمر الذي يثير تخوفات من سقوطه مثلما حصل مع مشروع القرض أول أمس. وقد واستهلت الجلسة العامة اشغالها بمواصلة النظر في مشروع القانون الاساسي المتعلق بهيئة حقوق الانسان واعطاء الكلمة لوزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني المهدي بن غربية للاجابة عن تدّخلات النواب، التي تمت في جلسة سابقة. وقال بن غربية أن هيئة حقوق الانسان هي جزء لا يتجزأ من مؤسسات الدولة بعد تدعيم استقلاليتها وحيادها، مشيرا إلى أنه تمّت صياغة مشروع القانون بصفة تشاركية من خلال تشريك جميع الاطراف بمن في ذلك المجتمع المدني الى جانب استشارة لجنة البندقية والرجوع الى مختلف المعاهدات الدولية.

تراجع عدد النواب واعتراض على مقترحات تعديل
ومع تصويت نواب الشعب على المرور من النقاش العام الى التصويت على فصول مشروع قانون، اتضح أن عدد النواب تقلص مما أجبر رئاسة المجلس على رفعها، حيث صوت 109 نواب، مقابل غياب أي صوت معارض أو محتفظ، مما يصعب عملية المصادقة على فصول مشروع القانون. لكن في المقابل، فقد تحول النقاش حول بعض المسائل التقنية، حيث طالبت لجنة الحقوق والحريات المرور بمواصلة النظر في الفصول المعدّلة من مشروع القانون الأساسي الى حين استكمال المناقشة والاتفاق حول مقترحات التعديل المقدّمة بخصوص هذا المشروع. فيما اعترض بعض النواب بشأن المقترحات المقدمة من قبل جهة المبادرة، وقال النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي أن الوزير قدّم مقترح تعديل على اساس انّه مقترح تعديل مقدم من قبل جهة المبادرة في حين انّ الوثيقة المقدّمة للنواب منصوص ضمنها على ان مقترح التعديل تقدّمت به لجنة الصياغة التي شارك فيها ممثلون عن الكتل النيابية، معتبرا أن جهّة المبادرة لم يعد لها الحق في تقديم مقترحات تعديل باعتبار أنه تم الوصول إلى اطار قانوني وانتهت مرحلة مشروع قانون لذلك لابّد ان تتبنى اللجنة مقترحات التعديل. في حين اعتبر النائب عن كتلة حركة النهضة الحبيب خضر أنّه لا يوجد مانع من تقديم جهّة المبادرة مقترحات تعديل لانّه لم يرتق بعد لمرحلة القانون طالما أنه لم يتم البت فيه إلى حد الآن.

من جهته، قال وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية أن هذه المرحلة تعتبر مرحلة مشروع قانون ما لم يتم المصادقة عليه من قبل رئيس الجمهورية خاصة وانّ هناك فراغا تشريعيا بخصوص الاجراءات المتبعة عند ارجاع مشروع القانون للهيئة صلب النظام الداخلي للمجلس. وبطلب من النائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد سعيدان تمّ رفع الجلسة للتشاور لمدّة 10دقائق، وعلى اثر اقتراح كل من لجنة الحقوق والحريات ولجنة التشريع العام تمّ الاتفاق على ارجاع مقترح التعديل للجنة لايجاد صيغة توافقية حوله.

تأجيل مشروع قانون الهيئات الدستورية
وبالرغم من تأجيله، إلا أن الجلسة العامة لم تنظر في الفصول المعدلة بخصوص مشروع قانون الهيئات الدستورية وتم رفع الجلسة على ما يبدو نتيجة تراجع عدد النواب. يذكر أن وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، قدمت تعديلا للفصل 11 من قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية، يلغي الفصل 33 من القانون ذاته. وينص الفصل على أنه “في حالة الشغور الطارئ على تركيبة مجلس الهيئة لإعفاء أو وفاة أو استقالة أو عجز، يعلن مجلس الهيئة حالة الشغور ويدونها بمحضر خاص يحيله إلى مجلس نواب الشعب الذي يتولى سد هذا الشغور، طبقا لإجراءات انتخاب أعضاء الهيئة. يمكن إعفاء عضو بمجلس الهيئة، بقرار من ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب، بناء على طلب معلل من ثلث أعضاء مجلس الهيئة، طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون وبكل القوانين الخاصة بالهيئات الدستورية. على رئيس مجلس نواب الشعب أن يعلم العضو المعني بالأمر، في أجل أقصاه يومان، من تلقي طلب الإعفاء بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا . ويمكن للعضو المعني بالأمر الطعن في القرار في أجل أقصاه 7 أيام، لدى المحكمة الإدارية .. وتبت المحكمة في أجل أقصاه 7 أيام ..».

عريضة من أجل تجديد الثقة في الحكومة
تأجيل مشاريع القوانين مع تواصل الأزمة بين الكتل البرلمانية في علاقة بالحكومة، يأتي في وقت تسعى فيه المعارضة إلى تضييق الخناق على الكتل الممثلة في الحكومة ووضعهم في ركن واحد وأمام أمر الواقع. المعارضة وبالخصوص كتلتا الجبهة الشعبية والديمقراطية وغير المنتمين والبعض من الكتل الممثلة في الحكومة، بصدد تجميع الإمضاءات على عريضة تدعو رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى عرض تجديد الثقة في حكومته على البرلمان. وينصّ الفصل 97 من الدستور على انّه يمكن التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة، بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضيّ 10 ايام على إيداعها لدى رئاسة المجلس. ويؤكّد على أنّه يشترط

لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في نفس التصويت، ويتمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة طبق أحكام الفصل 89.

وفي صورة عدم تحقق الأغلبية المذكورة، لا يمكن أن تقدم لائحة اللوم مجددا ضد الحكومة إلا بعد مُضي ستة أشهر. أمّا الفصل 98 فإنّه ينصّ على أنّه يمكن لرئيس الحكومة أن يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة. كما ينصّ الفصل 99 على أنّه يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، مرتين على الأكثر خلال كامل المدة الرئاسية، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة، وعندئذ يكلف رئيس الجمهورية الشخصية الأقدر لتكوين حكومة في أجل أقصاه ثلاثون يوما طبقا للفقرات الأولى والخامسة والسادسة من الفصل 89.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115