النقاش العام يعيد نفسه: مجلس نواب الشعب يواصل مناقشة أبواب الميزانية

ناقشت الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب مشاريع ميزانيات وزارات الشؤون الدينية والتجارة والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.

نواب الشعب تطرقوا إلى المواضيع المتعلقة بالميزانيات وأهمها التجارة وكيفية النهوض بالاقتصاد، بالرغم من الانتقادات الموجهة إلى أداء هذه الوزارات.

استأنفت الجلسة العامة أعمالها يوم أمس من أجل إتمام مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الدينية التي تمت المصادقة عليها بـ 120 نعم دون احتفاظ ودون رفض، بعد أن اقتصرت الجلسة الليلية أول أمس على النقاش العام فقط الذي اقتصر بالأساس على مواضيع الأئمة والمشاكل المتعلق بموسم الحج. نواب الشعب اعتبروا أن مجهودات الوزارة في مقاومة الإرهاب ناجحة تقريبا، إلا أنه لابد لها من لعب دور مهم وتقديم إستراتيجية واضحة لمقاومته، إضافة إلى المطالبة بفتح ملفّ الحجّ والشروع في الإصلاحات، لان ظروف الحج صعبة ومتدهورة خاصة وأن عددا كبيرا من الحجيج هم من المسنين حسب ما بينته النائبة أسماء أبو الهناء. في المقابل، اعتبر النائب عبد المؤمن بلعانس أن دور الأئمة والمساجد لابد أن يكون

واضحا بعيدا عن السياسة والتجاذبات الحزبية، مطالبا في ذلك الأئمة بالقيام بدورهم في تنوير الرأي العام وتوعيته بأهمية القيم الإنسانية وتقبل الغير واحترام الاختلاف. وزير الشؤون الدينية أحمد عظوم صرّح أنه تم تخصيص منحة تنقل للأئمة لتصبح القيمة الجملية للمنحة 300 د، لكن الرفع في منح الأئمة وتأثيث المساجد سيثقل كاهل الوزارة خصوصا وأن الميزانية المخصصة للكراءات لا تغطي احتياجات الوزارة. وبين أن هناك قرابة 5700 مسجد في البلاد التونسية، نافيا في ذلك وجود مساجد خارج السيطرة.

مراجعة قانون المنافسة والأسعار
من جهة أخرى، صادقت الجلسة العامة على مشروع ميزانية وزارة التجارة المقدرة بـ 1660.762 م.د مقابل 1671.304 م.د سنة 2017، أي بنقص قدره 10.542 م.د بنسبة 0.6 %، موزعة على نفقات التصرف 1644.262 م.د، نفقات التنمية 16.000 م.د، صناديق الخزينة 0.500 م.د. وفي هذا الإطار، تحدث نواب الشعب عن ضرورة مراجعة قانون المغازات الكبرى للحفاظ على صغار التجار والحرفيين، إلى جانب المطالبة بأهمية محاربة التجارة الموازية التي تتطلب بدورها إجراءات فعلية واستخدام وسائل تقنية متطورة لتطوير العمل الرقابي، خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار الذي انعكس على حياة المواطن وعلاقة المنتج بالمستهلك، مع انتشار ظاهرة المنتوجات الفاسدة. وبين النائب الصحبي عتيق أن مستوى المراقبة الاقتصادية ضعيف في ظل انتشار المنتوجات الفاسدة في الأسواق، على غرار ارتفاع أسعار الخضر والغلال واللحوم بما فيها داخل الأسواق الشعبية، الأمر الذي يجعل الوزارة مطالبة بلعب دورها التعديلي على مستوى الأسعار.

كما تطرق نواب الشعب إلى ضرورة القيام بجملة من الاصلاحات من خلال العمل على مراجعة قانون المنافسة والأسعار وتفعيل مناطق التبادل الحر على المناطق الحدودية ضروري لمجابهة السوق الموازية. وقال النائب علي بنور أن قطاعنا الصناعي في تونس يشهد انخفاضا جراء التوريد العشوائي للسلع والبضائع من تركيا، مشيرا إلى أن السوق المحلية مغرقة بالمواد التركية لذلك يجب اتخاذ اجراءات موجعة للحد من التوريد وبالتالي من العجز التجاري والتصدي لمافيا الاقتصاد والتهريب. كما تناولت المواضيع خلال النقاش العام مسألة الدعم من خلال المطالبة بتوجيهها إلى مستحقيها وذلك عبر رقمنتها واحداث المعرف الوحيد، مع التحكم في الميزان التجاري والمنتوجات التونسية حسب ما بينه النائب بدر الدين عبد الكافي الذي أضاف دون توظيف السياسة والعلاقة الثنائية مع الدول في مجال التوريد. وقال النائب معز بالحاج رحومة أيضا أن هناك حوالي 200 شركة مصدرة كلّيا أغلقت أبوابها وجزء كبير منها يعود إلى عجز السوق المحلية، وبذلك خسرت تونس حوالي 50 ألف موطن شغل خلال الـ 5 سنوات الاخيرة، مطالبا فرض نسبة إدماج على الماركات العالمية المسجلة في قطاع النسيج من 20 إلى 30 %.

في المقابل، أكد وزير التجارة عمر الباهي على أن الأسعار في تونس تخضع لمبدإ العرض والطلب مشيرا إلى وجود نقص في مادة الخضر انجر عنه ارتفاع في الأسعار، إلى جانب النقص في المياه الموجهة للريّ مما انجر عنه نقص في الخضروات وقد بجّلنا توجيه الماء للشرب. وأرجع الباهي السبب الهيكلي لارتفاع الأسعار على مستوى النقص في العرض الأمر الذي يجبر الوزارة على التوريد. كما بين أن الدعم هو سياسة دولة في تونس، حيث يشمل الفئات الفقيرة والمتوسطة، موضحا أن هنالك تجميد على مستوى أسعار المواد الأساسية منذ 2007، إلى جانب أن دعم القمح الصلب والقمح الليّن يقدّر بـألف مليون دينار.

ميزانية ضعيفة
هذا وقد صادقت الجلسة العامة أيضا على مشروع ميزانية وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والبالغة 209.289 م.د مقابل 169.245 م.د سنة 2017 اي بنسبة تطوير 23.7 %، موزعة على نفقات التصرف 18.289 م.د، نفقات التنمية 115.000 م.د، صناديق الخزينة 76.000 م.د. النقاش العام بين نواب الشعب كان شبيها بمناقشة ميزانية وزارة التجارية، حيث اعتبر النائب محمد زريق أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة تلعب دورا محوريا في النسيج الاقتصادي والصناعي التونسي، لكن لا يمكن الحديث عن مؤسسات صغرى ومتوسطة دون التطرق إلى الحديث عن المناطق الصناعية. في حين اعتبر النائب نجيب ترجمان أن الأسواق تشهد غزوة من المنتوجات الأجنبية والتي ساهمت بقسط كبير في إغلاق العديد من المصانع، الأمر الذي جعل أغلب النواب يطالبون بدعم المستثمرين الشباب أصحاب التمويل الذاتي، وإلغاء العمل بطلب التراخيص لتسهيل عمل المستثمرين، بالإضافة إلى مزيد تسهيل إبرام اتفاقيات مع البنوك لتسهيل تمويل المشاريع في المناطق الداخلية. وتنتقد بعض النواب الاعتمادات المخصصة للتنمية لوزارة الصناعة معتبرينها غير كافية، حيث بين النائب طارق البراق أن مشروع ميزانية وزارة الصناعة لسنة 2018 متواضعة جدّا، باعتبارها تمّثل 0,5 % من ميزانية الدولة على الرغم من أهمية الصناعة ودورها في تحقيق التغيير والتحوّل بالبلاد.
في المقابل، قال وزير الصناعة سليم الفرياني أن مشروع ميزانية وزارة الصناعة لسنة 2018 يعتبر مشروعا طموحا يهدف بالأساس الى دفع القدرة التنافسية للمؤسسات ودعم حظوظ البلاد التونسية في استقطاب الاستثمارات، مشير إلى أنه سيتم تحقيق أهدافها من خلال منظومة حوافز وترتيبات مرتكزة على التجديد والابتكار. كما أكد أنه سيتم إعداد تصوّر جديد لبرنامج التأهيل الصناعي لدعم قدرات الاستثمار في هذا المجال، حيث تسعى وزارة الصناعة إلى تعزيز قدرات أقطاب التكنولوجيا ودعمها.

استكمال المناقشة
وفي الجلسة الليلية تمت مناقشة مشروع ميزانية وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجدّدة البالغة في حدود 1551.289 م.د مقابل 700.458 م.د سنة 2017، وتتوزع كالآتي: نفقات التصرف 1517.289 م.د، نفقات التنمية 4.000 م.د، صناديق الخزينة 30.000 م.د.
النقاش العام اعتبر أنه كرر نفس المواضيع في مختلف مناقشة الميزانيات، في حين طالب البعض الآخر بتعديل مجلة المحروقات ومجلة المناجم وتوحيد كافة مشاريع القوانين التي لها نفس الغرض.  وقد تواصلت الجلسة إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس لاستكمال مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115