مجلس نواب الشعب يصادق على ميزانيات الرئاستين والمجلس واقع الميزانيات لا يعكس حجم السلط الثلاث

• نصيب الأسد لفائدة رئاسة الحكومة
صادق مجلس نواب الشعب يوم أمس في جلسة عامة، على ميزانيات الرئاسات الثلاث في إطار مناقشة مشروع ميزانية سنة 2018

وقد حضيت ميزانية مجلس نواب الشعب بالنصيب الأضعف، في حين كان نصيب الأسد لفائدة ميزانية رئاسة الحكومة، تليها ميزانية رئاسة الجمهورية. لكن يبدو أن واقع الميزانيات لا يعكس حجم السلط الثلاث حسب ما طرحه النقاش العام بين نواب الشعب في الجلسة العامة
مصادقة نواب الشعب على ميزانية المجلس بـ 108نعم 07 احتفاظ و08 رفض، كانت على مضض ودون رضا تقريبا باعتبارها الميزانية الأضعف. ضعف الميزانية مثل حلقة نقاش صلب الجلسة العامة، خصوصا وأن السلطة المنبثقة عنها السلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة فاقت بكثير ميزانية البرلمان بالرغم من أن السلطة التشريعية من المفروض أن تكون لها الاستقلالية المالية الكاملة. وانطلقت الجلسة العامة بمناقشة ميزانية مجلس نواب الشعب المقدرة بـ30.919 م.د مقابل 29.446 م.د سنة 2017، أي بزيادة قدرت بـ 1.437 م.د بنسبة 5 %، موزعة على نفقات تصرف بـ 29.416 م.د،، ونفقات تنمية بـ1.500 م.د. النقاش العام بين نواب الشعب، تمحور بالأساس حول ضرورة تطوير أداء المجلس بالرغم من أن الميزانية ضعيفة جدا مقارنة ببقية الميزانيات، إلى جانب المطالبة بضرورة التسريع في المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالاستقلالية الإدارية والمالية لمجلس نواب الشعب. وبيّن النائب عن حركة النهضة الهادي صولة أنه يجب العمل على توفير مؤسسات تدعم عمل المجلس خاصة في البحوث والدراسات، باعتبار أن ظروف عمل النواب صعبة في ظل غياب الوسائل اللازمة لدعمهم على مستوى الأداء والمهام.

ضعف في الميزانية
أجمع كافة النواب على أن الميزانية لا تتلاءم مع أعمال السلطة التشريعية التي تعتبر السلطة الأصلية، حيث أكد النائب عن كتلة حركة نداء تونس المنجي الحرباوي أن ميزانية مجلس نواب الشعب تقدر بـ 31 م.د وهي تضاهي ميزانية جمعية رياضية، مشيرا إلى أن ضعف الميزانية لا يمكن من الارتقاء للمستوى المطلوب مقارنة بمكانته السياسية ولا تتماشى والدور المنوط بعهدته. في حين بين زميله من نفس الكتلة يوسف الجويني أنه لا يمكن توفير الإمكانيات اللازمة للنواب من أجل القيام بدورهم وخاصة في المهمات الرسمية في الخارج، مطالبا في ذلك بضرورة تفعيل الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس بصفته أعلى سلطة في البلاد.
الانتقادات تكررت من مداخلة إلى أخرى، خصوصا وأن كل سنة تكون ميزانية البرلمان من أضعف الميزانيات خصوصا على مستوى التنمية، معتبرين أن تدخل وزارة المالية في ميزانية البرلمان يعتبر مسا من استقلالية السلطة التشريعية عن بقية السلط. من جهتها، قالت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو أن هناك العديد من النفقات في ميزانية مجلس نواب الشعب لا مبرّر لها، مشيرة إلى وجود نقص في الشفافية في إدارة مجلس نواب الشعب. في المقابل قال مساعد رئيس المجلس المكلف بالتصرف العام شكيب باني أن هناك متطلبات كبيرة للمجلس بالاضافة إلى كثرة الأولويات من بينها توفير المساندة في الدعم اللوجستي للنواب وللمجلس عامة حتى يتمكن البرلمان من مواكبة دوره الموكل إليه بالدستور عن طريق إعادة هيكلة الإدارة البرلمانية. وأضاف أن الأهداف قائمة على دعم الإمكانيات الللوجستية ومزيد الانفتاح ودعم مستوى الدبلوماسية البرلمانية، حيث من المنتظر أن يتم توفير ثلاثة مساعدين لكل كتلة في انتظار إحداث مساعد لكل نائب بالإضافة إلى برمجة مشروع لتوسعة مبنى المجلس لتوفير مكاتب للنواب.

انتقاد وتثمين لأداء مهام رئيس الجمهورية
وفي الجلسة المسائية، ناقشت الجلسة العامة مشروع ميزانية رئاسة الجمهورية التي تم التصويت عليها بــ125 نعم 04 إحتفاظ و10رفض. وقد بلغت الميزانية 35.851 م.د، مقسمة على نفقات التصرف بـ102.848.000 د، ونفقات تنمية على مستوى اعتمادات البرامج بـ7.032.000 د واعتمادات التعهد 7.432.000د واعتمادات الدفع بـ5.665.000د وتطرق نواب الشعب خلال النقاش العام حول ضرورة الاهتمام بالمعهد الوطني للدراسات الاستراتجيات ومجلس الأمن القومي بالإضافة إلى الدبلوماسية الخارجية على غرار بعض المواضيع المتعلقة أساسا بدور رئيس الجمهورية والنظام السياسي في البلاد بعيدا عن محتوى الميزانية ومضمونها. الغريب في الأمر أن اغلب التدخلات تطرقت إلى رئيس الجمهورية في شخصه الباجي قائد السبسي سواء بالنقد من قبل المعارضة أو بتثمين أعماله من قبل نواب الكتل الممثلة في الحكومة، دون ذكر أرقام الميزانية أو مناقشة اعتماداتها، فعلى سبيل المثال انتقد النائب عن الجبهة الشعبية شفيق العيادي خيارات رئيس الجمهورية في العلاقات الدبلوماسية التي اعتبرها تأتي بالويلات على التونسيين، في حين اعتبر النائب عن كتلة حركة نداء تونس حمودة صوف أن الدبلوماسية التونسية عرفت انتعاشة مع قدوم الرئيس. كما طالب عدد من النواب من بينهم النائبة عن حركة النهضة جميلة دبش كسيكسي بضرورة تمكين الهيئة العليا للرقابة المالية والإدارية من صلاحيات أوسع من أجل تنفيذ الإصلاحات الإدارية الكبرى في البلاد، وتدعيم مواردها البشرية، بالإضافة إلى تدعيم عمل الموّفق الإداري وتفعيل مهامه من جديد.

الضغط على المصاريف
وفي رده على تساؤلات النواب، قال الوزير مدير الديوان الرئاسي سليم العزابي أنه تم الضغط على المصاريف بالنسبة لميزانية رئاسة الجمهورية بهدف ترشيد والحفاظ على نفس الميزانية لسنة 2017. كما بين أن السياسة الخارجية تعتبر من صميم صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث يقوم الرئيس بالعديد من التنقلات خارج تونس لإرجاع مكانتها الطبيعية وتدعيم نشاط الدبلوماسية الخارجية والعمل على تكريس البعد الاقتصادي. كما اعتبر أن مجلس الأمن القومي من أهم المؤسسات الناجعة التي تباشر نشاطها تحت إشراف رئيس الجمهورية، متعهدا بمواصلة دعم عائلات شهداء الأمن الرئاسي وأيضا بمنح جرحى الثورة دفتر علاج والترفيع في المنحة الموّجهة إليهم، باعتبارها من صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان.

ميزانية رئاسة الحكومة هي الأوفر
وفي الجلسة الليلة، ناقش مجلس نواب الشعب ميزانية رئاسة الحكومة المقدرة بـ 168.372 م.د مقابل 148.6 م.د سنة 2017. النقاش العام تطرق إلى عديد المواضيع ذات الصلة برئاسة الحكومة من بينها المطالبة بمراجعة التوقيت الإداري للوظيفة العمومية، والمطالبة باستقلالية الإعلام العمومي. وتطرقت رئيسة كتلة آفاق تونس ليليا يونس القصيبي إلى لجان الصفقات التي اعتبرتها دوما ما توافق على الإقصاء لأنها تفتقر إلى الإمكانيات الضرورية التي تمكنها من مناقشة الصفقات، مشيرة إلى أنه في كثير من الأحيان يتمّ إقصاء الشركات التي تقّدم أفضل العقود بتعلّة أن العرض منقوص الأمر الذي يتسبب في خسارة للمجموعة الوطنية. في المقابل، طالب النواب عن الدوائر الانتخابية بالخارج من بينهم عبد الرؤوف الماي بضرورة إرساء المجلس الوطني للتونسيين بالخارج الذي صادق عليه البرلمان منذ أمد بعيد، وتوفير الاعتمادات الضرورية له. هذا وتتواصل مناقشة ميزانية رئاسة الحكومة إلى غاية ساعة متأخرة من ليلة أمس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115