مقترحات عديد وانتقادات بالجملة وتتواصل أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فأين المخرج؟

لا تزال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تبحث عن مخرج لها سواء على المستوى القانوني أو التوافقي، في انتظار الكلمة الأخيرة لمجلس نواب الشعب في انتخاب رئيس الهيئة وما سيقوله بخصوص عملية التجديد خصوصا وانه كان قد راسل الهيئة في مناسبتين بخصوص القرعة. عديد الجمعيات والمنظمات ومن بينها أعضاء هيئة 2011 قدموا مقترحات في الغرض من أجل حلحلة الأزمة حتى تنجز الهيئة أعمالها على أحسن وجه.

يبدو أن أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باتت تشغل الجميع اليوم سواء من قبل منظمات المجتمع المدني أو من قبل أعضاء الهيئة أنفسهم. هذه الأزمة والمتعلقة أساسا بقرار مجلس الهيئة الأخير القاضي بالتخلي عن القرعة واعتبار استقالة رئيس الهيئة السابق شفيق صرصار والعضوين مراد المولهي ولمياء الزروقي هي عملية تجديد في حد ذاتها، إضافة إلى مسألة انتخاب رئيس الهيئة من قبل مجلس نواب الشعب.
هذه الأزمة تم إقرارها من قبل أعضاء الهيئة أنفسهم، فبعد تصريح العضو نبيل بفون الذي أكد ضرورة استرجاع الثقة لدى الهيئة من جديد، بين العضو عادل البرينصي أن الهيئة تتعرض خلال الفترة الأخيرة إلى هجمة تكاد تكون ممنهجة من قبل بعض صناع الرأي العام وهي تتزامن مع تنظيم هذه الهيئة الدستورية، للانتخابات الجزئية في دائرة ألمانيا، مشيرا إلى وجود تهديد حقيقي لمسار الإصلاح السياسي والديمقراطي في تونس من خلال إضعاف الهيئة الانتخابية وإرباك عملها والترويج لجملة من المغالطات القانونية بهدف عدم التوصل إلى تنظيم انتخابات بلدية في موعدها الجديد المقرر في 25 مارس 2018.

ضرورة مساندة الهيئة
في المقابل، حاول رئيس الهيئة المؤقت أنور بن حسن دعوة الجميع إلى الالتفاف حول الهيئة من أجل تفادي هذه الأزمة باعتبارها الضامنة لشفافية ونزاهة الانتخابات والتصدي لكل ما من شأنه المس من مصداقيتها. وبالرغم من قرار مجلس الهيئة بالتخلي عن القرعة إلا أن الأعضاء الثلاثة المنتخبين منذ سنة 2014 وهم كل من نبيل بفون وأنور بن حسن ورياض بوحوش فقد أكدوا أنهم مع القبول برأي المحكمة الإدارية بالنظر إلى أنها مؤسسة شبه دستورية وذلك في غياب المحكمة الدستورية. ويذكر أن الاستشارة تنص على انتخاب رئيس للهيئة في مرحلة أولى ومن ثمة المرور إلى إجراء عملية القرعة أو التجديد الدوري، من بين الأعضاء الستة، ثلاثة من التركيبة القديمة وأيضا الأعضاء الثلاثة الذين تم انتخابهم في إطار سد الشغور).

في المقابل، فقد أبدت عديد منظمات المجتمع المدني اعتراضها على قرار الهيئة الأخير، حيث استنكرت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» عدم احترام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للآجال و عدم تطبيقها الفصل 126 من الدستور والفصل 32 من القانون المنظم لها والمتعلق بالقرعة وتجديد ثلث أعضائها. كما بينت الجمعية أن مخالفة مجلس الهيئة يعتبر تعديا على القانون وقد بينت استشارة المحكمة الإدارية بشكل واضح الفروق بين جميع الوضعيات وما يجب اتخاذه، والفرق بين الاستقالة و القرعة، وبناء عليه وبالرغم من ذلك اصدر مجلس الهيئة قرارا مخالفا للقانون ويعد ذلك سابقة خطيرة، مع العلم أن القرعة تشمل كل من لم يُشمل بذلك سابقا أي كل الأعضاء باستثناء العضوين اللذين جاءا بالقرعة وهما نبيل العزيزي وعادل البرينسي.

مبادرة من قبل هيئة الجندوبي
تأزم الوضع داخل الهيئة، حتّم على الأعضاء السابقين لهيئة سنة 2011 التي ترأسها كمال الجندوبي التدخل من أجل إيجاد حل لمعضلة الهيئة حتى لا يتكرر مثل هذا السيناريو من جديد.  وفي هذا الإطار، أصدر كل من رئيس الهيئة الأسبق محمد كمال الجندوبي والعضوين سامي بن سلامة وزكي الرحموني بيانا مشتركا حمّلوا من خلاله مجلس نواب الشعب المسؤولية التامة، وذلك بعد انقضاء الأجل القانوني لإجراء القرعة يوم 08 أكتوبر 2017 وهو ما أكدته المحكمة الإدارية، على مجلس نواب الشعب تحمل مسؤولياته وإجراء القرعة بنفسه من بين الأعضاء السبعة المعنيين بها، إذ لم يحدد القانون الجهة المختصة بإجرائها. ويتمثل المقترح المطروح في إجراء قرعة من أجل إخراج ثلاثة أعضاء منهم يبقون في ممارسة مهامهم لحين انتخاب أعضاء جدد، مع رفض ترشحاتهم لرئاسة الهيئة، على أن يتولى مجلس نواب الشعب انتخاب الرئيس الجديد للهيئة من بين من قدم ترشحه من بين المرشحين الأربعة المتبقين، وتؤجل عملية اختيار الأعضاء الجدد إلى ما بعد حل الأزمة لعدم التأثير على عمل الهيئة طيلة المسار الانتخابي. ومن بين الإصلاحات العملية بالنسبة للأعضاء السابقين إلغاء لجنة الفرز الخاصة المنصوص عليها بالفصل 6 من القانون، ثم الفصل بين جهة فرز الترشحات وجهة انتخاب الأعضاء، وترك مسألة انتخاب الرئيس إلى أعضاء مجلس الهيئة والعمل أيضا على الحد من صلاحيات المدير التنفيذي للهيئة واسترجاع مجلس الهيئة لصلاحياته.
في انتظار تدخل مجلس نواب الشعب، يبقى قرار الهيئة الأخير محل انتقاد لدى البعض وهناك من يعتبره الحل في انتظار تنقيح قانون الهيئة. لكن بات من الواضح الانقسام الموجود داخل الهيئة بين الأعضاء خصوصا وأن محضر جلسة الهيئة أبرز تصويت 6 مع و3 ضد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115