Print this page

قبل انطلاق السنة النيابية الرابعة ماذا تبقى لمجلس نواب الشعب من السنة الفارطة؟

تتعدد مشاريع القوانين والمسائل العالقة منذ السنة النيابية الثالثة على عاتق مجلس نواب الشعب، فبالرغم من أهمية مشاريع القوانين التي تم تأجيل النظر فيها أو ايقاف النقاش حولها، إلا أنها كانت من المفروض أن تتم المصادقة عليها قبل انطلاق السنة البرلمانية الرابعة. انطلاقة السنة البرلمانية الرابعة قد تعيد النظر في هذه النقاط وتنظيمها من أجل المصادقة عليها في أقرب الآجال أو إعلان تأجيلها مرة أخرى.

عديدة هي الأمور العالقة منذ السنة البرلمانية الثالثة بمجلس نواب الشعب، مشاريع قوانين لا تخلو من أهمية على غرار مشروع مجلة الجماعات المحلية، ومشروع قانون الميزانية، إلى جانب تنقيح النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، واستكمال الهيئات الدستورية في ما يتعلق بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وفض الإشكال الحاصل في هيئة الحقيقة والكرامة، بالإضافة إلى فك معضلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. السنة البرلمانية ستكون على موعد مع عديد النقاط العالقة منذ السنة الفارطة، سواء من خلال التوافق بين الكتل البرلمانية، أو من خلال إعادة تنظيم جدول الأعمال بين ما يراه مكتب المجلس من المستعجل وبين ما يراه غير ضروري في حالة وجود بعض المشاريع جاء فيها طلب استعجال النظر من قبل الحكومة

تنقيح النظام الداخلي
كان من المفروض أن يصادق مجلس نواب الشعب في نهاية السنة البرلمانية الثالثة على تنقيحات النظام الداخلي حتى يتفادى العثرات والثغرات التي تعرض لها في السنوات الفارطة والعمل على تحسين أدائه، مع العلم أن الجلسة العامة اقتصرت على النقاش العام فقط، دون الخوض في فصول مشروع تنقيحات النظام الداخلي للبرلمان، تؤجل للمرة الثانية على التوالي بعد تأجيلها في السنة النيابية الثانية، نتيجة الخلاف الحاصل بين رئيس المجلس محمد الناصر وما ادعته لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية من محاولات للتدخل في صلاحياتها من خلال فرض مقترحات تعديل من قبل رئاسة المجلس. تنقيح النظام الداخلي بات متأخرا اليوم، من أجل ترميم البيت الداخلي للبرلمان، باعتبار أن السنة البرلمانية الرابعة قد انطلقت فعليا من خلال استغلال النظام الحالي، بالرغم من أن تنقيحات نصت على تقليص عدد اللجان القارة والخاصة وبعث لجان جديدة هذا كله دون الحديث عن مساهمة التنقيحات الجديدة في تحسين الأداء البرلماني من ناحية مكافحة ظاهرة الغيابات في صفوف النواب من خلال الاقتطاع من المنحة، بالإضافة إلى التنصيص على مدونة سلوك للنائب للحد من بعض التصرفات غير المتفق عليها وسط المجلس.

المسائل المتعلقة مباشرة بمجلس نواب الشعب دائما ما تشهد صعوبات وخلافات أكثر من المشاريع الواردة من قبل الحكومة، فعلى سبيل المثال مشروع القانون المتعلق بالاستقلالية الإدارية والمالية للبرلمان، يعتبر من أهم المشاريع التي ستساهم مستقبلا في إضفاء مزيد من النجاعة على عمل المؤسسة التشريعية وفك الارتباط العضوي بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، بالاضافة إلى ترك مبدأ التدبير الحر بيد المجلس نفسه. هذا المشروع الذي لا يزال عالقا أيضا في لجنة النظام الداخلي منذ السنة البرلمانية الثانية نتيجة الخلافات وغياب نية لدى البعض في السلطتين التشريعية والتنفيذية بأن يتمتع المجلس باستقلاليّته، وهو موضوع دائما ما يطرح خلال مناقشة أبواب الميزانية باعتبار أن المجلس دائما ما يحصل على أقل موارد مقارنة ببقية السلط والرئاسات الثلاثة.

بين قانون الميزانية ومجلة الجماعات المحلية
من ناحية أخرى، فإن مشروع قانون الميزانية الذي تمت مناقشته صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية كان من المفروض أيضا أن يكون جاهزا قبل مناقشة قانون المالية وميزانية الدولة لسنة2018، وكذلك يجب أن يرتبط بمشروع مجلة الجماعات المحلية. مشروع القانون المتعلق بالميزانية يعتبر من أهم الإصلاحات الهيكلية للمالية العمومية باعتباره سيضع قواعد جديدة لإعداد الميزانية وهيكلتها من أجل مزيد إضفاء مبادئ الشفافية والنجاعة كما سيساهم مشروع القانون في إعطاء الاستقلالية المالية للهيئات الدستورية وهو ما لم يكن موجودا في القانون السابق. وبالرغم من الانطلاق في مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية، من قبل لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح، إلا أن المجلة مازالت في طورها الأول في المصادقة على الفصول، خصوصا في ظل تأجيل النظر في العديد منها إلى حين الاستماع الى عدد من الخبراء

معضلة الهيئات الدستورية
هذا وتندرج مجلة الجماعات المحلية ضمن تهيئة المناخ الانتخابي مثلها مثل استكمال انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة، حيث من المفروض أنه في حال حسم هذه المسألة برمتها في نهاية السنة البرلمانية الثالثة أو خلال الدورة الاستثنائية التي اقتصرت على استكمال عملية سد الشغور دون التوصل إلى انتخاب رئيسا لها. وبالنسبة لبقية الهيئات الدستورية فقد تأخر مجلس نواب الشعب نوعا ما في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، حيث اقتصرت لجنة فرز الترشحات على إجراء الفرز الأولي في حين أجلت النظر في الفرز الثاني ونشر القائمة النهائية للمترشحين. نفس المسألة تقريبا تعاني منها هيئة الحقيقة والكرامة، التي لم يتم سد الشغور الحاصل فيها بعد الخلاف الحاصل في الجلسة العامة المخصصة لانتخاب ثلاثة أعضاء، وعدم التوافق عليهم من قبل الكتل البرلمانية، الأمر الذي أجل المسألة برمتها.

نواب الشعب بدورهم يعتقدون أن المشكل لا يكمن في مجلس نواب الشعب وحده، بل تكمن المسألة في مدى استكمال اللجان البرلمانية لتقاريرها النهائية واستكمال المصادقة على مشاريع القوانين، خاصة في ظل تذبذب جدول الأعمال من حين إلى آخر كلما جاءت مشاريع قوانين جديدة تحظى بطلب استعجال النظر من قبل الحكومة، دون الحديث عن أولويات الجلسات العامة في اختيار مشاريع القوانين النابعة من اللجان واختيار ما تراه الأنسب من أجل المصادقة.

المشاركة في هذا المقال