على غرار المطالبة بضرورة المصادقة على مجلة الجماعات المحلية: عديد النقائص التقنية قد تحول دون إجراء الانتخابات البلدية في موعدها

على غرار المطالبة بضرورة المصادقة على مجلة الجماعات المحلية قبل إجراء الانتخابات البلدية، فقد طالبت الأحزاب السياسية بضرورة توفير مناخ ملائم لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي. هذا المناخ لا يقتصر على المسائل التقنية بل يتجاوزها الى عديد المسائل الاخرى ، بالرغم من تعهد الحكومة بالالتزام بما جاء في الروزنامة الانتخابية، وتأكيد هيئة الانتخابات لجاهزيتها.

اغلب الأحزاب السياسية في تونس نادت بضرورة المصادقة على مجلة الجماعات المحلية قبل إجراء الانتخابات البلدية، لكن يبدو أن هذا المطلب ليس الوحيد باعتبار وجود بعض الضمانات الأخرى من أجل توفير مناخ انتخابي ملائم. هذا المناخ لا يقتصر بالأساس على مجلة الجماعات المحلية حسب الأحزاب المطالبة بتأجيل الانتخابات إلى شهر مارس من السنة القادمة، بالرغم من تشبث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بهذا الموعد وتأكيد جاهزيتها على جميع المستويات لهذا الاستحقاق. عديد التحديات تعتبرها الأحزاب السياسية، تقف عائقا أمام هذا الموعد المحدد في 17 ديسمبر القادم، من بينها مسألة تعميم التغطية البلدية. وفي هذا الإطار، صرحت النائبة عن الكتلة الحرة لمشروع تونس لـ«المغرب»، أنه بالرغم من إحداث قرابة 86 بلدية جديدة، إلا أنه إلى حد الآن لم يتم تخصيص مقرات لها ولا تخصيص الميزانية الخاصة بها، بالإضافة إلى عدم فتح باب الانتدابات بالنسبة للأشخاص الذين سيعملون فيها.

نقائص تقنية
من جهة أخرى، فإن أهم الإشكاليات المطروحة حاليا تتمثل في فروع المحكمة الإدارية بالجهات التي ستتولى النظر في الطعون ، بالرغم من صدور الأمر بإحداثها بالرائد الرسمي. لكن المسألة لا تقتصر على إحداثها فقط، بل يستوجب ضرورة مقرات وموارد وانتدابات ودورات تكوينية للقضاة والموظفين، وهو ما تعتقده الأحزاب غير ممكن في ظرف شهر. كما تساءل ممثلو الأحزاب السياسية عن دور محكمة المحاسبات التي ستقوم بمراقبة مصاريف القائمات الانتخابية المنتظر أن يكون عددها كثيرا، وهو ما يستوجب توفير الموارد المادية واللوجستية، خصوصا وأنه إلى حد الآن لم يتم رصد ميزانية سنة 2018 من أجل مجابهة كل هذه الموارد المادية و البشرية خاصة وانه لم يتم رصدها في الميزانية السابقة، حيث بينت خولة بن عائشة أن ميزانية سنة 2018 سجلت نقصا بأكثر من 13 مليون دينار وان الميزانية التكميلية 2017 لم يتم إعدادها.

وجود نوع من الارتياب
من جهة أخرى، تعتبر بعض الأحزاب أن النقائص لا تنحصر في المسائل التقنية فقط، بل حتى على المستوى السياسي، حيث بين النائب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أنه يوجد إلى حد الآن نوع من الارتياب فيما إذا كان الانتخابات ستجري في موعدها أم سيقع تأجيلها، مشيرا إلى أن ما يغذي هذه الشكوك مواقف العديد من الأطراف التي لا تزال تؤكد ان شروط الانتخابات الشفافة والنزيهة مفقودة علاوة على ميل أوساط واسعة داخل بعض أحزاب السلطة وخاصة النداء إلى التأجيل لتقديرات سياسية وحزبية حسب ما يروج من أخبار. كما أضاف انه لا يمكن أن تنحصر النقائص في الجوانب التقنية فقط بقدر ما يمثله من أبعاد سياسية عميقة فإن ما يمكن الجزم به هو أن شروط الانتخابات الشفافة والنزيهة تكاد تكون منعدمة إذا أخذنا بعين الاعتبار عدم حياد الإدارة، والولاة والمعتمدين والعمد، التي تسيطر عليها الأحزاب الأساسية من الائتلاف الحاكم. بالإضافة إلى عدم السيطرة على مؤسسات سبر الآراء التي تتصرف خارج ابسط ضوابط العمل السياسي المحايد لفائدة أطراف بعينها بما من شأنه أن يكيف ميولات الناخبين، على غرار غياب إمكانية مراقبة المال والتمويل الفاسد خلال العملية الانتخابية القادمة.

الأحزاب غير جاهزة
في المقابل، ترى حركة النهضة أن التحدي الوحيد يكمن بالأساس في مصادقة مجلس نواب الشعب على مجلة الجماعات المحلية مع توفر الإرادة السياسية. وأوضحت النائبة عن حركة النهضة إيمان بن محمد أن المجلس سيصادق على مجلة الجماعات المحلية خلال دورة استثنائية من المنتظر عقدها خلال شهر سبتمبر ثم استكمال سد الشغور في تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خصوصا وأنها أكدت جاهزيتها لإجراء الانتخابات في وقتها. كما بينت أنه بالرغم من ضيق الوقت، لكن يجب على كافة الأحزاب التحلي بالمسؤولية من أجل إنجاح هذا الاستحقاق، باعتبار أن التحدي الآن يكمن في عدم جاهزية الأحزاب السياسية وليس الحكومة التي أبدت استعدادها بدورها من أجل احترام روزنامة الانتخابات البلدية.

الحكومة متعهدة بإتمام الإجراءات
هذه الانتقادات لم تقتصر على الأحزاب السياسية فقط بل ان منظمات المجتمع المدني بدورها أبرزت كل هذه النقاط معتبرة أنه يجب توفير كل الظروف لإنجاح هذه المرحلة الانتخابية بمعايير تحترم شروط الديمقراطية والنزاهة والشفافية، حتى أن المنسق العام لشبكة مراقبون رفيق الحلواني أكد أن الهيئة بدورها غير جاهزة لهذا الاستحقاق على جميع المستويات تقريبا. من جهتها، قالت أميرة كريدغ عن منظمة بوصلة أنه لا يكفي المصادقة على مجلة الجماعات المحلية لإجراء الانتخابات البلدية، بل يجب التفطن إلى وجود عديد الأوامر الحكومية التي نص عليها مشروع المجلة والتي بلغ عددها تقريبا 30 أمرا حكوميا. كما أن الدوائر الابتدائية للمحكمة الإدارية بالجهات ليست كلها جاهزة رغم أن أغلب الدوائر تحصلت على مقرات إلا أنه يجب التذكير أن هناك مناظرة لانتداب عدد هام من القضاة الإداريين، لكن لم تستكمل المحكمة الإدارية إجراءات الانتداب علما وان نزاعات الترشح لا يمكن رفعها أمام القاضي الإداري إلا لفترة وجيزة بعد انتهاء عملية الترشح ويتوقع أن تكون هذه النزاعات خلال شهر سبتمبر ونشر القائمات المترشحة في 5 نوفمبر بعد استكمال أجال الطعون.

كما بينت منظمة بوصلة ان السؤال المطروح هل ان الدولة سترصد اعتمادات بعنوان مساعدة الجماعات المحلية في قانون المالية لسنة 2018 علما وان هذا القانون سيتم إعداده على ضوء القانون الأساسي للميزانية الحالي الذي لا يكرس فعلا لاستقلالية الجماعات المحلية خلافا لمشروع القانون المعروض على لجنة المالية والتي لم تنطلق في دراسته إلا في شهر ماي ولم تحله إلى الجلسة العامة بعد.

مواصلة الأعمال
لكن بالرغم من كل هذه الانتقادات إلا أن هيئة الانتخابات تعتبر نفسها جاهزة، خصوصا مع تعهد السلطة التنفيذية بإتمام كافة الإجراءات في الموعد المحدد، حيث من المنتظر أن يتم تفادي الصعوبات والبطء في الإجراءات حتى تكون المحاكم الفرعية جاهزة في أقرب الآجال. الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لم تتوقف إلى حد الآن عن أعمالها أو الاكتفاء بعملية التسجيل، حيث انطلقت فعلا في الإعداد لعمليات الفرز والإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية في انتظار الانطلاق في ثاني مرحلة انتخابية بعد التسجيل والمتمثلة في تقديم الترشحات للانتخابات البلدية، بالتزامن مع استعداد بعض الأحزاب لانتخاب واختيار ممثليها في الجهات لهذا الاستحقاق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115