خاص بـ«المغرب» : تقييم خاص للسنة النيابية الثالثة من أعمال مجلس نواب الشعب بين المنجز والمنتظر...والمؤجل والمستعجل

76 جلسة عامة - 216 جلسة عمل بين لجان قارة وخاصة - نسبة الحضور في الجلسات العامة 78 % - نسبة الحضور في اللجان القارة 55 % - نسبة الحضور في اللجان الخاصة 49 % - 236 سؤالا شفاهيا - أكثر من 200 مداخلة حسب الفصل 118

تقييم أعمال مجلس نواب الشعب خلال السنة النيابية الثالثة بات من الضروريات القصوى حسب النواب خصوصا وأن النظام الداخلي لم يتم تعديله، وذلك من أجل تفادي الاخلالات والهنات التي اعترضت نواب الشعب خلال السنوات الثلاث الأخيرة. «المغرب» تنشر بصفة خاصة أهم ما جاء في السنة البرلمانية الثالثة من إحصائيات وأرقام وبعض التقييمات التي جاءت على لسان مختلف النواب، الذين تقريبا قدموا نفس الملاحظات وأجمعوا على نفس المواقف.
انتهت الدورة النيابية الثالثة يوم 31 جويلية 2017 بصفة رسمية، ليدخل مجلس نواب الشعب في عطلة برلمانية في انتظار عقد دورة استثنائية، وذلك استعدادا للسنة النيابية الرابعة. سنة نيابية كاملة مرت وقد تمت فيها المصادقة على عديد مشاريع القوانين الهامة، واستكمال بناء مؤسسات الدولة من هيئات دستورية وتنزيل أحكام الدستور. وحسب منظمة بوصلة فإنه منذ شهر أكتوبر 2016 أي تاريخ انطلاق المدة النيابية الثالثة، تم عقد 76 جلسة عامة، و216 جلسة عمل بين لجان قارة وخاصة مع تسجيل نسبة حضور قدرت بـ 78 %في الجلسات العامة ساهمت في المصادقة على 60 مشروع قانون، بالإضافة إلى تسجيل نسبة حضور قدرت بـ 55 %في اللجان القارة، و49 %في اللجان الخاصة.

تركيز الهيئات الدستورية ومؤسسات الدولة
السنة البرلمانية الثالثة والتي شهدت عديد التجاذبات السياسية على مستوى مشاريع القوانين المعروضة إلا أنه وعلى مستوى التقييم فقد اختلفت الآراء من نائب إلى آخر، لكن الأهم من ذلك والبارز للعيان أن الدور التشريعي لمجلس نواب الشعب قد هيمن على بقية الأدوار وهي الدورين الرقابي والتمثيلي في ظل الترسانة الهائلة من مشاريع القوانين المعروضة على أنظار اللجان البرلمانية.
لكن هناك إجماع في صفوف نواب الشعب على مستوى التقييم الذين اعتبروا أنه من الضروري إجراء عملية تقييم واسعة صلب المجلس قبل الانطلاق في السنة البرلمانية الرابعة. هذه السنة البرلمانية الثالثة عرفت عديد الصعوبات نتيجة التجاذبات السياسية مع بروز كتلتين جديدتين وهي كل من الكتلة الديمقراطية والكتلة الوطنية، خصوصا على مستوى تركيز الهيئات الدستورية واستكمال عمليات سد الشغور، بالإضافة إلى تحسين أداء المجلس في تنقيح نظامه الداخلي. وقال النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي أن الفشل الأول يكمن في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بالرغم من صدور قانون إحداثها منذ شهر ديسمبر 2015 و بالرغم من فتح باب الترشيحات ثم غلقه وختم أعمال الفرز و الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين. كما فشل المجلس في سد الشغور في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على اثر استقالة رئيس الهيئة ونائبه وعضو أخر و ذلك بالرغم من أن الهيئة بصدد الإعداد للانتخابات البلدية المقبلة، وبالرغم من التوافق الموثق الحاصل بين مختلف الكتل، مقابل نجاح المجلس ولو بصفة متأخرة في تجديد ثلث مجلس الهيئة وتركيز هيئة النفاذ إلى المعلومة.

عديد مشاريع القوانين الهامة
هذا النقص أو الفشل في بعض الأحيان، لم يمنع مجلس نواب الشعب من المصادقة على عديد مشاريع القوانين الهامة كتنقيح القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء الذي أعطى دفعة نحو إجراء الانتخابات البلدية وتفعيل الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية. بالاضافة إلى تنقيح مجلة المحورقات، ومشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، مشروع القانون المتعلق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، مشروع القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، مشروع قانون المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة، مشروع قانون يتعلق بمراجعة الامتيازات الجبائية، مشروع يتعلق بالمصادقة على المخطط التنموي (2016 - 2020) ، القانون المتعلق بالمخدرات، اجراءات استثنائية للتقاعد المبكر، المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، وكذلك فك معضلة المجلس الأعلى للقضاء بعد تنقيح قانونه الأساسي، ليتمكن من تركيز المجلس القضائي الذي انطلق بدوره في أعماله، بالإضافة إلى مصادقته على مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.

لجنة التوافقات والطعون...
بالرغم من مصادقة مجلس نواب الشعب على عديد مشاريع القوانين الهامة، إلا أن الدور التشريعي يتآكل شيئا فشيئا حسب النائب عن كتلة آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج رياض جعيدان الذي بين إن لجنة التوافقات المسقطة على عمل المجلس قد قضت على فعالية الجلسات العامة، باعتبار أن الجلسات العامة مدعوة لتعديل مشاريع القوانين من خلال النقاش المفتوح للرأي العام، مشيرا إلى أن الجلسات اليوم باتت صورية نظرا لانحصار العمل في مكاتب مغلقة أي لجنة توافقات التي تضم 5 أشخاص وهم رؤساء كتل.
وعلى إثر هذه التوافقات يجبرون النواب في نطاق مبدأ الانضباط على التصويت الأمر الذي يحط من دور النائب التشريعي، وهي مسألة تم التطرق إليها خلال النقاش العام بخصوص تنقيح النظام الداخلي من أجل سن فصل يتعلق بهذه اللجنة. لكن في المقابل، فقدت شهدت مشاريع القوانين المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب ونتيجة لهذه التوافقات على حد تعبير نواب المعارضة، 4 طعون خلال السنة النيابية الحالية لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين من قبل المعارضة. وهي مشروع القانون المتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية، مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، ومشروعي قانون يتعلقان برخص بحث واستغلال في مجال المحروقات.

عدم المصادقة على المبادرات التشريعية
كما تعتبر الوظيفة التشريعية لنواب الشعب منقوصة جدا على مستوى المبادرات التشريعية إذ تجاوز عددها 40 مبادرة ، فبعد مرور 3 سنوات من عمل البرلمان، لم تتم المصادقة على أية مبادرة منها باستثناء اثنتين آخرها تتعلق بالأراضي الفلاحية. ويعود هذا الأمر للتبعية المفرطة من البرلمان للحكومة باعتبار أن المتعارف عليه أن الأولوية المطلقة هي لمشاريع الحكومة، وهو ما جعل عديد المبادرات لا تزال مركونة في الرفوف إلى حد الآن. ومن بين هذه المبادرات تجريم الإثراء غير المشروع والتصريح بالممتلكات وكذلك مشروع القانون المتعلق بتنظيم قطاع سبر الآراء ومبادرة تتعلق بحالة الطوارئ، مع العلم ان المبادرات مودعة منذ السنة النيابية الأولى تقريبا قبل أن تقدم الحكومة نفس مشاريع القوانين خلال هذه السنة.

تقزيم المهمة الرقابية
من جهة أخرى، فإن الوظيفة الرقابية لنواب الشعب لا تزال منقوصة ومنحصرة بالأساس في الأسئلة الكتابية والشفاهية وجلسات الحوار مع الحكومة. وإن أغلب الأسئلة الكتابية لم تتم الإجابة عنها إلى حد الآن خصوصا تلك الموجهة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، كالسؤال المتعلق بالمنشور عدد 4 القاضي بمنع الموظفين من الإدلاء بتصريحات إعلامية دون ترخيص من المسؤول المشرف عليهم. إلى جانب الصعوبات التي يتعرض لها النواب منها رفض بعض الزيارات الميدانية أو التهرب من تحديد مواعيد مع النواب من طرف السلطة التنفيذية. كما باتت الأسئلة الشفاهية التي قدر عددها خلال السنة النيابية الثالثة 236 سؤالا تقتصر على المهرجانات الخطابية دون وجود أي مفعول رجعي أو تبعيات على إثر طرح ذلك السؤال، خصوصا وأن الاسئلة الشفاهية لا تتم الإجابة عليها في الحين وإنما في أغلب الأحيان بعد انتهاء الإشكال القائم حينها. وبخصوص الحوار مع الحكومة، فقد انتهج مجلس نواب الشعب مبدأ عقد جلسة حوار كل شهر، إلا أنه إلى حد الآن تم عقد اثنتين واحدة عقب عملية اغتيال محمد الزواري، ثم فيما يتعلق بخطة الحكومة حول ملف محاربة الفساد، مع تسجيل جلسة وحيدة لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، لكنها لا تندرج ضمن باب جلسات الحوار مع الحكومة.

عدم نجاعة الدور التمثيلي إلى حد الآن
في المقابل، وأمام هيمنة الوظيفة التشريعية على الوظيفة التمثيلية سواء على معنى الفصل 118 من النظام الداخلي المتعلق بالتدخلات بعد انتهاء الجلسات العامة أو في إطار أسبوع الجهات. هذا الدور يبقى منقوصا سواء بالنسبة لنواب الخارج أو الداخل، باعتبار أن نواب الخارج ليست لهم مكاتب قارة وغير معترف بهم لدى البعثات الدبلوماسية والقنصليات حسب النائبين رياض الجعيدان وعبد الرؤوف الماي. وبخصوص الفصل 118 فقد تم تسجيل أكثر من 200 مداخلة فور انتهاء الجلسات العامة من أجل مناقشة قضايا الجهات، إلا أنه لا يتم الأخذ بها بعين الاعتبار خصوصا وأن أعضاء الحكومة دائما ما يغادرون المجلس فور المصادقة على مشاريع القوانين. كما أن أسبوع الجهات لم يرتق إلى الحد المطلوب، وذلك لغياب التقارير الضرورية أو مناقشتها صلب لجنة التنمية الجهوية التي سجلت أقل نسبة اجتماعات مقارنة ببقية اللجان، بالرغم من أن مجلس نواب الشعب اتفق على عقد جلسة دورية تناقش مشاكل الولايات في كل مناسبة يتم اختيار مناطق معنية، إلا أنه تم عقدها في مناسبتين اثنتين فقط.

فشل في تطوير عمل المجلس وأدائه
هذه السلبيات والهينات ليست غريبة عن المجلس خصوصا وأن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر دائما ما يعد بإصلاحات هيكلية على مستوى الأدوار الثلاثة لنواب الشعب بالتزامن مع مفتتح كل سنة نيابية وهو ما لم يحصل إلى حد الآن مع فشل البرلمان في تنقيح نظامه الداخلي في إطار تطوير أعماله وتجاوز الصعوبات السابقة. كما لا يتمكن مجلس نواب الشعب من المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالميزانية المودع لدى لجنة المالية والتخطيط والتنمية نظرا لإثقال اللجنة بالمعاهدات والقروض، حيث أن أغلب مشاريع القوانين المصادق عليها تتمثل في اتفاقيات قروض. مشروع القانون المتعلق بالميزانية يعتبر من أهم الإصلاحات الهيكلية للمالية العمومية لأنه سيضع قواعد جديدة لإعداد الميزانية وكيفية هيكلتها وهو ما يساعد على مزيد دعم الشفافية والنجاعة، إلى جانب أنه يعطي الاستقلالية المالية للهيئات الدستورية.

تعديل النظام الداخلي
واعتبر نواب الشعب أن فشل تعديل النظام الداخلي الذي بات عنصرا معطلا لعمل مختلف هياكل المجلس و ذلك بالرغم من التزام رئيس المجلس بهذا التعديل، إلى جانب فشله في المصادقة على القانون المنظم للجان البرلمانية خاصة لجان التحقيق بالرغم من مناقشة مشروع القانون في اللجنة المختصة ثم في جلسة عامة و تقديم مقترحات التعديل و بالرغم كذلك من تكوين عدد من لجان التحقيق في المجلس مثال لجنة باناما و لجنة التسفير إلى بؤر التوتر، التي لا تزال عاجزة عن العمل دون إطار قانوني ينظم صلاحياتها. كما انتقدت عديد منظمات المجتمع المدني المختصة في مراقبة الشأن البرلماني غياب برمجة واضحة وعدم تبويب مشاريع القوانين حسب الأولويات، إذ يغير المجلس دوما جدول الأعمال وهو ما يستوجب ضرورة التسريع في المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالاستقلالية الإدارية والمالية للبرلمان الذي من شأنه أن يفك نوعا ما الارتباط العضوي مع السلطة التنفيذية. وقال النائب توفيق الجملي أن عمل المجلس تميز بالتشتيت بطرح قوانين أو مبادرات أضاعت كثيرا من الوقت مثل قانون المصالحة الاقتصادية.

لا يزال ينتظر مجلس نواب الشعب عديد المهام والتحديات خلال السنة القادمة، إلا أنه بات من الضروري القيام بعديد الإصلاحات من أجل إعطاء أكثر نجاعة لمؤسساته وهياكله والإسراع في المصادقة على مشاريع القوانين، خصوصا في البحث عن الحلول الضرورية من أجل محاربة ظاهرة الغيابات، وهو من أكثر المشاكل التي تم تداولها خلال هذه السنة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115