ولادة عسيرة نتيجة الحسابات السياسية وغياب التوافق: مجلس نواب الشعب يفشل في سد الشغور صلب هيئة الانتخابات

ولادة عسيرة للتركيبة الجديدة لمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد فشل الجلسة العامة هذه المرة في الحسم في صنف القضاء الإداري بالرغم من إجراء عملية التصويت ثلاث مرات، وذلك فور اختيار مرشح من

صنف القضاء العدلي. غياب التوافق مع غياب نواب، أثار موجة من الانتقادات في صفوف المعارضة التي وصفت الأمر بالمهزلة السياسية بين الكتل الأكثر تمثيلا من أجل تسييس الهيئة وتعطيل مسار الانتخابات البلدية.

فشلت الجلسة العامة المنعقدة أول أمس في سد الشغور صلب تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خصوصا وأن نواب الشعب لم يتمكنوا من تجاوز الصنف الأول والمتمثل في صنف القاضي العدلي بالرغم من إجراء دورتين انتخابيتين متتاليتين، إلا أنه لم يتحصل أي من المترشحين السبعة ضمن هذا الصنف على الأصوات اللازمة أي أغلبية الثلثين بـ 145 صوتا. نفس السيناريو تقريبا أعيد يوم في الجلسة العامة يوم أمس في ما يخص صنف القضاة الإداريين، بعد إجراء ثلاث عمليات اقتراع إلا أنه لم يتحصل أي مترشح على الأصوات الكافية.

انقلاب الأصوات
وقبل انطلاق الجلسة العامة، عقد رؤساء الكتل البرلمانية جلسة من أجل التوافق حول الأسماء المترشحة السبعة في صنف القضاة العدليين، لتنطلق الجلسة العامة مباشرة في عملية التصويت من أجل تعويض رئيس الهيئة شفيق صرصار. ويحظى هذا الصنف بسبعة مترشحين تم التصويت عليهم في الجلسة الصباحية، لكن المفاجأة أسفرت عن انتخاب فاروق بن محمد الهادي بن الحاج حسن الودرني بـ147 صوتا، بالرغم من أن الجلسة الفارطة انتخبت في مناسبتين المرشح الشاذلي بن سالم بن محمد الصيادي بـ143 صوتا، ثم 135 صوتا، وهو نصاب غير كاف للمرور بالنسبة له. لكن في المقابل، فإنه في هذه المرة قد تحصل على ثلاثة أصوات فقط، بالرغم من اعتقاد الجميع أنه سيكون الأقرب على خلفية النتائج الفارطة. هذا الأمر يفسر أن الخلاف الحاد بين كتلتي النهضة ونداء تونس حول المترشح الشاذلي بن سالم بن محمد الصيادي، قد حتم عليهم البحث عن شخصية أخرى لم تكن تحظى بأي توافق في السابق.

غياب الأصوات اللازمة في صنف القضاء الإداري
وبعد الانتهاء من معضلة الصنف الأول، انتخب نواب الشعب مباشرة الصنف الثاني والمتمثل في صنف القاضي الإداري والذي حظي بثلاثة ترشحات فقط من. لكن سرعان ما عاد جدل التوافق وكسره أو العدول عنه، وذلك بعد فشل نواب الشعب في اختيار مرشح من ثلاثة، حيث تحصلت المرشحة نجلاء بنت الهاشمي بن محمد الصيد إبراهم على 96 صوتا، سليم بن الجمعي بن البغدادي البريكي صوتين فقط، وأخيرا ماهر بن عبد القادر بن التيجاني الجديدي بـ 65 صوتا. هذا الأمر أثار استغراب العديد من النواب، خصوصا وأنه تم عقد جلسة توافقات وتم الاتفاق على الأسماء التي سيتم انتخابها في الأصناف الثلاثة تحت إشراف رئيس مجلس نواب الشعب، وما زاد الأمر غرابة خروج كتلة حركة نداء تونس قبل الانطلاق في الدورة الثانية لعملية الانتخاب.

انسحاب نواب نداء تونس، جعل المعارضة ومن بينهم النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي يهدد بفضح المسألة في نقطة نظام صلب الجلسة العامة، ويفصح عن حقيقة ما يدور في كواليس لجنة التوافقات من وجود نوايا لتأخير عملية الانتخاب أمام وسائل الإعلام، معتبرا أنه لا يمكن العودة إلى التوافقات باعتبار أنه تم العدول عنها من خلال نتيجة التصويت المذكورة.

الأمور محسومة مسبقا !
غياب نواب كتلة حركة نداء تونس عن الجلسة العامة نتيجة عدم اختيار مرشحهم التوافقي، قبل انطلاق الدورة الثانية من التصويت على صنف القضاء الإداري، جعل لجنة الفرز تطالب بعقد جلسة توافقات باعتبار أن النصاب الحالي لنواب الشعب لا يكفي للحصول على 145 صوتا. لكن في المقابل، فقد تم الاتفاق مسبقا على أن المترشح الذي يتحصل على أكثر أصوات يكون المترشح التوافقي، بالإضافة إلى إمكانية ترشيح العضو نبيل بفون لرئاسة الهيئة، الذي يكون بحاجة إلى 50 صوتا زائد واحد ليصبح الرئيس، على أن يتم اختيار نائب الرئيس بين أعضاء مكتب الهيئة المتكون من تسعة.
هذا التوافق، والذي كان بمثابة لعبة سياسية أو طبخة سياسية محكمة تكون الجلسة العامة مسرحا لها، حسب المعارضة، والتي صعدت بدورها في توصيفها لما حصل «بالمهزلة» بين كتلتي نداء تونس والنهضة بالخصوص الذين يريدون تسييس الهيئة لفائدتهم خصوصا وأن المرشحين تشوبهم بعض الانتماءات السياسية والولاءات على حد تعبيرهم.

دورتان ثانية وثالثة
في المقابل، اعتبر رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال أن كتلته ملتزمة بالتوافق، مشيرا إلى أن هناك بعض الكتل حادت عن التوافق في إشارة إلى كتلة حركة النهضة، حيث لا تمثل كتلته عائقا مثلما يصرح به البعض، حتى أنه طالب بأن يكون التصويت علنا باعتبار أن الجميع مطالب بالالتزام بما تم الاتفاق حوله. وفي هذا الإطار، انطلقت الدورة الثانية في صنف القضاء العدلي لكن قبل الإعلان عن نتائجها، تم إيقاف الجلسة العامة على ما يبدو لعدم وجود نية من رئاسة المجلس للإعلان عنها باعتبار أن النتائج تعذرت مرة أخرى، وهو ما جعل رؤساء الكتل يعقدون جلسة توافقات من جديد لحسم المسألة خصوصا وأن ما يحصل جعل كثيرا من التأويلات تحوم داخل أروقة المجلس. وبعد انتظار دام ثلاث ساعات تقريبا، تم الإعلان عن نتائج الدورة الثانية والتي كانت شبيهة بالدورة الفارطة، مع وجود ورقة ملغاة، و6 أوراق بيضاء.

نتيجة الحسابات السياسية والخلافات بين الكتل من أجل الحصول على 145 صوتا ليكون السبيل الوحيد أمام كل مترشح من أجل الحصول على مقعد داخل مجلس الهيئة، تمت إعادة دورة ثالثة على التوالي في نفس الصنف، وهو ما أدخل الجلسة العامة في تشنجات لغياب النواب الذين انسحبوا بعد طول انتظار على امتداد اليوم. حيث انطلقت عملية التصويت بحضور 137 نائبا فقط، اي بغياب النصاب القانوني وهو ما أطاح بعملية التصويت للمرة الثالثة على التوالي. حيث تراجعت المرشحة نجلاء بنت الهاشمي بن محمد الصيد إبراهم لتحصل على 29 صوتا، مقابل ارتفاع حظوظ ماهر بن عبد القادر بن التيجاني الجديدي بحصوله على 103 صوتا، في حين لم يتحصل المترشح سليم بن الجمعي بن البغدادي البريكي على أي صوت، مع تسجيل 6 أوراق بيضاء.

مراقبة عملية التصويت
ومع هذا الخلاف والتشنج والتعطيل، فقد شابت عملية الاقتراع حسب منظمة «بوصلة» عديد الإخلالات، حيث اعتبرت أن تصويت نواب الشعب للمرة الثالثة على عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن فئة قاضي عدلي بمشاركة 161 نائبا، مع إضافة ورقة بعد غلق باب التصويت وقبل البدء بالفرز، وهي ورقة النائبة لمياء الغربي عن كتلة نداء تونس، مقابل تعليل ذلك بأن صندوق الاقتراع لم يتم فتحه بعد. كما رصدت البوصلة صوتين إضافيين لم يقع احتسابهما في التصويت الثاني، رغم عدم إلغاء أية ورقة أو وجود أية ورقات بيضاء.

عدم تمكن مجلس نواب الشعب من سدّ الشغور صلب هيئة الانتخابات للجلسة الثانية على التوالي، وانسداد أفق التوافق مع غياب نواب الشعب عن الجلسة، حتم على رئاسة المجلس تأجيل الجلسة العامة إلى موعد لاحق يتم تحديده في دورة برلمانية استثنائية، على أن يتم الإعلان عن موعدها في المدة القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115