قبل نهاية السنة النيابية الحالية: مجلس نواب الشعب ينقّح نظامه الداخلي لتفادي العثرات السابقة

قبل نهاية السنة النيابية الحالية يوم 31 جويلية، يسعى مجلس نواب الشعب إلى تنقيح نظامه الداخلي لتفادي الإشكاليات والإخلالات الحاصلة في أعماله خلال الثلاث السنوات المنقضية، وذلك من

أجل إضفاء مزيد من النجاعة على أدواره الثلاثة المتمثلة بالأساس في الدور الرقابي، التشريعي، التمثيلي. عديدة هي المقترحات المقدمة من قبل الكتل أبرزها تتعلق بالغيابات وتنظيم أعمال اللجان والاستقلالية للبرلمان مقترحات وجب على لجنة التوافقات أن تحسم فيها قبل المصادقة.

انطلق مجلس نواب الشعب منذ ليلة أول أمس في مناقشة مشروع تنقيح النظام الداخلي، وذلك من خلال النقاش العام الذي تطرق بالأساس إلى المشاكل والإخلالات التي تعرض لها نواب الشعب خلال الدورات النيابية الثلاث. وتعتبر مسألة الغيابات في صفوف النواب من أهم المشاكل التي يعاني منها مجلس نواب الشعب، بالرغم من عدم مصادقة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية من اقتطاع 100د من منحة النواب عن كل غياب غير مبرر.

النقاش العام انحصر بالأساس في ثلاثة مشاكل أولهما الغيابات والتذبذب في جدول الأعمال المصادق عليه من قبل مكتب المجلس، حيث طالب نواب الشعب بضرورة توفير آليات لمعالجة مسالة الغيابات بالإضافة إلى ضرورة التشجيع على الحضور في اللجان ولاسيما بالجلسات العامة، حيث اقترح النائب عن حركة النهضة عبد اللطيف المكي سحب عضوية البرلمان من كل نائب شعب يصل حدا أقصى من الغياب. مقترحات عديدة تداولها النواب في هذا الإشكال خصوصا وأن النواب المواظبون على الحضور يكاد عددهم لا يتجاوز الـ100 نائب، حسب النائب عن الجبهة الشعبية شفيق العيادي الذي أضاف أنه يجب الإنصاف في العقوبة المالية المتعلقة بالغياب بالنسبة لنواب الشعب.

الغيابات وتنظيم اللجان
الغيابات على مستوى أعمال اللجان القارة والخاصة والجلسات العامة، تتفاوت من حين إلى آخر حسب أهمية جدول الأعمال، فعلي سبيل المثال اعتبرت النائبة ليلى أولاد علي عن الكتلة الوطنية أن غياب النواب أثناء الجلسات العامة المخصصة للأسئلة الشفاهية تعطي صورة سلبية، مطالبة في ذلك بتخصيص جلسة شهرية لهذا الغرض، خصوصا وأن الأسئلة الشفاهية صارت ظاهرة لغوية يمارسها النواب دون أي رجع صدى من السلطة التنفيذية. في حين طالب رئيس كتلة الحرة لمشروع تونس عبد الرؤوف الشريف بمراجعة كيفية التعامل مع الوقت في الجلسات المخصصة للأسئلة الشفاهية لأعضاء الحكومة ولاسيما جلسات المساءلة، بالإضافة إلى البحث عن إيجاد حلول للتأخيرات الحاصلة في انطلاق الجلسات العامة.

من جهة أخرى، شهدت هياكل البرلمان، بالخصوص اللجان القارة والخاصة انتقادات عدة صلب النقاش العام سواء في صلاحياتها وأعمالها أو تركيبتها، حيث اعتبر النواب أن هناك عدم توازن في مهام اللجان، بالإضافة إلى أن تقسيم المواضيع بين اللجان القارة غير موضوعي، حيث يجب إعادة مراجعة تركيبة اللجان. وفي هذا الإطار، شكلت لجنة التوافقات محورا هاما في موضوع اللجان باعتبارها غير منصوص عليها في النظام الداخلي الحالي للمجلس، بالرغم من أنها لا تزال قائمة إلى حد اللحظة. وبين النائب عن حركة النهضة الصحبي عتيق أن آلية التوافقات هي آلية مهمة جدا وقادرة على إنقاذ العديد من الوضعيات إلا أنها لا يجب أن تحّل محل عمل اللجان القارة في نفس الوقت، حتى أن النائب عن آفاق تونس كريم الهلالي اعتبر بدوره أن لجنة التوافقات تعتبر من أبرز المشاكل الكبيرة في المجلس حيث أصبح النواب يتخلفون عن عمل اللجان لأن ما يتداول في اللجان سيتغير في لجنة التوافقات.

الاستقلالية المالية والإدارية للمجلس
من المسائل الهامة التي تطرق لها نواب الشعب مسألة الاستقلالية المالية والإدارية لمجلس نواب الشعب وفك الارتباط العضوي بالسلطة التنفيذية، خصوصا وأن مشروع القانون المختص في هذا الأمر لم ير النور إلى حد الآن بالرغم من الانطلاق في مناقشته في عديد المناسبات. وقال النائب عن الجبهة الشعبية عبد المؤمن بلعانس أن مجلس نواب الشعب يجب أن يكون مستقلا وليس تحت وصاية السلطة التنفيذية. مجلس نواب الشعب لا يزال الى اليوم لم يتموقع الموقع الذي ينص عليه الدستور، وهو ما يستوجب ضرورة الجرأة في مناقشة النظام الداخلي حسب تدخلات النواب مع العلم ان تطويره لوحده غير كاف بل يجب العمل على سن تشريعات اخرى تتناغم معه. المطالبة باستقلالية السلطة التشريعية، أرجعه البعض إلى ضعف البرلمان سواء على مستوى الصلاحيات أو الميزانية حتى أن الإمكانيات المتاحة لا تسمح له بالقيام بدوره الحقيقي، حيث كان من المفروض مناقشة مشروع الاستقلالية الإدارية والمالية للمجلس نظرا لأهميته وتأثيره على عمل مجلس نواب الشعب قبل تنقيح النظام الداخلي.

عديد الإخلالات الأخرى
الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب على الحكومة سواء من خلال الأسئلة الشفاهية والكتابية وجلسات المساءلة يعتبر منقوصا جدا، حسب النقاش العام، حيث طالب نواب الشعب بضرورة إضفاء مزيد من النجاعة على هذا الدور، بالإضافة إلى العمل على تنظيم الأعمال صلب البرلمان. وقالت النائبة عن الكتلة الديمقراطية سامية عبّو أن التدخلات صلب الجلسة العامة تم ضبطها وتحديد شروط مجحفة وهو ما ساهم في التقليص من الدور التشريعي للنائب، مشيرة في ذلك إلى ضرورة التنصيص على مبدإ التصريح بالممتلكات صلب مقترح تعديل النظام الداخلي. في حين اعتبر رئيس كتلة الإتحاد الوطني الحر طارق الفتيتي أن الجلسات العامة المتتالية تؤثر على جودة المشاريع المصادق عليها واكبر مثال على ذلك هو قانون هيئة الحوكمة الرشيدة. كما بين النائب عن الحرة لمشروع تونس إبراهيم ناصف أن أسبوع الجهات لا يتم تطبيقه على الرغم من أهميته، باعتبار أحقية الجهات في التواصل مع نوابهم من أجل إيصال المشاكل والمشاغل إلى السلط المعنية.

جهة المبادرة بدورها تنتقد
في المقابل، انتقدت بدورها جهة المبادرة والمتمثلة في نواب الشعب وهم كل من النائبين عن حركة النهضة كلثوم بدر الدين والحبيب خضر، والنائب عن حركة نداء تونس شاكر العيادي والنائبة عن آفاق تونس نزهة البياوي الشفي، النظام الداخلي ودافع كل منهم عن المقترحات المقدمة من قبل كتلتهم. حيث اعتبر نواب الشعب المقدمين لمقترحات التنقيح أن النظام الداخلي يجب أن يلعب دورا بالكيفية التي خوّلها له الدستور التونسي، بالإضافة إلى العمل على ترشيد قرارات المجلس. كما تساءلت جهة المبادرة عن أسباب اشتراط النصاب في جلسة عامة غير مخصصة للتصويت، لكن هذا لا يعني عدم البحث عن حلول لإشكالية الغيابات في الجلسات العامة ولاسيما على مستوى اللجان. كما اعتبرت جهة المبادرة أن: التوافقات مهّمة إلا أنها دائما ما تمس من جوهر النص التشريعي ومن العمل داخل اللجنة، بالرغم من أن التوافقات في أصلها إجراء سياسي حيث يجب النظر في مشروعيتها وصلاحياتها. وأوضحوا أن منظمة بوصلة قدّمت العديد من مقترحات التعديل إلا أن اللجنة تعاملت معها بشكل عرضي، خصوصا أن هناك العديد من اللجان التي لم تثبت أي جدوى من وجودها لذلك لابّد من إحداث لجان وفقا للحاجة.

الجلسة العامة توقفت مع نهاية النقاش العام والتصويت على الانتقال إلى مناقشة فصول مشروع القانون والمصادقة عليها، من أجل فسح المجال أمام لجنة التوافقات لصياغة مقترحات التعديل والنظر فيها وحصرها إن أمكن الأمر، على أن تستأنف صباح اليوم أو في ساعة متأخرة من الليل باعتبار أن جدول الأعمال يضم كذلك عملية انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسد الشغور بعد الاستقالات الحاصلة صلبها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115