في إطار مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية: منظمات المجتمع المدني تنتقد وتقدّم مقترحاتها...

تطرقت جلسة الاستماع يوم أمس الى عدد من منظمات المجتمع المدني صلب لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح، إلى تفاصيل مشروع مجلة الجماعات المحلية. هذا وقدّمت كل من منظمة

«بوصلة» و»جمعية عتيد» و»كلنا تونس» مقترحاتها في شكل قراءة تحليلية نقدية لمضامين مشروع المجلة بهدف تطويرها وتفادي النقائص الموجودة في عدد من الفصول.

في إطار مناقشتها لمشروع مجلة الجماعات المحلية، واصلت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح خلال اجتماعها يوم أمس سلسلة جلسات استماعها وذلك بعد الاستماع في جلسة سابقة إلى وزير الشؤون المحلية رياض المؤخر. وقد استمعت اللجنة إلى كل من منظمة «بوصلة» و»عتيد»، نظرا لاختصاصهما في هذا المجال، إلى جانب بعض الدراسات المنجزة من قبلهم في ما يخص الوضعية الحالية للبلديات والعمل الجهوي عموما.

نقائص في تشريك المواطن
منظمة «بوصلة» تطرقت بالأساس إلى بعض النقائص ومطالب المواطنين من خلال دراسة أجريت في هذا الصدد، حيث اعتبر ممثلو المنظمة أن المواطنين لهم دراية ووعي كبير في ما يخص اللامركزية، ذلك ان مجمل الاقتراحات التي تحصلت عليها «بوصلة» تنحصر في أغلبها في مستوى المالية المحلية والتدبير الحر. ويعتبر مبدأ التدبير الحر المنصوص عليه صلب مشروع المجلة من أهم الإشكاليات التي تعرضت إليها المنظمة، معتبرين أنه لا يمكن الحديث عن هذا المبدأ دون تمكين الجماعات المحلية من الاستقلالية المالية والإدارية والذي من شأنه أن يعزز الثقة بين المواطنين والبلدية. كما اعتبرت المنظمة أن عزوف مشاركة المواطنين في أشغال المجالس البلدية يعود بالأساس إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار المقترحات المقدمة من قبلهم.

كما تطرق ممثلو منظمة «بوصلة» في تدخلاتهم إلى العلاقة بين البلدية والوالي والعلاقة بين المجلس الجهوي والمجلس البلدي، والتي من شأنها أن تعطل اتخاذ القرارات والصفقات العمومية والعقود، مطالبين في ذلك بتمكين القضاء من آليات الرقابة رفقة المواطنين. إلا أن المجلة الحالية لم تشدد على مبدأ الرقابة وتشريك المواطن باعتبار أن آليات التشريك موضوعة من قبل السلطة التنفيذية، وهو ما يجعلها رقابة صورية.

تداخل الصلاحيات
وفي الجزء الثاني من جلسة الاستماع، استمعت اللجنة إلى جمعية «عتيد»، حيث اعتبر ممثلو الجمعية أن اللامركزية عملية معقدة للغاية، خصوصا وأن مشروع المجلة لم ينص على عملية التدرج في تركيز اللامركزية. وانتقدت جمعية «عتيد» ما جاء في مشروع المجلة على مستوى الفصل 289 المتعلق بصلاحيات البلدية، الذي بدا على حد تعبيرهم مقتضبا ويحمل العديد من المفاهيم الفضفاضة، على غرار الفصل 261 المتعلق بصلاحيات الجهة، مطالبين في ذلك بضرورة تحديد صلاحيات كل من الجهة والبلدية والإقليم، والعمل على مزيد توضيح الصلاحيات المشتركة وتنظيمها، حتى لا يساهم هذا الخلط في تداخل الاختصاصات في حالة وجود نزاعات. وقال رئيس الجمعية معز بوراوي في هذا الصدد، أنه كان من الأفضل مناقشة مقترح المجلة المقدم من قبل عدد من النواب والذي تمّت إحالته قبل المشروع الحكومي، خصوصا وأن تلك النسخة تمت صياغتها بتشريك المجتمع المدني وعدد من الخبراء في هذا المجال.

وتطرق البوراوي إلى أهم المبادئ التي حملتها المجلة في قراءة نقدية تهدف إلى تحسين مشروع المجلة، حيث بين أن المجلة حملت جملة من المبادئ الهامة من بينها مبدأ اللامركزية الذي يهدف أساسا إلى تحويل جزء من السلطة المركزية إلى السلطة المحلية مع التنصيص على وحدة الدولة، ثم مبدأ التدبير الحر الذي يعتبر مصطلحا معقدا يتمثل في حرية إدارة الشؤون المالية والإدارية على المستوى المحلي. بالإضافة إلى مبدأ التفريع أي أن كافة الشؤون المتعلقة بالشأن المحلي ترجع وجوبا إلى السلطة المحلية إلا في حالات استثناء كحالات الطوارئ، ثم مبدأ التضامن وتعديل التضامن مع مختلف مكونات التراب الوطني والتعديل بين مختلف الجماعات المحلية بغية تحقيق التوازن المالي للجماعات المحلية. إلى جانب مبدإ الديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة وهو مبدأ دستوري يتعلق بكيفية مشاركة المواطنين والمجتمع المدني في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعتها على ارض الواقع.

لكن في المقابل، فإن هذه المبادئ تبدو منقوصة صلب المجلة، حيث طالبت الجمعية بضرورة توضيح كيفية توزيع الصلاحيات الذاتية والمشتركة مع السلطة التنفيذية، خصوصا وأنه لم يتم التنصيص على الوظائف العمومية المحلية كالكاتب العام للبلدية الذي ينتمي إلى سلطة إشراف تابعة للسلطة التنفيذية. كما اعتبرت الجمعية أنه تم تغييب الشرطة البلدية التي لا تخضع إلى رقابة وسلطة رئيس البلدية، وهو ما يتناقض تماما مع مبدا الاستقلالية. كما انتقدت الجمعية تمكين كل من المجلس الأعلى للجماعات المحلية والهيئة العليا للمالية المحلية من سلطة استشارية غير وجوبية، بالإضافة إلى تشريك وزارات السلطة التنفيذية في اللجنة الخاصة بإسناد رخص البناء.

مقترحات كتابية
تدخلات منظمات المجتمع المدني تشابهت تقريبا من حيث المضمون وإن اختلفت في بعض الأحيان، كآليّات تمويل الجماعات المحليّة المتضمّنة في مشروع القانون خاصّة في ظلّ حصر مسألة الاقتراض من صندوق القروض للجماعات المحليّة فقط. وفي هذا السّياق أكّدوا على ضرورة تنويع مصادر التّمويل خاصّة على المستوى الجبائي لتخفيف العبء المالي على المركز. هذا ومن المنتظر أن تقدم الجمعيات مقترحات التعديل التي تراها مناسبة في نسخة كتابية إلى مكتب اللجنة، على أن تتم مواصلة جلسات الاستماع إلى بقية منظمات المجتمع المدني في الاسبوع القادم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115