مجلس نواب الشعب يناقش مشروع مجلة الجماعات المحلية: وينطلق الجزء الثاني من المسار نحو تركيز باب السلطة المحلية

يعتبر مشروع القانون المتعلق بمجلة الجماعات المحلية من أهم مشاريع القوانين المعروضة حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب، حيث انطلقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في

مناقشة مشروع القانون من خلال عقد سلسلة من جلسات الاستماع بهدف تطوير المشروع وملاءمته مع مقتضيات مفهوم السلطة المحلية. تحديات بالجملة تشهدها المجلة لا تقتصر على المصادقة فقط، بل في كيفية تطبيقها على أرض الواقع.

انطلقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في تعبيد الجزء الثاني من الطريق نحو الانتخابات البلدية والجهوية بعد مصادقة البرلمان على تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء، وتركيز الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية، وذلك من خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بمجلة الجماعات المحلية. مشروع القانون الذي كان محط أنظار الرأي العام والأحزاب السياسية على امتداد اليومين الفارطين، لأهميته الشديدة باعتباره سيضمن الانتقال إلى النظام اللامركزي، وسيمكّن من توزيع جديد لممارسة السلطة السياسية في البلاد.

منهجية العمل
ونظرا لهذه الأهمية، فقد وضعت اللجنة منهجية عمل تتلاءم مع أهمية مشروع مجلة الجماعات المحلية، من خلال الانطلاق في الاستماع إلى جهة المبادرة أي وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر، على أن تتم في ما بعد مناقشة إستراتيجية الوزارة في إنجاح نظام اللامركزية. وفي مرحلة ثانية من المنتظر أن تستمع اللجنة إلى كل من المنظمات الوطنية والمجتمع المدني خصوصا منها التي شاركت في صياغة المجلة وذلك في إطار مبدأ النظام التشاركي الذي يقوم على مشاركة المجتمع المدني في اتخاذ القرارات وممارسة الدور الرقابي على قرارات المجالس المحلية . كما سيتم تكوين فريق عمل ينبثق عن اللجنة من أجل تنظيم أيام دراسية برلمانية حسب المحاور الكبرى للمجلة.

توفير بعض الضمانات
ومباشرة انطلقت اللجنة ليلة أول أمس في الاستماع إلى وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر، حول الإطار العام لمسار اللامركزية وإرساء الحوكمة الرشيدة، الذي بين أن اللامركزية تعتبر مسارا طويلا ومعقدا، حيث يواجه المشروع العديد من الصعوبات كفك الارتباط العضوي من المركزي إلى المحلي. كما بين الوزير أن اللامحورية قدمت بعض الحلول وإمكانيات ظلت نتائجها دون المأمول، وهو ما يستوجب ضرورة الخروج من آلية الحكم الموجود لدعم الجماعات المحلية. وبين الوزير أن نقل السلطة للجماعات المحلية يعتبر وسيلة لدفع التنمية وتحقيق التوازن بين مختلف جهات البلاد، وذلك بعد توفير كافة الضمانات اللازمة من خلال تدعيمها بالقدرات والكفاءات البشرية خصوصا وأن البلديات حاليا تفتقد للخبراء والمختصين لتنفيذ برامجها، إلى جانب أن ميزانيات البلديات لا تتجاوز 4 بالمائة من ميزانية الدولة، إلى جانب ضعف نسبة التأطير التي لا تتجاوز 10 بالمائة، دون الحديث عن القوانين القديمة المكبلة لعمل البلديات وتحد من صلاحياتها.

تحديات بالجملة...
مجلة الجماعات المحلية تواجه عديد الصعوبات والتحديات لا تكمن بالأساس في تسريع المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب، حيث بين المؤخر أن إرساء اللامركزية يبقى رهين تطوير المالية المحلية إلى جانب القدرات البشرية في مرحلة أولى، حيث عملت الوزارة على توفير جملة من الظروف الرئيسية لإنجاح هذا المسار تتمثل في قانون الانتخابات وتعميم النظام البلدي ومشروع مجلة الجماعات المحلية. ومن المنتظر أن يتفرع عن مجلة الجماعات المحلية 27 أمرا حكوميا وقوانين أخرى.

الجزء الثاني من جلسة الاستماع صباح أمس، تطرق بالأساس إلى مضمون مجلة الجماعات المحلية، حيث اعتبر وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر أن المجلة قابلة للتغيير والتعديل من قبل اللجنة بهدف تحسينها وتطويرها طبقا لمقتضيات الحكم المحلي. واعتبر المؤخر أن تجاوز عدد البلديات في تونس 350 بلدية، لا يمنع من دمج البلديات لتوحيد إمكانياتها ومواردها وتحسين أدائها. وتضمنت المجلة تقريبا كافة الأحكام المتعلقة بالجماعات المحلية، فتح المجال لتحديث العديد من التشريعات ذات العلاقة بالشأن المحلي، خصوصا التهيئة والتعمير والجباية المحلية والتصرف، من خلال 366 فصلا باعتبار أن المجلة يجب أن تستوعب كافة النصوص القانونية ذات العلاقة. جلسة الاستماع ناقشت بالأساس كيفية تحويل الصلاحيات من المركزي إلى المحلي، دفعة واحدة، حيث بدت العملية صعبة جدا، وهو ما يستوجب ضرورة وجود ثلاثة مسارات متتالية، تمتد الأولى على تسع سنوات وتشمل التحاور حول مسائل أساسية تهم الشأن المحلي، لبلوغ أهداف كمية ونوعية. حيث تتضمن المجلة مبدأ التدبير الحر وحرية التصرف في الشؤون المحلية، مع التقيد بالقانون في القرارات، فضلا عن ضمان الاستقلالية الإدارية والمالية لها. كما تكفل تولي القضاء المالي والإداري مهمة الرقابة اللاحقة لتعويض الرقابة المسبقة التي كانت تمارسها سلطة الإشراف على الجماعات المحلية.

متأخر نوعا ما
في المقابل، تطرق النقاش العام بين أعضاء اللجنة الى تأخر الوزارة في إحالة مشروع مجلة الجماعات المحلية على أنظار مجلس النواب بالنظر إلى موعد إجراء الانتخابات البلدية في 17 ديسمبر القادم، الذي قد ينعكس على إصدار الأوامر الترتيبية وبقية القوانين المنظمة للحكم المحلي. في حين أبرز عدد من النواب غياب الضمانات الكافية للحفاظ على وحدة الدولة ونجاح اللامركزية في ظل غياب الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام المحلي إلى جانب ضعف الحضور الأمني في عدد كبير من البلديات لممارسة دور رقابي على الجماعات المحلية مستقبلا. كما طالب أعضاء اللجنة بضرورة توضيح الحدود بين صلاحيات السلطة التنفيذية المعينة في الجهة وممثلي الجماعات المحلية المنتخبة، بالاضافة إلى كيفية إعفاء المجلس والجماعات المحلية أو حلها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115