مع تنامي ظاهرة الغيابات في صفوف نواب الشعب: التشهير بالنواب المتغيبين خطوة جديدة لمحاربة هذه الآفة

يعود الجدل من جديد في مجلس نواب الشعب حول ظاهرة الغيابات في صفوف النواب، ظاهرة ساهمت في تعطيل أشغال البرلمان ومناقشة مشاريع القوانين. لكن رئاسة المجلس وبالرغم من المحاولات المتكررة لمحاربة هذه الظاهرة إلا أنها فشلت لتنتهج سياسة

جديدة تتمثل في التشهير بالمتغيبين، وهو ما أدخل كواليس المجلس في حالة من الهيستيريا لدى دخول هذا القرار حيز النفاذ.

لا تزال معضلة الغيابات تؤرق رئاسة مجلس نواب الشعب، بالرغم من الحلول والمقترحات التي تم اقتراحها منذ السنة البرلمانية الثانية. ظاهرة وان يرفض نواب الشعب التطرق إليها، إلا أنها انتشرت وبدت ظاهرة للعيان سواء في أشغال الجلسات العامة أو اللجان القارة والخاصة، حتى أن بعض مشاريع القوانين تعطلت أو تم تأجيلها لعدم وجود النصاب القانوني. عديد الحلول المقترحة في هذا الشأن من بينها مقترح تنقيح النظام الداخلي للمجلس في ما يتعلق بالاقتطاع من اجل الغياب بـ 100 د عن كل غياب من أنشطة المجلس على مستوى أشغال اللجان القارة والخاصة وكذلك الجلسة العامة. وقد تمت إحالته على لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية و القوانين الانتخابية، إلا أنه لم يتم الاتفاق حولها ليبقى مجرد حبر على ورق.

تنقيح الفصل..
النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في فصله 26 الحالي لم ينص على أية إجراءات تأديبية في الغرض، باعتبار أنه في حالة تقديم النائب ما يبرر غيابه سواء في مهمة أو مرض فإنه لا يتعرض لأية عقوبة، لا يجوز للنائب التغيب عن أشغال المجلس دون إعلام. ولرئيس المجلس أن يأذن بتغيب العضو لمدة محدودة، ولا يجوز الإذن لمدة غير محددة إلا في رخصة المرض. وإذا تجاوز الغياب دون عذر ثلاثة أيام عمل كاملة في نفس الشهر في جلسات عامة متعلقة بالتصويت، أو ستة غيابات متتالية في أعمال اللجان في نفس الشهر فعلى المكتب أن يقرر الاقتطاع من المنحة بما يتناسب ومدة الغياب وتنشر قائمة الأيام المقتطعة على الموقع الالكتروني للمجلس. وعلى مكتب المجلس أن ينشر على الموقع الالكتروني للمجلس قائمة أولية للحضور في الجلسة العامة، واللجان في أجل أقصاه ثلاثة أيام عمل بعد نهاية الجلسة، وتجدد القائمة إذا كان الغياب بعذر أم لا. ولكل نائب الحق في الاعتراض في حدود أسبوع من تاريخ نشر القائمة الأولية.

من جهة أخرى، فإن الغيابات يجب أن تقتصر على جلسات التصويت فقط أيه أن جلسات الاستماع والنقاش العام والأسئلة الشفاهية، لا يجبر النائب على حضورها وهو ما ساهم في انتشار هذه الظاهرة، حتى بات الرأي العام يشاهد مقاعد خالية للنواب في المجلس، أو جلسات استماع في اللجان يكون عدد الحضور فيها رفقة الوزير المعني أكثر من عدد النواب، ولعل جلسة الاستماع إلى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب صلب لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح أكبر دليل على ذلك.

محاربة ظاهرة الغيابات
فشل رئاسة المجلس في محاربة هذه الظاهرة، جعلها تنتهج سياسة أخرى وهي سابقة من نوعها في البرلمانات، والمتمثلة بالأساس في التشهير بالنواب المتغيبين دون أي عذر شرعي وذلك بنشر قائمة المتغيبين داخل الشاشات العملاقة في الجلسة العامة وفي الشاشات المنتشرة في أروقة مجلس نواب الشعب، وذلك بعد عرض هذه المسالة على مكتب المجلس، والموافقة عليه. هذا القرار لم يدم طويلا، ليدخل حيز النفاذ منذ الجلسة العامة أول أمس المخصصة لمناقشة المخطط التنموي 2016 - 2020، حيث تم عرض صور وأسماء النواب المتغيبين عن الجلسة في الشاشات العملاقة صلب قاعة الجلسات العامة، أين تم عرضها في التلفزة الوطنية الثانية، بالإضافة إلى الشاشات الصغيرة المنتشرة في أروقة المجلس، ثم في الموقع الالكتروني الرسمي لمجلس نواب الشعب.

نسبة الغياب 84 بالمائة
هذه العملية لم ترض النواب المتغيبين الذي عبروا عن استيائهم وغضبهم في كواليس المجلس ضد هذا القرار الذي يعتبر مخالفا للنظام الداخلي على حد تعبيرهم وفيه مس من قيمة وذات النائب، في حين يرى النواب الذين لهم نسب حضور عالية أنها خطوة جيدة من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وتحسين صورة المجلس لدى الرأي العام إلى جانب كسب ثقة المواطنين. النواب المتغيبون لا يرون مانعا في الاقتطاع من منحتهم إذا لزم الأمر، لكن مخاوفهم تكمن بالأساس في التشهير بهم لدى الرأي العام وهي عملية قد تؤثر على مستقبلهم السياسي والتزاماتهم الحزبية وأمام ناخبيهم. وتم تسجيل عدد النواب الغائبين في مستهل الجلسة العامة المنعقدة، أول أمس، بغياب 84 % من النواب أي ما يعادل 184 نائبا، مع أن عدد الغيابات المبررة بلغ عددها 4 أسماء فقط وهم كل من خميس قسيلة ومحمد جلال غديرة عن نداء تونس، محمد زريق عن حركة النهضة، وأحمد الصديق عن الجبهة الشعبية.

موضوع الغيابات في البرلمان، طالما أحدثت جدلا لدى الرأي العام وصلب النواب سواء خلال نشر منظمة «بوصلة» تقريرها السنوي أو الشهري حول نسب الغيابات، أو خلال التطرق إليها في وسائل الإعلام، بالرغم من تعدد الأسباب والعوامل التي ساهمت في انتشار هذه الظاهرة والتي ذكرناها في أعداد سابقة والمتمثلة في كثرة مهام النائب منها المهمة الرقابية والتشريعية والتمثيلية، بالإضافة إلى ضغط جدول الأعمال في مجلس نواب الشعب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115