رئاسة المجلس ووزير الشؤون الخارجية ينفيان علمهما بها: هل تندرج زيارة الوفد البرلماني إلى سوريا ضمن الديبلوماسية الموازية ؟

أحدثت الزيارة التي أداها وفد برلماني إلى سوريا، جدلا صلب مجلس نواب الشعب ولدى الرأي العام عموما خلافا لموضوع الزيارة، باعتبار أن رئاسة المجلس ووزارة الشؤون الخارجية نفت علمها بهذه الزيارة. هذا النفي،

أبرز بعض الانتقادات من هذا الجانب وذلك حول وجود ديبلوماسية موازية خصوصا وأن الديبلوماسية البرلمانية لها خصائصها ومهامها المضبوطة.

تحول وفد برلماني يوم الأحد إلى العاصمة السورية دمشق، للقاء مسؤولين سوريين، من أجل الحديث عن التطورات السياسية والميدانية في سوريا والمنطقة، والعمل على إرجاع العلاقات بين البلدين المتوقفة منذ الثورة تقريبا. و يتكون الوفد البرلماني من 7 نواب يمثلون مختلف الكتل في مجلس نواب الشعب و هم كل من النائب المستقل عبد العزيز القطي والنائبين عن حركة نداء تونس عصام المطوسي وخميس قسيلة، والنائبين عن الجبهة الشعبية مباركة البراهمي ومنجي الرحوي والصحبي بن فرج عن كتلة مشروع تونس ونور الدين المرابطي عن الاتحاد الوطني الحر.

هذه الزيارة والتي تعتبر غير رسمية حسب تصريحات الوفد، طرحت عديد التساؤلات من ناحية أهدافها والأطراف التي تقف وراءها خصوصا وأن رئاسة مجلس نواب الشعب ووزارة الشؤون الخارجية نفت علمها بهذه الزيارة. فالديلوماسية البرلمانية المتعارف عليها، ترتكز بالأساس على العلاقات بين مختلف البرلمانات العربية والغربية ومجموعات الصداقة. بعض التصريحات اعتبرت أن مثل هذه الزيارات أو المبادرات تندرج ضمن الديبلوماسية الموازية باعتبارها من مشمولات وزارة الشؤون الخارجية ورئاسة الجمهورية، اللتان لم تعملا إلى حد الآن على هذا الملف بالحد المطلوب. الدبلوماسية البرلمانية تعمل على تطوير وتمتين العلاقات والمبادلات مع ممثلي برلمانات دول أخرى بالإضافة إلى تطوير التعاون والعلاقات بين البرلمانات ولا تعوض بذلك الديبلوماسية التقليدية المعنونة في مهام وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية. لكن في المقابل، فإن الحديث عن وجود ديبلوماسية برلمانية أو أنها تبرز ضعف الديبلوماسية الطبيعية، تكون من خلال عدم اتخاذ قرارات او التزامات او الإعلان عن أشياء.

غياب لحركة النهضة
الوفد البرلماني والذي لاقى مساندة كذلك من قبل بعض النواب من حيث الملف فقط، فإن الهدف منها تشكيل قوة ضغط والدفع في اتجاه اتخاذ الحكومة للقرارات الصحيحة بخصوص هذا الملف الشائك، دون الخروج وتجاوز هذه الأُطر الأولية. لكن عدم وجود تمثيلية حقيقية للبرلمان صلب هذا الوفد ونعني بذلك الغياب البارز لنواب كتل حركة النهضة وآفاق تونس والكتلة الديمقراطية، يجعل منها محط تساؤلات. هذه التساؤلات تبدو بديهية من خلال موقف حركة النهضة من القضية السورية، علاوة على أن العلاقات انقطعت منذ فترة حكم «الترويكا» بقيادة الحركة، وهو ما أكده النائب عبد العزيز القطي مباشرة من دمشق في تصريح لـ«المغرب» أن الجميع بات يعرف اليوم موقف حركة النهضة من سوريا و لا يمكن أن تقبل بالمشاركة فيها، لكن بالنسبة لأفاق فهم منشغلون بتحضير مؤتمرهم، لذلك عجزوا عن الحضور بالرغم من موافقتهم على المبدأ.

أهمية إرجاع العلاقات السورية
زيارة الوفد البرلماني، وإن عرفت بعض الانتقادات باعتبار وجود تهديد واضح لدور الخارجية ورئاسة الجمهورية تجاه هذا الملف إلى جانب استحالة التعرف على ما دار من نقاش ومواضيع بين الوفد والمسؤولين السوريين في ظل غياب أي تنسيق. لكن في المقابل، فإن موضوع إرجاع العلاقات بين البلدين جعل منها مبادرة إيجابية، حيث صرحت رئيسة لجنة التونسيين بالخارج ابتسام الجبابلي لـ«المغرب» أن تحول وفد برلماني تونسي من كافة الحساسيات السياسية الى سوريا يعتبر خطوة مهمة للتأكيد على أهمية العلاقة بين البلدين، باعتبار أنه حان الوقت لإعادة العلاقات الديبلوماسية الكاملة مع سوريا، خصوصا وأن أكبر مستفيد من هذه المبادرة هي الجالية التونسية المتواجدة هناك. وبينت أن وضعية الجالية في سوريا تبعث على القلق وتستوجب الإحاطة بها، اضافة الى ان تونس لا يمكن ان تحارب الاٍرهاب وتواجه ملف عودة الإرهابيين دون التنسيق مع سوريا.

فحوى اللقاءات...
وبالعودة إلى تفاصيل الزيارة في ظل شح المعلومات والتفاصيل الدقيقة في انتظار عودة الوفد البرلماني، فقد تقابل الوفد البرلماني مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، حيث تم الحديث حول موضوع العلاقات الدبلوماسية حسب تصريح النائب عن كتلة مشروع تونس الصحبي بن فرج لـ»المغرب» والتي اعتبرها لا ترتقي الى مستوى مقبول من الدولة السورية، بالإضافة إلى موضوع الارهابيين المسجونين في سوريا ثم المسار الزمني للازمة السورية وتداخلها مع الصراع العربي الصهيوني، وكذلك مكانة تونس في سورية التي لم تتأثر رسميا رغم كل ما وقع على حد تعبيره. كما أضاف بن فرج أنه التقى الوفد نائب رئيس احزاب الجبهة الوطنية التقدمية عمران الزغبي ورؤساء الاحزاب المكونة للجبهة لدراسة الأزمة السورية وتفاصيل المؤامرة التي تعرضت لها سوريا وخاصة ما يجب ان تقوم به الاحزاب والنخب الحاكمة لتحصين الدول من ما يمكن ان يقع لها تحت مسميات الثورة عبر تطوير الخطاب والممارسة السياسية. هذا ومن المنتظر أن يتقابل الوفد البرلماني مع الرئيس السوري بشار الأسد اليوم.

الجدل الذي أحدثته هذه الزيارة سيتعمق أكثر فور عودة الوفد إلى تونس، في انتظار رد صريح من قبل رئاسة المجلس بالأخص، إلى جانب الانتقادات التي قد تتهاطل من قبل النواب الممثلين عن الأحزاب التي لها موقف من نظام الأسد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115