على خلفية عدم توفر النصاب القانوني وغياب نواب الشعب: حالة من الفوضى وتراشق بالتهم تجتاح الجلسة العامة..

بالرغم من عدم وجود أي خلاف بخصوص مشاريع القوانين المعروضة على الجلسة العامة يوم أمس، إلا أنه ونتيجة غياب نواب الشعب عن أشغال الجلسة المسائية، وتواصل عزوفهم عن دخول القاعة، جذب النواب إلى التراشق بالتهم، تراشق تطور إلى حد التجريح والثلب. فظاهرة

غياب النواب بعد فترة الظهيرة كنا قد تحدثنا عنها في عدد سابق يوم 25 فيفري2017 تحت عنوان «أين يختفي نواب الشعب»، وهي ظاهرة باتت تهدد بإسقاط مشاريع القوانين.

الجلسة العامة المسائية ليوم أمس بمجلس نواب الشعب والمخصصة لمناقشة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الإطارية المبرمة في 04 أكتوبر 2016 بين حكومة الجمهورية التونسية والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة والمتعلقة بتمويل واردات كل من الشركة التونسية لصناعات التكرير من النفط الخام والمواد البترولية والشركة التونسية للكهرباء والغاز من الغاز الطبيعي، شهدت تشنجات وتراشقا بالتهم بين نواب الجبهة الشعبية ونواب حركة النهضة.

بداية الخلاف انطلقت مباشرة بعد غياب النقاش العام حول مشروع القانون باستثناء تدخلين اثنين، إلا أن النائبين غابا عنهما، وتعطلت الجلسة نتيجة غياب النصاب القانوني عن الجلسة المسائية وذلك بحضور 59 نائبا فقط. وبهدف ربح الوقت تدخل وزير الاستثمار والتنمية محمد الفاضل عبد الكافي ليقدم مشروع القانون، حيث أكد أنه أمام الضغوطات التي تعيشها هذه الشركات، حتم على الدولة الحصول على تمويل لفائدتها بضمان الدولة التونسية، مشيرا إلى العلاقة بين البنك الإسلامي للتنمية وتونس مثمرة جدا، حيث بلغت قيمة المعاملات إجمالا2.3 مليار دينار تونسي مولت 35 مشروعا عموميا في مختلف القطاعات كالبنية التحتية والتنمية الفلاحية والصناعة والطاقة والتعليم والتكوين.

إسقاط مشروع القانون..
لكن وقبل المرور إلى التصويت على الفصل الوحيد الذي يحمله مشروع القانون، ثم القانون برمته، لم تجد رئاسة المجلس النصاب القانوني من جديد بالرغم من المناداة على النواب في أكثر من مناسبة عن طريق الجرس والمصداح الصوتي المتواجد في أروقة مجلس نواب الشعب. تأخر عملية المصادقة نتيجة غياب النواب حوّل الجلسة إلى منبر للتبادل والتراشق بالتهم، وذلك بعد تدخل المنجي الرحوي بصفته نائبا عن الجبهة الشعبية ليؤكد أن ما يحصل مهزلة في مجلس نواب الشعب، معبرا أن غياب النواب يمثل وصمة عار، حيث كان من المفروض التصويت ليسقط القانون ليكون درسا للجميع. وأضاف أن الأغلبية الممثلة في البرلمان من كتلتي حركتي النهضة ونداء تونس ، عاجزتان عن توفير 74 نائبا من أجل التصويت على مشروع قانون عادي.

تصريح الرحوي قابله مباشرة رد رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري الذي بين أن إحدى اللجان يترأسها شخص غير مؤهل في إشارة إلى رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية المنجي الرحوي، مشيرا إلى أن كتلة الجبهة الشعبية غائبة تماما أيضا، مضيفا أن الجبهة في حالة أرادت إسقاط القانون من أجل تعجيز الشركة التونسية لصناعات التكرير من النفط الخام والمواد البترولية والشركة التونسية للكهرباء والغاز من الغاز الطبيعي، فهم أحرار في ذلك. ومع تواصل تبادل الاتهامات بين الجبهة الشعبية وحركة النهضة، والذي حاد نوعا ما عن الأخلاقيات المتعارف عليها في العمل السياسي البرلماني، وذلك بعد بعد اتهام النائب زياد لخضر للبحيري صلب الجلسة العامة بأنه لا يصلح إلى أن يكون وزيرا، باعتباره كان مسؤولا في تخريب القضاء حين كان وزيرا. هذا وقد تم إيقاف الجلسة العامة لمدة 15 دقيقة بطلب من رئيس كتلة حركة النهضة من أجل استدعاء النواب.

المصادقة على مشروع قانون إجبارية التكوين المهني
وبالعودة إلى أشغال الجلسة العامة في الفترة الصباحية، فقد انطلقت الجلسة العامة بمناقشة مشروع القانون المتعلق بتدابير خصوصية لتكريس إجبارية الالتحاق بالتكوين المهني، والذي تمت المصادقة عليه بـ112 نعم 07 احتفاظ و02 رفض. أهمية مشروع القانون يكمن من خلال اتخاذ تدابير خصوصية لتكريس إجبارية الالتحاق بالتكوين المهني بهدف الإحاطة بالمنقطعين عن التعليم إلى حدود 18 سنة، وإدراجهم في منظومة التكوين المهني، سيما وأن عدد المنقطعين يبلغ تقريبا 100 ألف منقطع سنويا، منهم 7 % تتراوح أعمارهم بيت 12 و14 سنة بما يجعلهم أكثر عرضة للأمية.

برنامج تربوي تكويني تشغيلي
النقاش العام بين نواب الشعب تطرق بالأساس إلى أن إجبارية الالتحاق بالتكوين المهني لا تتعلق فقط بإجبارية التسجيل وإنما بتوفير حاضنة إيجابية تحفّز المتكوّن على تلقي التكوين، بالإضافة إلى أنه لا يندرج ضمن منظومة إصلاح شاملة على المستوى التربوي والمهني، حتى يحقق أهدافه المنشودة. كما طالب عدد من النواب بضرورة التنسيق بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية ووزارة التشغيل والتكوين المهني بخصوص مسارات التكوين، من أجل ملاءمة التكوين المهني حسب حاجيات سوق الشغل، والعمل على تطوير مراكز التكوين التي تفتقد حاليا إلى أبسط الحاجيات الأساسية

في المقابل، قال وزير التكوين المهني والتشغيل عماد الحمامي أن هناك 11 ألف منقطع عن الدراسة في مرحلة التعليم الابتدائي، و42 ألف منقطع في المرحلة الإعدادية، 50 ألف منقطع في المرحلة الثانوية، أي 100 ألف منقطع سنويا بمعدل 300 منقطع يوميا. وبين أن ظاهرة الانقطاع عن الدراسة يضع هذه الفئة أمام مخاطر الإرهاب والتطرف والمخدرات، حيث يجب العمل على تركيز رؤية شاملة للإصلاح. وقد شرعت اللجنة التي تضم كلا من وزارات التكوين والتربية والتعليم العالمي لتعديل المسارات الثلاثة، بغاية التحديث والاستشراف وتوفير مستلزمات سوق الشغل الوطني والعالمي. كما أكد الوزير أن مشروع القانون المذكور يعتبر برنامجا إضافيا وقانونا مكملا للفصل 39 من الدستور والقوانين المنبثقة عنه في انتظار الاصلاحات وتنزيلها على أرض الواقع.
هذا وقد صادقت الجلسة على الفصول الأربعة لمشروع القانون، دون أي تعديل يذكر، ولعل أهم فصل ضمن المشروع هو الفصل 3 والذي يعاقب كل ولي يمتنع بعد إعلامه رسميا عن إلحاق منظوره حسب الحالة بالمرحلة التحضيرية أو بالتكوين المهني بخطية مالية من

20 إلى 200 دينار وفي صورة العود ترفع الخطية إلى 400 دينار.

تعزيز أسطول النقل الجوي نحو إفريقيا
من جهة أخرى، صادقت الجلسة العامة على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق في مجال النقل الجوي المبرم في 19 نوفمبر 2015 بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة جمهورية الكونغو بـ 123 نعم 01 احتفاظ ودون رفض. وتطرق النقاش العام بين نواب الشعب إلى أهمية الاستثمار في القارة الإفريقية في شتى المجالات، معتبرين أن إفريقيا هي قارة المستقبل الاقتصادي والتجاري، حيث لابد من تعزيز التواجد في هذه القارة. وقال النائب محمد الأخضر العجيلي أن هذه الاتفاقية تعتبر فرصة لدفع الاستثمار والنهوض بالقطاع السياحي، مشيرا إلى أن شركة النقل الداخلية تشهد كثرة المسافرين إلا أنها تعاني من التأخير وقلة الإيرادات حيث وجب تعزيز الخطوط الجوية خاصة بمطار توزر ومطار طبرقة.

في المقابل، قال وزير النقل أنيس غديرة أنه من الواضح أن تونس تأخرت في الالتحاق بالسوق الإفريقية الواعدة، وهو ما جعل الوزارة تشرع في الاهتمام بهذا الموضوع بعد عقد سلسلة من الاجتماعات بالشراكة مع مجموعة من الوزارات وتم على إثرها وضع برنامج متكامل لتعزيز توجه تونس نحو إفريقيا، حيث من المنتظر أن يتم فتح خط بين تونس وكوناكري يوم 27 مارس 2017، على غرار فتح خطوط جديدة نحو العواصم الإفريقية مثل أبيدجان والسنيغال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115