لجنة التشريع العام تنطلق في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالمخدرات: معادلة صعبة في محاربة استهلاك المخدرات وترويجها، والوقاية والعلاج منها

انطلقت لجنة التشريع العام منذ يوم أمس في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالمخدرات من خلال العمل على إحداث معادلة تتمثل في محاربة استهلاك المخدرات وترويجها، والوقاية والعلاج منها في نفس الوقت. مشروع القانون يضم 84 فصلا و 6 أبواب من الأحكام العامة

إلى التدابير الوقائية والعلاجية إلى باب الجرائم والعقوبات وباب التعاون الدولي والى الباب الأخير الأحكام الانتقالية والختامية. بداية النقاش حول مشروع القانون ستشمل جملة من جلسات الاستماع إلى مختلف الأطراف المتداخلة في الموضوع.
انطلقت لجنة التشريع العام يوم أمس في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالمخدرات، بعد طول انتظار من قبل الرأي العام والمنظمات والمجتمع المدني، حيث كانت الانطلاقة بعقد سلسلة من جلسات الاستماع شملت في الجلسة الأولى كلا من وزير العدل غازي الجريبي والمكلفة بمهمة بديوان وزير العدل والوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس والمدير العام للشؤون الجزائية والمدير العام للسجون والإصلاح، ثم الاستماع إلى وزيرة الصحة سميرة مرعي.

إحصائيات عامة حول الموقوفين في جرائم الاستهلاك
وزير العدل غازي الجريبي للمرة الثانية على التوالي في 24 ساعة يحضر جلسة استماع صلب مجلس نواب الشعب، وذلك بعد الاستماع إليه لدى اللجنة الخاصة للأمن والدفاع للحديث عن ظاهرة الاكتظاظ في السجون، ومن أهم أسبابها ارتفاع عدد المساجين الذين تتعلق بهم قضايا استهلاك مخدرات. وفي هذا الإطار، قدم الجريبي مداخلته من أجل توضيح بعض الملابسات لدى الرأي العام بخصوص مشروع القانون، بتأكيده على أن مشروع القانون لا يقر بوجود توجه من قبل الحكومة نحو السماح باستهلاك المخدرات. وأضاف الوزير أنه سيتم التركيز على الجانبين الوقائي والعلاجي بقدر التركيز في نفس الوقت على الجانب الزجري، حيث أن هناك أكثر من 2600 مروّج في السجون بين محكوم وموقوف، فالأمر لا يقتصر على المستهلكين. كما أكد أنه تم إيقاف 4 أعوان سجون سنة 2016 بتهمة الترويج داخل السجن، مشيرا إلى أن عدد الموقوفين في جرائم المخدرات داخل السجون يقدر بأكثر من 6700 سجين سنة 2016، أما نسب العود في جرائم المخدرات فتعتبر نسبا عالية، حيث هناك 3000 شخص دخلوا السجن للمرة الأولى، و510 للمرة الثانية، وأكثر من 2500 دخلوا السجن لأكثر من مرتين، منهم أكثر من 2500 تمتعوا بالعفو خلال 2016.

تشريك وزارة الصحة في الجانبين الوقائي والعلاجي
وبخصوص غياب السلطة التقديرية لدى القاضي ضمن القانون الحالي في إصدار أحكامه على مستهلكي المخدرات، قال غازي الجريبي أن إعطاء السلطة التقديرية للقاضي قد يفتح بابا لعدم المساواة، حيث سيتم العمل على ضبط مقاييس لمنح سلطة تقديرية للقاضي مع واجب ضمان المساواة. وأضاف أنه في صورة المصادقة على مشروع القانون فإنه سيتم التقليص من نفقات وزارة العدل مقابل الترفيع من نفقات وزارة الصحة، موضحا أنه من الأفضل الاستثمار في مراكز العلاج على الاستثمار في إحداث الوحدات السجنية.
تشريك وزارة الصحة في مكافحة المخدرات بات أمرا ضروريا خصوصا على المستوى الوقائي، حيث قال المدير العام للسجون والإصلاح أن قانون المخدرات يساعد المؤسسة السجنية على التقليص من نفقاتها، مؤكدا أن هناك 1173 أصحاب أعمال حرة و75 طالبا و7 موظفين محكومون في قضايا استهلاك مخدرات.

في المقابل، انحصر النقاش العام بين أعضاء اللجنة حول ضرورة وجود برنامج خاص من أجل العلاج والوقاية من هذه الآفة بعد طرح عديد التساؤلات حول إمكانية اعتزام الحكومة تحديد ميزانية كافية لإعداد المراكز المخصصة لإعادة تأهيل مدمني المخدرات، بالإضافة إلى العمل على إيقاف الشبكات الترويج باعتبار أنه كلما كثر الترويج كثر معه الاستهلاك. هذا وقد تطرق النائبان مراد الحمايدي وعماد أولاد جبريل إلى ضرورة مراجعة العقوبات في ما يتعلق بتعاطي المخدرات، حيث لابد من إيجاد استثناءات تتعلق بتعاطي المخدرات الخفيفة فالعديد ممن أودعوا السجن خرجوا منه مجرمين.

الجزء الثاني من التدخلات عرف نقدا من قبل بعض النواب لتحميل المسؤولية فقط على المستهلكين، حيث قال النائبان علي بالنور ويامينة الزغلامي أن المستهلك يمثل أخر حلقة حيث تتم الإطاحة بأبناء الأحياء الشعبية في تعاطي المخدرات في حين أن هنالك تجّارا يغرقون البلاد بهذه المواد، خصوصا وأن جلّ القضايا المعروضة أمام المحاكم أطرافها مستهلكون في ظل غياب المحاكمات التي تتعلق بالمروّجين إلا في حالات نادرة.

العلاج قبل الجريمة وبعدها
في الجلسة المسائية، استمعت اللجنة إلى وزيرة الصحة سميرة مرعي في ما يتعلق بالجانب الوقائي والعلاجي من أجل معالجة حالات الإدمان، حيث قالت :«القانون الحالي حطم مستقبل عديد الشباب لأنه لا يعالج مشكلة الإدمان ولا يسعى إلى التقليص منهاS، مشيرة إل أن نسبة الإدمان ارتفعت كثيرا وتنوعت أصناف المواد المخدرة في تونس حيث بلغ عددها 800 نوع. وأمام تطور هذه الحالات وانتشار الظاهرة، وجب الإحاطة والتعهد بالمدمنين حسب مشروع القانون من خلال بعث مراكز التأهيل داخل السجون لتأمين الإحاطة والعلاج للمساجين المدمنين. وقالت الوزيرة «أنه سيتم بعث اللجنة الوطنية للإحاطة والتعهد بمستهلكي المخدرات تابعة لوزارة الصحة ولها فروع بكل الجهات».

أعضاء اللجنة ركزوا في مداخلاتهم على مراكز التأهيل للشباب وكيفية تركيزها، حيث قال النائب حسن العماري أنه لابد من بعث مراكز التأهيل لمعالجة الشباب من إدمان المخدرات والتصدي بقوة لمافيات تجارة المخدرات في تونس.
لئن حافظ مشروع القانون على مبدإ تجريم استهلاك المخدرات إلا أنه وضع تدابير علاجية في مرحلة قبل اكتشاف الجريمة، لكنه مع ذلك وضع معايير جديدة من خلال تمكين المستهلك بحق تقديم طلب كتابي مصحوبا بشهادة طبية إلى اللجنة الجهوية للتعهد والإحاطة بمستهلكي المخدرات قصد إتباع نظام علاجي طبي أو نفسي أو اجتماعي. ويتميز الجانب العلاجي والوقائي بإمكانية العلاج بعد الجريمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115