حصيلة مجلس نواب الشعب لسنة 2016: مع تواصل الأحداث والصراعات، إصدارات تشريعية هامة...

صادق مجلس نواب الشعب على 133 قانونا في الدورتين النيابيتين الأولى والثانية، منها 90 قانونا منذ أكتوبر 2015 إلى يوم. في سنة 2016 دورتان في مجلس نواب الشعب تميزتا بالثراء التشريعي لأهمية القوانين المصادق عليها، في ظل الصراعات السياسية والتجاذبات

بين الحكومة والمجلس، خصوصا في إطار العمل الرقابي للسلطة التشريعية. وحصلية سنة 2016 لمجلس نواب الشعب، تبقى منقوصة في ظل تواصل الخلاف بخصوص مشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء.
عرفت سنة 2016 بالنسبة لمجلس نواب الشعب، والتي ضمت جزأين من السنتين البرلمانيتين الثانية والثالثة، عديد الصراعات والتجاذبات سواء في المصادقة على مشاريع القوانين أو التغييرات على المشهد السياسي في البرلمان واختلاف التوازنات بين الكتل البرلمانية. مجلس نواب الشعب والذي عرف عديد الصعوبات في بعض مشاريع القوانين، تمكن تقريبا من التطرق إلى كافة القطاعات والاختصاصات من خلال المصادقة على مشاريع القوانين. لكن في المقابل، فإن الإشكال يكمن اليوم والذي طرحه مؤخرا عديد النواب في كيفية تفعيل هذه القوانين الصادرة عن المؤسسة التشريعية، باعتبار أنها تبقى في حاجة إلى نصوص تطبيقية وقرارات حكومية من قبل رئاسة الحكومة، ولعل أهمها اليوم معضلة تركيز كل من المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية.

تحسين مناخ الاستثمار والنهوض بالقطاع الاقتصادي
عديد الإصلاحات التي ساهمت فيها المؤسسة التشريعية بهدف تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولعل أهمها قانون الانتزاع من أجل المصلحة العامة الذي ستكون له انعكاسات ايجابية في تسريع انجاز المشاريع المعطلة، والمصادق عليه يوم 23 جوان، بالإضافة إلى قانون الإجراءات الجماعية الذي يسهل إجراءات التفليس بالنسبة للمؤسسات التي تعاني من صعوبات اقتصادية وذلك يوم 16 أفريل. إلى جانب المصادقة على قانون يتعلق بجدولة ديون المتسوغين لعقارات دولية فلاحية يوم 9فيفري.

كما يعتبر قانون البنوك والمؤسسات المالية من أهم القوانين المصادق عليها خلال هذه السنة على المستوى الاقتصادي والتعاملات المالية، وذلك يوم 9 جوان، على غرار قانون ضبط النظام الأساسي للبنك المركزي يوم 12 أفريل. ومن أجل تهيئة مناخ ملائم للاستثمار والتشجيع على الاستثمار الداخلي والخارجي، تم تطوير مجلة الاستثمار يوم 17 سبتمبر، من خلال التنصيص على الاستثمار في الجهات الداخلية وتسهيل الإجراءات في توحيدها ضمن مجلة واحدة خصوصا بالنسبة للمستثمرين الأجانب. كما سعى المجلس إلى حل معضلة الأراضي الاشتراكية وذلك بالمصادقة على قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 28 لسنة 1964 المؤرخ في 4 جوان 1964 المتعلق بضبط النظام الأساسي للأراضي الاشتراكية يوم 26 جويلية.

مكافحة الفساد وتطوير المنظومة الجزائية
في الجانب الحقوقي صادق مجلس نواب الشعب على جملة من مشاريع القوانين المهمة كذلك كمشروع القانون المتعلق بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته المصادق عليه يوم 21 جويلية. كما تمت المصادقة على قانون حق النفاذ إلى المعلومة يوم 11 مارس، والذي يعتبر مكسبا وطنيا في إطار تكريس مبدأ الشفافية. هذا وقد ساهمت المؤسسة التشريعية في تطوير مجلة الإجراءات الجزائية، من خلال التنصيص على وجوبية حضور المحامي منذ الطور الأول للإيقاف أي أمام باحث البداية بهدف مكافحة المعاملات السيئة في مراكز الإيقاف. وفي إطار مكافحة الفساد والجرائم المالية حسب أولويات الحكومة، تمت المصادقة على قانون القطب القضائي الاقتصادي والمالي يوم 23 نوفمبر 2016.

الاهتمام بالجالية التونسية في الخارج
هذا ولم يغفل نواب الشعب عن الاهتمام بالجالية التونسية في الخارج، فعلاوة على التحضيرات التي تجريها اللجنة الخاصة لشؤون التونسيين بالخارج استعدادا للعودة الصيفية، فقد تمت المصادقة على قانون إحداث مجلس وطني للتونسيين بالخارج يوم 20 جويلية، بالإضافة إلى قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاق تعاون بين الجمهورية التونسية والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة يوم 27 جويلية 2016.

استكمال تركيز المؤسسات الدستورية وتطوير الثقافة
كما سعى مجلس نواب الشعب خلال سنة 2016 إلى استكمال تركيز المؤسسات الدستورية وأهمها المصادقة على قانون المجلس الأعلى للقضاء يوم 23 مارس، بعد المحكمة الدستورية. بالرغم من التعطيلات البارزة والتأخير المبالغ فيه، بخصوص تجديد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وسد الشغور بالنسبة لهيئة الحقيقة والكرامة. على المستوى الثقافي، ساهم مجلس نواب الشعب في حماية الممتلكات الثقافية ومكافحة السرقات الأدبية، وذلك من خلال المصادقة على كل من قانون يتعلق بالمصادقة على معاهدة بيجين بشأن الأداء السمعي البصري، المعتمدة بتاريخ 24 جوان 2012 من قبل المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ثم قانون يتعلق بالمصادقة على انضمام الجمهورية التونسية الى اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن الممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة بطريقة غير شرعية.

تجاذبات سياسية وصراعات بين الكتل
من جهة أخرى، لم يخل مجلس نواب الشعب من التجاذبات السياسية والصراعات مع الحكومة، ولعل أبرزها التصويت لسحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد يوم 30 جويلية، ثم مباشرة المصادقة على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد يوم 26 أوت. كما التصويت لفائدة التحوير الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد يوم 11 جانفي. هذا وقد عرف المشهد السياسي في البرلمان عديد التغييرات في أكثر من مناسبة، خصوصا صلب كتل حركة نداء تونس ومشروع تونس «الحرة»، وكذلك الاتحاد الوطني الحر، حيث شهدت هذه الكتل على مر السنة عديد الاستقالات والانضمامات الجديدة صلبها.
التجاذبات في مجلس نواب الشعب تمحورت كذلك حول مشاريع القوانين المصادق عليها، حيث تمكنت المعارضة في البرلمان من الطعن في دستورية مشروع قانون وحيد هذه السنة وهو مشروع القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية، وتم تعديله آنذاك والمصادقة عليه في جلسة عامة ثانية.

جلسات الحوار مع الحكومة
كما شهدت سنة 2016 عديد جلسات الحوار مع الحكومة أو أعضائها، في إطار العمل الرقابي للسلطة التشريعية، حيث كانت الأحداث التي شهدتها القصرين من احتجاجات من طرف الشباب العاطلين عن العمل، سببا في دعوة مجلس نوّاب الشّعب الحكومة لجلسة حوار حول الوضع العام للبلاد وتقديم الوثيقة التوجيهية للمخطط الخماسي، وذلك في جلسة انطلقت يومي 27 جانفي وتواصلت يوم 28 جانفي. كما تمت دعوة كل من وزيري الداخلية والشؤون الخارجية في جلسة استماع يوم 23 ديسمبر، عقب الشكوك المطروحة حول تورط أطراف أجنبية وبالتحديد الكيان الصهيوني في عملية اغتيال محمد الزواري.

تعطيل في مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء
سنة 2016 في مجلس نواب الشعب لم تكن كذلك بالسنة المثالية على إثر وجود عديد التعطيلات وعدم الإيفاء بالتعهدات خصوصا في ما يتعلق بالانتخابات البلدية والمحلية في إطار تفعيل الباب السابع من الدستور والمتعلق بالسلطة المحلية، وذلك عقب الفشل في المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وهو ما قد يؤخر موعد الانتخابات المحلية في تونس. هذا وقد شهد مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء ولادة عسيرة في مجلس نواب الشعب منذ 23 مارس 2016، نتيجة الخلافات بين الكتل البرلمانية عقب إسقاط الفصل المتعلق بتشريك القوات الحاملة للسلاح في الانتخابات البلدية، في جلسة عامة يوم 15 جوان 2016، بالرغم من المصادقة على عدد من الفصول المتعلقة بشروط الترشيح والتي لا تخلو من أهمية، إلا أن مشروع القانون لا يزال يعرف جملة من التعطيلات، إلى حد اليوم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115