في إطار مناقشة ميزانية وزارة التربية لسنة 2017: وزير التربية ناجي جلول: الوزارة ليست في حرب مع النقابات

تحولت الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس من مناقشة ميزانية وزارة التربية لسنة 2017 إلى مناقشة معضلة الإشكال الحاصل بين الوزارات والنقابات، حيث انقسم النواب بين مدافع عن الوزير في علاقته بإصلاح المنظومة التربوية، ومساند

ولو بتحفظات للحق الدستوري النقابي وبعض المطالب.

صادقت الجلسة العامة المنعقدة صباح أمس بمقر مجلس نواب الشعب على مشروع قانون ميزانية وزارة التربية بـ 122 نعم و09 محتفظ و19 رفض، حيث بلغت ميزانية الوزارة لسنة 2017 4861.959 م.د مقابل 4525.231 م.د سنة 2016 أي بزيادة قدرها 336.728 م.د. هذه الاعتمادات اعتبرها عدد من النواب غير كافية للقيام بالإصلاحات اللازمة، حيث قال النائبان يوسف الجويني وطارق البراق أنه بالرغم من أن وزارة التربية تعتبر من أهم الوزارات من حيث الميزانية إلا أن الاعتمادات تبقى غير كافية لإصلاح أوضاع المنشآت التربوية.

الجلسة العامة المخصصة لمناقشة ميزانية وزارة التربية، تطرقت بالأساس إلى معضلة الاحتجاجات وتأثيرها على سير التعليم في تونس، نواب الشعب أجمعوا على أهمية الحق النقابي في الاحتجاج والمطالبة بالحقوق إلا أنه وجب توضيح العلاقة لكل الأطراف خصوصا وأن المتضرر الوحيد من هذه الاحتجاجات هما المربي والتلميذ على حد سواء. الجلسة العامة أبرزت تخوفات النواب من أن يتسبب هذا الانفلات والاحتجاجات في ضياع العمل الإصلاحي التربوي، حيث طالب النائب عدنان الحاجي بضرورة الانتباه من تحول النقابة إلى سلطة فارضة لأحكامها.

انقسامات في صفوف النواب وتشنجات
البعض من النواب ساند الاحتجاجات في ظاهرها حيث قال النائب كريم الهلالي أن الاحتجاجات لها نوع من المشروعية لا بد من أخذها بعين الاعتبار، إلا أن البعض الآخر اتخذ من مداخلته منبرا للدفاع عن الوزير كالنائبة نوال طياش التي تساءلت عن الأطراف التي تقف وراء كل هذه الاحتجاجات ضد وزير التربية والإصلاحات التربوية، مشيرة إلى أن الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات لا تعبر عن جميع أهل القطاع بل هي تقود للصراعات و التجاذبات الواهية. في المقابل، طالب نواب الشعب بضرورة تحديد صلاحيات الحق النقابي كي لا تتداخل مع صلاحيات الوزير، خصوصا وإن استعملت التلاميذ، فقد بين عدد من النواب أنه من غير المعقول الزج بالتربية والتعليم في التجاذبات السياسية والإيديولوجية، حتى أن البعض اعتبر أن المقصود من الاحتجاجات ضد النظام التربوي هو البرنامج الإصلاحي لوزير التربية لا غير، بالإضافة إلى الزجّ بالوزير في صراعات سياسية إيديولوجية.
انقسام النواب بين من يدافع عن وزير التربية ناجي جلول وبين من يساند الاحتجاجات بتحفظ، أدخل الجلسة العامة في عديد التشنجات والاضطرابات ولعل أبرزها تدخل النائب توفيق الجملي الذي توجه مباشرة لوزير التربية يستفسره عن مكانه على رأس وزارة التربية، لكن سرعان ما قاطعه النائب الأول لرئيس المجلس عبد الفتاح مورو، وهو ما أثار حفيظة الجملي الذي اعتبر أنه ليس من حق رئيس الجلسة الإجابة عوضا عن الوزير، حيث أن هذا الأمر يمثل تجاوزا للصلاحيات. كما اعتبر النائب غازي الشواشي أن هذه الجلسة تعتبر مسرحية، حيث تم ترتيب المداخلات فيها من حيث مضمونها بالتنسيق مع وزير التربية بالتنسيق مع نواب حزبه.

«بعيدا عن تجييش الرأي العام»
من جهة أخرى تطرقت الجلسة العامة إلى طبيعة العلاقة بين الوزير ومنظوريه حيث طالب النائب طارق البراق بضرورة أن تكون هذه العلاقة مبنية على الثقة وهو ما من شأنه أن يسهل عملية الإصلاح بعيدا عن تجييش الرأي العام، مؤكدا أنه في حالة غياب ذلك فإن الإصلاح يصبح صعبا لذلك يجب الاتجاه نحو مزيد تشريك والتفاعل مع كل الأطراف التي تعنى بالقطاع التربوي. كما تطرقت الجلسة العامة كذلك إلى أهم النقائص التي يعاني منها قطاع التعليم في تونس، حيث طالب نواب الشعب بضرورة مراجعة الزمن المدرسي وملاءمته مع الإمكانيات المتاحة في مجالات الترفيه والأنشطة الثقافية، بالإضافة إلى النهوض بالبنية التحتية للمؤسسات التربوية. وقال النائب العجمي الوريمي أنه لابد من ترتيب الأولويات فيما يتعلق بالتعليم، مشيرا إلى وجود نية لدى البعض تتمثل بالأساس في تصفية التعليم العمومي على حساب التعليم الخاص.

التمسك بالزمن المدرسي الحالي
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير التربية ناجي جلول أن الوزارة ليست في حرب مع النقابات فالجميع منخرط في مشروع وطني ومن الطبيعي أن تقع بعض المشاكل. وبين أن برنامج الإصلاح التربوي ليس مسؤولية وزارة التربية فقط باعتباره يضم كافة الأطراف، مشيرا إلى أن الإصلاح التربوي لا يمكن أن يكون مخالفا للدستور. وزارة التربية كانت قد قامت بعملية تقييم للمنظومة التربوية بالإضافة إلى حوار وطني شامل يتضمن أكثر من 8 ألاف منبر حوار مع التلاميذ ومع الأولياء وتكوين لجان خبراء لتقييم مخرجات الحوار الوطني حول الإصلاح التربوي.

وأكد الوزير في هذا الإطار، أن أول إجراءات الإصلاح التربوي يتمثل في مجانية السنة التحضيرية، مع إطلاق برنامج وطني كامل لاضطرابات التعلّم وانتدبنا في ذلك أخصائيين نفسانيين، بالرغم من أن العودة المدرسية لم تكن ممتازة ولكن في نفس الوقت لم تكن كارثية. وأضاف أن هناك مشكلا كبيرا في النقل المدرسي حيث يتم نقل 18 ألف تلميذ. وبخصوص الزمن المدرسي، قال ناجي جلول أن الزمن المدرسي الجديد بنظام 5 أسابيع فأسبوع راحة هو نظام معمول به في فرنسا والمغرب والمملكة المتحدة، حيث أكد جميع الخبراء أن تركيز التلميذ يهتزّ بعد 5 أسابيع دراسة.

مناقشة ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
الجزء الثاني من الجلسة العامة، خصص لتقديم أسئلة شفاهية إلى وزير التربية، تمحورت تقريبا حول نفس المواضيع التي طرحت في النقاش العام ليتم في ما بعد المرور إلى مناقشة مشروع ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2017. وتطرق نواب الشعب في هذا الخصوص إلى الاستقلالية الأكاديمية والعلمية في الجامعات، بالإضافة إلى المطالبة بضرورة تحسين جودة التكوين وتوفير الحياة الجامعية السليمة حيث لا بد من تكوين الطالب اجتماعيا وذلك لتيسير إدماجه في سوق الشغل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115