اعتقالات جديدة في إطار «الحملة على الفساد»: الزلزال السعودي في المنطقة وتداعياته

يتواصل مسلسل الاعتقالات وتجميد أرصدة بنكية لعدد من الأمراء ورجال اعمال ووزراء ومسؤولين في المؤسسات الحكومية السعودية، في اكبر عملية «تطهير» سياسي

في تاريخ البلاد ..ولعل التساؤل الاهم الذي يطرح نفسه هو الى اين ستصل حملة الاعتقالات وأين سيقف طموح الامير السعودي الشاب الصاعد ولي العهد محمد بن سلمان..وماذا عن انعكاسات هذا «الزلزال السياسي السعودي» داخليا وخارجيا..

لا يمكن قراءة ما يحصل في المملكة بمعزل عما تعيشه المنطقة من ارهاصات التحول في اطار تركيز نظام «الشرق الاوسط الجديد» ... فالسعودية تلعب دورا محوريا في عديد الملفات الشائكة مثل اليمن وسوريا ولبنان.. وتتصارع على فرض النفوذ والقوة مع فاعلين اقليميين آخرين لعل ابرزهم ايران وتركيا...

فمنذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في جوان الماضي وهو يخطو خطوات متسارعة نحو التغيير والقطيعة مع كل اشكال السياسات الداخلية والخارجية التي كانت سائدة لوقت طويل في المملكة الوهابية...فطموح الامير الشاب لا يبدو انه يعرف حدودا وهو يسعى الى شق طريقه نحو « العرش» من خلال استئصال وازالة كل من يمكن ان يمثل اي تهديد له وعلى مختلف المستويات ..

ولئن حملت سياسات التغيير التي رافقت مجيء الملك سلمان وابنه ، عناوين كبرى مثل محاربة الفساد ..والانفتاح والتحديث وغيرها الا ان سياسة التصعيد الخارجي مع اعداء المملكة ومنافسيها تبدو مسيطرة على المشهد..

تجدر الاشارة الى ان محمد بن سلمان شغل منصب رئيس الديوان الملكي السعودي منذ تولي والده الحكم في جانفي2015 وحتى أفريل 2015. وعين بمنصب ولي العهد في جوان 2017 بعد إقرار هيئة البيعة السعودية بعزل إبن عمه ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود. وكانت بداياته في النشاط السياسي عندما تم تعيينه مستشاراً متفرغاً بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء السعودي سنة 2007...

مباركة امريكية؟
اعتقلت السلطات السعودية عددا آخر من الأشخاص اول امس ممن يشتبه في ارتكابهم تجاوزات، بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد ووزير الدفاع الراحل سلطان بن عبد العزيز الذي توفي في عام 2011. وبحسب الانباء المتداولة فان بعض الموقوفين بتهم الفساد خضعوا لاستجوابات مفصلة في اطار قيام هيئة مكافحة الفساد بتوقيف الامراء والمسؤولين السابقين والحاليين ..

وقد ارتفع عدد الحسابات البنكية المجمدة في سياق التحقيق إلى 1700 حساب بحسب مصادر اعلامية ..

ومن الجلي ان هذه الحملة تمت بمباركة امريكية تمثلت بوضوح في اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب ان الحملة السعودية استهدفت «من كانوا يحلبون بلادهم لسنوات». كما ان وزارة الخارجية الأمريكية قالت إنها حثت السعودية على أن تكون طريقة مقاضاة المسؤولين الموقوفين «عادلة وشفافة».

ورغم محاولة البنك المركزي السعودي تهدئة المخاوف بشأن تداعيات ما يحصل، الا ان ذلك لا يخفي حالة الصدمة السائدة في قطاعات سعودية واسعة والمخاوف من تداعيات هذا «الزلزال» المدوي..

نحو المواجهة مع ايران
ويتساءل البعض حول ما يخطط له الامير الشاب بشان الصراع مع ايران وحلفائها وعما اذا كان سيقدم على فتح مواجهة مباشرة مع الجار اللدود، خاصة ان الرياض دعت هذا الاسبوع الى فرض عقوبات على حزب الله متهمة إيران بتزويد الحوثيين في اليمن بصواريخ ..

..واللافت هو دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى عدم توجيه ضربات عسكرية ضد إيران أو جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران لأن هناك ما يكفي من الاضطرابات في الشرق الأوسط. مؤكدا في الوقت نفسه دعمه لسياسات المملكة معتبرا ان امن الخليج خط احمر .

وفيما يتعلق بالملف اللبناني وتداعيات اعلان الرئيس الحريري استقالته من الرياض تحت وطأة ضغوطات سعودية – بحسب ما اشارت اليه تقارير اعلامية – فان رد حزب الله - شريك تيار الحريري في الحكومة- جاء على لسان كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني، التي دعت امس الرياض الى الكف عن التدخل في شؤون لبنان واصفة استقالة الحريري بالملتبسة.. وطالبت الكتلة المملكة بان تنأى بأزماتها عن لبنان وأن توقف تدخلاتها في شؤونه الداخلية ...

ويرى البعض ان الرياض تريد ان تفتح جبهة جديدة للمواجهة مع ايران في اطار شكل من اشكال الحرب الباردة وذلك عبر الساحة اللبنانية ..بعد ان شكلت اليمن على مدى العامين الماضيين ساحة حرب مباشرة بين القوات السعودية والحوثيين المدعومين من طهران ..

لا يمكن التكهن بما قد يصدر عن ولي العهد السعودي من قرارات وتوجهات خلال الايام او الاسابيع القادمة فيما يتعلق بايران او اليمن ، وسط خشية من ان تؤجج سياساته الجديدة الحروب والصراعات الدائرة في المنطقة...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115