Print this page

افتتاح المؤتمر العاشر لحركة النهضة: الوحدة، الوفاق والمصالحة الوطنية من الركائز الأساسية لتونس المستقبل

انطلق المؤتمر العاشر لحركة النهضة بعد انتهاء الافتتاح عشية أمس، افتتاح ركز على أهمية الوحدة الوطنية والوفاق بين كافة الحساسيات السياسية لضمان استقرار البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني. وانتهى الافتتاح بانتخاب رئيس المؤتمر ولذلك تنطلق الأشغال رسميا بداية من اليوم إلى يوم غد بالحمامات.

شهد افتتاح المؤتمر العاشر لحركة النهضة الذي انطلقت فعالياته عشية أمس بقاعة رادس، استعراض عضلات من جهة خصوصا من قبل رئيس الحركة راشد الغنوشي، مقابل التشديد على أهمية الوحدة الوطنية والوفاق الوطني في ظل الدور الهام لرئيس الجمهورية ورئيس حركة نداء تونس السابق الباجي قائد السبسي. أجواء توافقية سعت إلى تركيزها حركة النهضة، لكن ذلك لم يثن الافتتاح عن مناقشة مشاغل الشعب وأهم القضايا المطروحة على الساحة السياسية ولعل أبرزها المصالحة الاقتصادية والوطنية.

 

انطلاق الافتتاح وسط أنصار حركة النهضة هيمنت عليه الأجواء التوافقية بين كافة الأطياف السياسية المشاركة في المؤتمر، وما زاد تدعيم هذا التوافق والحرص على مواصلته تبين من خلال خطاب فتحي العيادي رئيس مجلس شورى حركة النهضة ،الذي أكد بدوره أن هذا المؤتمر سيكون محط نظر كافة التونسيين والعالم، حيث أن مسيرة الإصلاح ستستمر مع حركة النهضة من أجل تحقيق حلم الشعب التونسي خصوصا على مستوى التنمية والعدالة. وبين العيادي أن الحركة رفضت الانقسام حيث مثلت كل من حكومة الحبيب الصيد والحوار الوطني من أهم المحطات التاريخية نحو التوافق والوحدة الوطنية وكللت بالحصول على جائزة نوبل للسلام.

الباجي قائد السبسي رمز للوحدة الوطنية
أثناء إلقاء العيادي لكلمته وصل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى قاعة رادس، ليدخل رفقة رئيس الحركة راشد الغنوشي، أين تم تخصيص مكان لهما في المنصة الشرفية. لكن في المقابل، فقد مثلت الصورة التي جمعت بين رئيسي الجمهورية ورئيس الحركة في كرسيين متماثلين فرحة لدى أنصار الحركة الذين اعتبروها رمزا للوحدة وهو ما يجعل افتتاح المؤتمر العاشر لحركة النهضة رمزا للوحدة الوطنية وأجواء التوافق. حضور قائد السبسي شهد ترحابا كبيرا من قبل أنصار حركة النهضة الذين ألقوا شعارات مناصرة له، خصوصا خلال خطاب نائب رئيس الحركة عبد الفتاح مورو الذي اعتبر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ضامن للوحدة الوطنية في تونس. «وحدة صماء تعيشها البلاد التونسية لا يمكن تقسيمها أبدا»، هكذا شدد مورو في كلمته، ولعل هذه الوحدة متجسدة في

صورة رئيس الجمهورية ورئيس الحركة، مؤكدا على أن مصلحة البلاد قبل الأحزاب السياسية وحتى قبل حركة النهضة. وبين مورو أن الخصومات السياسية موجودة حول القضايا المطروحة إلا ان مصلحة البلاد تتطلب الوحدة والوفاق. الافتتاح عموما ركز بالأساس على الوحدة الوطنية والترحيب بالخصوم السياسيين في السابق الذين باتوا اليوم أصدقاء الوحدة الوطنية، حيث بين مورو أن الحوار الوطني دعمه الباجي قائد السبسي قبل ذلك وإلى حد الآن يواصل تركيز هذا الحوار بين كافة الأطراف، ولعل أكبر دليل على ذلك على حد قوله حضوره في مؤتمر حركة النهضة.

«الإسلام السياسي لا يمثل خطرا على تونس»
أجواء التوافق التي شددت عليها قيادات حركة النهضة مبرزين أهمية دور الباجي قائد السبسي في تأسيس الجمهورية الثانية، هيئت الأرضية أمام رئيس الجمهورية في إلقاء كلمته ليرد بدوره على أهمية الحوار والتوافق الذي كانت فيه حركة النهضة طرفا أساسيا. وفي هذا الإطار، قال قائد السبسي أنه تردد قبل المجيء إلى مؤتمر حركة النهضة كرئيس للجمهورية باعتباره يجب أن يبقى على نفس المسافة مع كافة الحساسيات السياسية، مشيرا إلى أن هناك 204 مرخص لها ، فلا يمكنه بذلك حضور كل هذه المؤتمرات لكن بالرغم من ذلك فقد حضرا تقديرا منه للجهود التي قام بها هذا الحزب لدعم التوافق والمصالحة الوطنية. واعتبر قائد السبسي أن حضوره يأتي في إطار التأكيد على قدرة التونسيين في حسن إدارة الخلافة في ما بينهم والتعايش، مشيرا إلى أن حركة النهضة ستكون حزبا مدنيا سياسيا منبها بأن الإسلام لا يتنافى مع الديمقراطية حتى أن التيار الإسلامي في تونس لا يمثل خطرا عليها وهو ما سيتأكد من خلال اللوائح التي ستقع المصادقة عليها في مؤتمر حركة النهضة.

راشد الغنوشي يستعرض عضلات الحركة
في المقابل، بقيت كلمة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في الأخير بعد نهاية حفل فني صغير للفنان التونسي حسن الدهماني. راشد الغونشي استهل خطابه باستعراض عضلات الحركة من خلال تأكيده على أنه كان من الأفضل أن يعقد الافتتاح في ملعب كرة القدم، مشيرا إلى أن من يدعي أنه لا يمكن أن تمتلئ قاعة رادس بالأنصار فهو لا يعرف النهضة. هذا وأضاف أنه في كثير من المناسبات فإن ساعة تونس تتوقف على ما ستفرزه اجتماعات مجلس الشورى. كما تطرق الغنوشي إلى أهم المراحل التاريخية للمؤتمرات السابقة، وهو ما يؤكد أن النهضة تحكمها المؤسسات الديمقراطية كمجلس الشورى التي جاء بها الإسلام.

أما الجزء الثاني للخطاب فقد خصص للمخاطر الإرهابية التي تعيشها البلاد التونسية، معتبرا أن حركة النهضة تساند الحرب على المتشددين والدواعش، موضحا أن ما حصل في مدينة بن قردان قد ضرب مثالا حيا بأن الشعب التونسي لن ينهزم أمام الإرهاب. واعتبر أن محاربة الإرهاب و»الدواعش» تكون من خلال الإسلام في حد ذاته

كما تطرق الغنوشي إلى أهمية انتهاج مبدأ الحوار والوفاق ليضرب مثالا استثنائيا على المستوى العالمي في الأزمة الخانقة، وتطرق إلى اجتماع باريس الذي دار بينه وبين قائد السبسي والذي ساهم في طي صفحة الماضي. وأكد أن اظهار العداوة للنهضة لن تساهم في تقسيم البلاد، فالحركة تتسع للجميع وسياسة التوافق مهمّة كذلك، واصفا إياها بـ«سفينة تونس» حيث تعتبر حركة النهضة جزء لا يتجزأ من الدولة.

رئيس الحركة تطرق كذلك إلى الدور الهام التي لعبته الحركة في كسب التوافق خصوصا من قبل الكتلة النيابية التي أسقطت قانون العزل السياسي، إلى جانب التخلي عن الحكم في فترة حكم «الترويكا» من أجل مصلحة البلاد. وجدد الغنوشي دعمه لحكومة الحبيب الصيد ووحدة الائتلاف الحاكم، مبينا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الأخطاء السابقة حيث أنه من اللوائح التي سيتم النقاش حولها في المؤتمر لائحة التقييم.

مصالحة وطنية شاملة
وواصل رئيس الحركة راشد الغنوشي خطابه متطرقا في ذلك إلى كافة مشاغل المجتمع والقضايا الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، خصوصا في ما يتعلق بالصعوبات التي تعيشها الإدارة التونسية التي باتت تعطل بناء المشاريع وانجازها. واعتبر أن حركة النهضة ملتزمة بمحاربة الرشوة والفساد، مشددا على أهمية التمييز بين رجال الأعمال الشرفاء ورجال الأعمال المتورطين الذين لهم فرصة للاعتراف في إشارة إلى مبادرة رئيس الجمهورية المتعلقة بالمصالحة الوطنية، داعيا في ذلك إلى مصالحة وطنية شاملة وشراكة وطنية تضم كافة الحساسيات السياسية. واعتبر أن المصالحة الوطنية ليست صفقة تحت الطاولة بل هي مصالحة تجمع ولا تفرق وهي بمثابة الرؤية الشاملة في علاقة بتاريخ البلاد.

وبعد انتهاء الافتتاح، تنطلق أشغال المؤتمر العاشر صباح اليوم بمدينة الحمامات على امتداد يومين للمصادقة على اللوائح والقانون الأساسي وانتخاب هياكل الحركة ورئيسها.

لحظات قبل الافتتاح..
افتتحت حركة النهضة عشية أمس مؤتمرها العاشر بقاعة رادس وسط حضور كبير من أنصارها وقياداتها وكذلك بحضور عدد من الشخصيات الوطنية والسياسية وابرزها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، افتتاح سبقته الأغاني الوطنية والخاصة بالحملة الانتخابية الفارطة لحركة النهضة وسط أهازيج الأنصار الذين رفعوا شعارات الحركة وألوانها في كامل محيط الملعب، حيث كانت الأجواء شبيهة بمباراة كرة قدم بعد أن فاق عدد الحضور 15 ألف مشارك.
على المستوى التنظيمي تم تقسيم قاعة الملعب إلى عديد الأقسام والمستويات منها الأماكن الخاصة بالضيوف وأخرى بالمؤتمرين، في حين احتلت القيادات المركزية ونواب الحركة الأماكن الأولى والضيوف من كل من الجزائر، ليبيا موريطانيا، الكويت، السودان،فلسطين، تركيا، النمسا، اندونيسيا، ماليزيا، بنغلاداش، الصين، السنغال فرنسا، ايطاليا، المانيا، سويسرا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، النرويج، لتخصص بقية مدارج الملعب لأنصار الحركة والمراقبين.

علي العريض رئيسا للمؤتمر
بعد انتهاء خطابات قيادات حركة النهضة انطللقت عملية التصويت بانتخاب رئيس المؤتمر وذلك بعد سحب رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي ترشحه ليبقى السباق بين كل من نور الدين البحيري وعلي العريض وعبد الكريم الهاروني وعبد اللطيف المكي وبدر الدين عبد الكافي .
وقد افرزت الدورة الاولى انتخاب كل من علي العريض ونور الدين البحيري في حين اشتدّ السباق في الدورة الثانية والتي أفرزت فوز علي العريض بـ 678 صوتا مقابل حصول نور الدين البحيري على 414 صوتا ليكون بذلك علي العريض رئيسا للمؤتمر. ويذكر ان التصويت كان الكترونيا.

هوامش
- حفل فني للفنان حسن الدهماني بعد خطاب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.
- غياب بارز لقيادات حركة نداء تونس والجبهة الشعبية.
- حوالي 3000 مشارك لم يتمكن من دخول قاعة رادس.
- المؤتمرون ينتخبون رئيس المؤتمر عن طريق اللوائح الالكترونية في نفس الوقت التي تدور فيه فعاليات الافتتاح.
- حضور لبعض رموز النظام السابق كعبد الرحيم الزواري.

المشاركة في هذا المقال