ومن يحاسب نواب الشعب؟

عندما ألـــــحّ ‹الصيد›على المرور أمام مجلس الشعب لم يكن يجري بخلده أنّه سيوفّر لعموم التونسيين الذين عزفوا عن متابعة الشأن السياسي منذ أشهر، فرصة متابعة فصول مسرحية تعدّد فيها المؤدون كلّ يعرض نفسه/ها على الركح علّه/ها ينال نصيبا من الشهرة. وهذه

المسرحية التي يعتبرها أغلبهم رديئة السيناريو والإخراج، ما استطاعت أن تشدّ الانتباه وأن تجدّد ثقة الشعب في النوّاب، بل إنّها سمحت للمشاهدين الصامدين والصابرين في ‹عزّ القيظ› بمحاسبة من اعتبروا أنفسهم أصحاب الحلّ والعقد وتوهّموا أنّهم بالفعل هم الذين سحبوا الثقة من حكومة الصيد.

علّة التمركز حول الذات تفشّت بمقدار كبير داخل مجلس الشعب فنسي بعضهم أنّ تصفية الحسابات الشخصية لا تعني عموم التونسيين، وأنّها تؤدي إلى فضح السقوط الأخلاقي والخلل السلوكي. أمّا التمركز الحزبي فقد أفضى إلى تحوّل بعض النواب إلى أبواق دعاية هذه تدعو إلى ترشيح ‹الحامدي› فتثير سخرية زملائها، وذاك يشيد بمحاسن أمين عام حزبه ويرى فيه الكفاءة المطلوبة لإنقاذ البلاد ويعتبره المخلّص...وسيّان إن تحدثنا عن نرجسية الذات أو التمركز الحزبي فالنتيجة واحدة وهي أنّ الشخصيات المعطوبة عاجزة عن البناء لا تحترف إلا الهدم والتشويه وتعجز عن إقامة علاقات سوية.

أمّا العلّة الثانية فتكمن في كيفيّة عرض الأفكار والمنطق التي يحكمها وطرق الاحتجاج وصياغة الخطاب ومدى تطابق السلوك مع الأقوال فما معنى أن تشتم فئة من النواب رئيس الحكومة وتدافع في الآن نفسه عن هيبة الدولة؟ وما معنى أن تقرّ إحداهن بأنها لا تفهم في السياسة وتسمح لنفسها بانتقاد الحكومة؟ ما معنى أن يبنى الخطاب على نزعة جهوية ونتحدث بعدها عن الروح الوطنية؟وما معنى أن نتحدث عن التراخي والإهمال والمجلس يقيم الدليل على استهانة فئة من النواب بواجب الحضور؟

ولا يمكن التغاضي عن علة ثالثة ظهرت في أداء أغلب النواب فأبانت عن الأزمة الأخلاقية المستشرية في كافة القطاعات والمؤسسات فما معنى أن يظهر بعضهم العداء للصيد› ويمارس العنف اللفظي عليه ثم يصافحه في نهاية المشهد؟ وما معنى أن يتحدث البعض عن الفساد والمحسوبية ويلوم «الصيد› على أياديه المرتعشة وهو يعلم علم اليقين أن عددا من النواب انتقلوا من حزب إلى آخر بعد عقد صفقة، وأنّ آخرين ترددوا على القصبة خدمة لمصالح الأهل والخلان، وأنّ الامتيازات المادية حفزت بعضهم على إزاحة «الصيد» ولا نعدم الأمثلة الدالة عن التورط بنسب مختلفة فكيف نزعم محاربة الفساد والحال أنّنا جزء من المنظومة؟

كلّ مشهد في هذه المسرحية أقام الدليل على...

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115