بعد غياب تقييم المشاركين في الحوار الوطني لفترة الحكومة الحالية: الإقتصار على تقييم الحبيب الصيد لآداء حكومته؟

يبدو أن السياسيين في تونس درجوا على قلب المبادئ و القواعد العامّة ، فيأتون الأمور من نهاياتها، و لا يعترفون بــالخطـط المنطقيـة، فيعملون بمقولة «وضع الحصيرة قبل الجامع» لذلك كثيرا ما تقع قراراتهم في التسلّل، فيسجّلون أهدافا بيضاء تتسبّب في تحويل

التصفيق بضرب الأكف إلى صفع الخدود.

لن نعود إلى تجربة التأسيس وصياغة دستور، وإلى بعث وزارة لحقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية قبل إرساء مبادئ العدالة الإنتقالية، وإلى إصدار عفو عام قبل دراسة الملفات ورصد التبعات والإمكانيات، و إقرار زيادات قبل رصد الأموال والتخطيط لتوفيرها، وعزل قضاة قبل مقاضاتهم، وانتداب موظفين دون تحديد الحاجيات والتعرّف على الموارد البشرية ودراسة نظام تأجيرهم، وإفراغ الإدارات من المسؤولين قبل إعداد من يخلفهم، تقديم الولاءات على الكفاءات إلخ ... لن نعود إلى كل هذا و إلى الكثير من الأمثلة على ذلك، بل سنقف على ما نحن فيه اليوم بخصوص حكومة السيد الحبيب الصيد واجراءات التصويت على الثقة فيها المنتظرة يوم 30 جويلية الجاري.

فقد كنّا قبل حوالي شهر وخمسة وعشرين يوما إزاء مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد قلنا منذ البداية أن الأفكار مهما كانت جميلة يجب الإعداد والتهيئة لها وتحديد أهدافها وضمان سبل نجاحها. ولكن عندما انخرطت عدّة أطراف فيها، كنّا ننتظر أن يساهم المشاركون في إنجاج المبادرة في فتح حوار وطني حقيقي ويقيّموا أعمال الحكومة المزمع تغييرها وأن يقفوا على أداء كل وزارة والتعرّف على مواطن الخلل لتحديد المسؤوليات والأولويات وترتيبها ، ثم البحث عن الآليات ومراجعة الهيكلة إذا اقتضى الامر ذلك، قبل البحث عن الشخصيات المناسبة التي يُستأنس فيها القدرة على تنفيذ المهام العاجلة المطلوب إنجازها لفتح سبل الإنقاذ وتجاوز الصعوبات.

ولكن لا شيء من ذلك تمّ ، و لاحت بوادر «فسّخ وعاود» بوضع وثيقة أوليات عامة تشخّص الموجود ،دون تفاصيل دالّة على كيفية النفاذ إلى طرق المعالجة و إيجاد الحلول.

ورغم أن الرأي العام المتابع سجّل تحقيق نجاحات في الأمن وسلامة التراب التونسي بمجهودات عسكرية و أمنية، وسجّل اجتهادت إيجابية في مجال التعليم، وإنجاز عدّة مشاريع معطّلة في مجال التجهيز، فإن حوار المشاركين في مسار مبادرة رئيس الجمهوية، بقى مقتصرا على كيفية خروج الحبيب الصيد وعلى التخمين في البحث عن ربّان سفينة جديد وتشكيل الحكومة المنتظرة، بلا تقييم وتحديد لمواطن التقصير والضعف والفشل بصورة واضحة وشفّافة.

فهل أن التونسيين راضون على سياسة التشغيل، والإقتصاد والمالية والفلاحة والإستثمار والصحّة والتعليم العالي والعدل وأملاك الدولة والشؤون العقّارية والحوكمة والثقافة والرياضة وغيرها ؟ وهل نجح الوزراء المعنيون بهذه الوزارات في تقليص الملفات المتراكمة و حل المشاكل المطروحة وقدّموا حلولا أو على الأقل بوادر حلول لتحريك عجلة التنمية والإقتصاد وتحسين الأداء الإداري وتوفير موارد....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115