Print this page

تغيير حكومة الحبيب الصيد: بين الأسباب الجدّية والغايات المخفيّة..

دخلنا في الأسبوع الثاني من مبادرة رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة وحدة وطنية... ومنذ ذلك الإعلان التلفزي بات جليا بأن حكومة الحبيب الصيد قد انتهت سياسيا وأنه من المستبعد جدا أن يُكلّف صاحب القصبة الحالي بقيادة المرحلة الثانية لا لطعن في كفاءة الرجل ونزاهته

بل لأن التشخيص الذي أدى إلى إطلاق هذه المبادرة يفترض تحولا هاما في السياسات وفي الشخصيات وفي طريقة الحوكمة...
ولكن هذا الأسبوع كان كافيا لوحده ليكشف أنه مع الأسباب الجدية التي تدفع إلى تغيير الحكومة ورئيسها هنالك عند بعض الأطراف السياسية ولا سيما نداء تونس غايات مخفية دفعت هي الأخرى إلى إعلان نهاية حقبة الحبيب الصيد...

• الأسباب الجدية...
لقد لخّص رئيس الجمهورية في لقائه يوم أول أمس بالرباعي الحاكم وباتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة الأسباب الجدية التي دفعته إلى إعلان مبادرته: لقد مرّ على عهدتنا الانتخابية سنة ونصف السنة ولو استمرت الأمور على ما هي عليه الآن لازداد الوضع تأزما مما قد يجعل من كلفة الإصلاح آنذاك باهضة للغاية...

تقييم رئيس الجمهورية – وهو تقييم غالبية التونسيين – ينطلق من فكرة أن الحكومة، مأخوذة كوحدة بنيوية، هي المسؤولة الأولى، سياسيا، على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لمواطنينا ولآلتنا الإنتاجية...
ورغم أن لا أحد ينكر النجاحات الأمنية لحكومة الحبيب الصيد، رغم الضربات الإرهابية الموجعة لسنة 2015، ولكن هذه الحكومة قد أخفقت في مسألتين أساسيتين: إعادة تحريك مفاعيل الاقتصاد الأساسية وما ينتج عن ذلك من عدم القدرة على معالجة جدية للتهميش والبطالة هذا من جهة ومن جهة أخرى عدم تحكمها الجيّد في الضغوط الكبرى المسلطة على المالية العمومية مما أدخل البلاد في حلقة مفرغة من التداين الأجنبي لتلبية تصاعد وتيرة الإنفاق العمومي دون خلق الثروة القادرة لوحدها على ضمان استقلال القرار الاقتصادي الوطني...

فلو أخذنا المؤشرات الأساسية للاقتصاد التونسي خلال فترة حكم حكومة الحبيب الصيد لوجدنا أنها تراجعت كلها وبشكل مخيف أحيانا.. فنسبة النمو قد نزلت تحت 1 % والبطالة قد ازدادت بحوالي نصف نقطة (من 15 % إلى 15,4 %) والتداين قد ازداد بأربع نقاط جلّها متأت من الديون الخارجية وهذه النسبة مؤهلة للارتفاع الكبير خلال سنة 2016 كما أن خدمة الدين (أي ما ندفعه سنويا من أصل الدين ومن فائدته) والتي ستناهز هذه السنة 5 مليار دينار قد تتجاوز في السنة القادمة 7 مليار دينار مشكلة بذلك حوالي ربع ميزانية الدولة.

وبلغت الأجور حوالي 14 % من الناتج المحلي الإجمالي.. كل هذا والمعطيات الحالية لاقتصادنا الوطني تفيد بأن الوضعية ستزداد تعكرا وقد نصطدم، أخيرا، بالحائط الذي طالما وعدنا به سنة 2017..
هذا دون الحديث عن التفاقم الجنوني لعجز الصناديق الاجتماعية...
لا شك أن الحبيب الصيد لا يتحمل لوحده مسؤولية كل هذا ولكن .....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال