Print this page

تواصل تحسن نسبة النمو (%2.8) واستقرار في نسبة البطالة (%15.4)

• في المنستير وصفاقس ونابل وزغوان البطالة دون %10 ومعدلها في ولايات الجنوب في حدود %25


أصدر يوم أمس المعهد الوطنــــي للإحصاء نشريتيـه الفصليتيــن حــول الناتــج المحلـــي الإجمالي والبطالة.

ولئن كانت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي اقل بقليل من التوقعات الأولية إلا أن تحقيق بلادنا لنسبة %2.8 في الثلاثي الثاني يعتبر نتيجة مرضية إذ تحققت هذه النسبة في ظرف اقتصادي وسياسي يتسم بصعوبات عدة وبحالة من اللااستقرار المؤثرة حتما في مناخ الاستثمار المحلي والخارجي .

والايجابي في مكونات النمو في هذا الثلاثي الثاني لسنة 2018 وتماما كما كان الحال بالنسبة للثلاثي الأول هو انه لم يكن نتيجة الحلقة شبه المفرغة للاستهلاك بل يتأتى معظمه من القطاعات الإنتاجية وأساسا من الفلاحة والصيد البحري (%9) ومن الموسم الاستثنائي لزيت الزيتون وللتمور وكذلك من الخدمات المسوقة (%3.6) وخاصة من قطاع النزل والمطاعم والمقاهي الذي شهد تطورا ضخما في هذا الثلاثي مقارنة بالثلاثي ذاته من السنة الفارطة بـ%11.5 ..

والايجابي أن كل القطاعات الإنتاجية قد تحسنت حتى وان كان ذلك بنسب ضعيفة كما حصل مع الصناعات المعملية (%0.8) والصناعات غير المعملية (%1.3) وهذا يعني اننا لم نسترجع بعد فعالية احد أهم مكونات النمو في العشرية الماضية وهو القيمة المضافة التي تنتجها الصناعات المعملية .

والايجابي أيضا هو النمو شبه المنعدم للخدمات غير المسوقة (%0.1) وهي الخدمات التي تسديها الإدارة والتي عادة ما تكون مرادفة لجملة النفقات العمومية. وبطبيعة الحال يبقى هذا النمو دون العتبة المنتجة فعلا للثروة والتي تسمح بالقلب التدريجي للتوازنات الاجتماعية بامتصاص فعلي للبطالة وخاصة البطالة المزمنة، وهذه العتبة تقدر في تونس بحوالي %4 .فلو تواصل نسق النمو في هذه السنة على هذه الوتيرة وقارب في النهاية %3 تكون 2018 سنة انتقال فعلية لنسب نمو أكثر قدرة إدماجية وأكثر اعتمادا على كل محركات النمو ومكوناته بصفة متضافرة لا بصفة تعاقبية كما هو الحال اليوم .

بقيت البطالة على نفس وضعيتها وبنسبة مرتفعة (%15.4) ولهذا سبب واضح وهو أن نمو الاقتصاد مازال غير كاف لخلق ديناميكية جدية لتراجع معدلات البطالة ، كما أن برامج التشغيل المطلق عليها بسياسات التشغيل النشيطة لم تؤت أكلها بشكل ملموس رغم بعض نجاحاتها الجزئية هنا وهناك. وعندما ننظر في أرقام الشغل والبطالة نلمس جيدا مواضع هشاشات البلاد ونموها غير المتوازن ، فبعد 62 سنة من الاستقلال مازالت نسبة النساء المشتغلات ضعيفة للغاية (%26.3) ومازالت بطالة النساء ، رغم هذا الدخول المحدود لسوق الشغل في حدود ضعف بطالة الرجال سواء كان ذلك على المستوى الوطني العام أو على مستوى حاملي الشهادات العليا، ففي هذا الصنف بطالة الإناث أكثر من ضعف بطالة الذكور (%38.6 مقابل %18).

علاوة على هذه الفوارق الجندرية تبقى الفوارق الجهوية كبيرة جدا إذ تتضاعف البطالة أكثر من أربع مرات ما بين ولاية المنستير صاحبة الرقم الأدنى بـ%7.5 وولاية تطاوين صاحبة الرقم الأقصى بـ%32.4.

أربع ولايات نسبة بطالتها دون %10 وهي المنستير وصفاقس وزغوان ونابل كما أن أدنى نسبة بطالة هي في الشمال الشرقي (بنزرت وزغوان ونابل ) بـ %9.7 يليها الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية وصفاقس ) بـ%10 في حين تبقى معدلات البطالة مرتفعة جدا في كل ولايات الجنوب : %23.9 في الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين ) و%26.3 في الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي ).

فالبطالة ليست فقط نتيجة لضعف النمو الإجمالي للبلاد بل هي نتيجة كذلك للتفاوت التنموي الكبير بين مختلف جهات البلاد ، تفاوت لم نبدأ بعد في معالجته بصفة جدية ..

خلاصة القول هنالك تحسن متواصل لنمو اقتصاد البلاد إذ حققنا للثلاثي الثاني على التوالي أفضل النسب منذ سنة 2014 ، ولكن هذا النمو مازال بعيدا عن العتبة الممهدة لتغيير جذري في وضعيات الفقر والبطالة والتهميش ، كما أن هذا النمو ليس صلبا بما يكفي لإيجاد التوازنات الضرورية لماليتنا العمومية من نسبة مديونية مرتفعة واحتياطي ضعيف للعملة الصعبة وتراجع مستمر لعملتنا الوطنية ..

خطوة في الطريق الصحيح لابد من البناء عليها وتثبيت دعائمها الايجابية حتى نوفر الشروط الضرورية للنجاح في الانتقال الاقتصادي ومن ثم النمو الاجتماعي المدمج ..

المشاركة في هذا المقال