الأحزاب السياسية والمستقلون في امتحان الانتخابات البلدية

أغلق يوم أمس باب الترشح للانتخابات البلدية القادمة وكانت المحصلة هامة إلى حد ما بترشح أكثر من 2000 قائمة حوالي 60 % منها حزبية وائتلافية والبقية مستقلة..

والهام هنا أنه قد تمت تغطية كل الدوائر البلدية ممّا يبعد ،مبدئيا،شبح انتخابات جزئية لاحقة،والهام أيضا هو التنوع النسبي للعرض السياسي إذ سيجد الناخبون أنفسهم أمام معدل وطني بحوالي ست قائمات للبلدية الواحدة..

يبدو أن حزبي النداء والنهضة بصدد ربح رهان أول وهو الترشح في كل الدوائر الانتخابية ،والى حد كتابة هذه الأسطر مازالت قائمات قليلة لم تحصل بعد على الوصل الوقتي ولكن حتى وإن سقطت قائمة أو اثنتان فالرهان الكمي قد كسب الآن ويبقى أن نعلم هل احترم هذان الحزبان التناصف الأفقي أم لا ،وهل سيحدث هذا ،فيما بعد ، إشكالا لبعض القائمات أم لا ..
الملاحظة الأبرز هي عدم تناسب كم القائمات الندائية والنهضوية مع بقية الأحزاب الأخرى إذ يبدو أن لا أحد فيها قد تمكن من تجاوز عتبة نصف الدوائر .. وهذا يؤكد الملاحظة العيانية وهي فقدان بلادنا لمنظومة حزبية قوية تتكون من خمسة أو ستة أحزاب كبرى لها انغراس فعلي في المجتمع وقدرة تأطيرية له..

اليوم هنالك حزبان فقط ..يملكان آلة انتخابية تسمح بالوجود الميداني ولكن هذا لا يعني ضرورة تحويل هذا الوجود إلى انتصار في الصندوق ..ولكن الواضح على كل حال انه ينبغي التفكير مليا في تمكين المنظومة الحزبية من شروط أداء مهمتها ومن بين هذه الشروط التمويل العمومي وفق التمثيلية الشعبية حتى لا تكون الساحة مقتصرة فقط على الأحزاب التي تملك المال والوجاهات الوطنية والجهوية ..

اللافت للنظر في توزيع القائمات المترشحة بين حزبية وائتلافية ومستقلة هو أننا لو استثنينا قائمات النداء والنهضة لوجدنا أن عدد القائمات المستقلة يفوق نسبيا القائمات الحزبية والائتلافية وفق آخر تحيين مع العلم بأن الرقم النهائي لم يتوفر قبل صبيحة هذا اليوم .. أي أن الناخبين سيجدون أنفسهم في المعدل الوطني أمام قائمة ندائية وأخرى نهضوية وقائمتين حزبيتين أو اقل وقائمتين مستقلتين أو أكثر..

ولأول مرة منذ الثورة يكون أمام الناخبين عدد محدود من الاختيارات..

ولأول مرة كذلك سيختار التونسي (ة) وفق معيارين موضوعيين : سياسيا ومحليا ونضيف إليهما معيارا ثالثا لا يقل عنهما أهمية وهو الميولات والعلاقات الشخصية والتي تلعب دورا هاما في كل انتخابات محلية ..
وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون فإنّ عرضا محدودا ، نسبيا، يعين على حسن الاختيار لأنه «يجبر» الناخب (ة) على التمحيص بين مقترحات انتخابية محدودة العدد على عكس تخمة الترشحات التي تقتل حرية الاختيار ..

وفي جل الحالات سيكون التنافس بين النهضة والنداء من جهة وحزب أو أكثر من المعارضة وقائمتين أو أكثر من المستقلين ونراهن مسبقا بأن التنافس سيكون شديدا في كل دائرة وان وجود التين انتخابيتين ضخمتين ليس ضامنا ،دائما ، للفوز وما الانتخابات الجزئية بألمانيا عنّا ببعيدة ..
اليوم ندخل في مرحلة جديدة وسوف ننتظر الإعلان النهائي عن القائمات المقبولة والمطلوب من جميع المترشحين الذين يتجاوز عددهم 40000 ان يتنافسوا من أجل الصالح العام ومن أجل الفوز كذلك ..

وكل ما نتمناه هو أن نسهم جميعا في إنجاح هذا المسار وألا تشوبه شائبة من عنف أو مال فاسد حتى ننجح جميعا في هذه اللبنة الأولى للسلطة المحلية ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115