تصدعات في هيئة الانتخابات والتجديد الثلثي اليوم حتى لا نفسد الانتقال الديمقراطي بأيدينا !!

تشبه تونس في بعض الأحيان عش عصافير تخاصمت فيما بينها فعمد كل عصفور على حدة إلى قطع الغصن الذي اقيم عليه العش نكاية في الآخرين ..كل الآخرين..

وما حدث ويحدث داخل هيئة الانتخابات منذ أشهر إنما يحاكي عدمية هذه الطيور فمشاكل تونس لا تنجم كلها عن سياسات خاطئة أو عن مناورات أحزاب وجهات ولوبيات ، مشاكل تونس تنجم أيضا وبصفة متكاثرة عن عبث الأفراد ،وعدم تحملهم للمسؤولية ويزداد الطين بلة عندما نكون إزاء من عهد إليهم الشعب، عبر نوابه،السهر على جوهر الانتقال الديمقراطي : انتخابات نزيهة وشفافة وتعددية..

إن «تمرد» أغلبية مجلس هيئة الانتخابات على الرئيس المنتخب بعد عناء طويل هو من صنف هذا العبث ،عبث أفراد طغت عليهم في لحظة ما – نتمنى أن
تزول - حسابات شخصية صبيانية لا تليق بهم ولا تليق بالمهمة السامية التي انتخبوا من اجلها وأدوا القسم على أساسها..

وعندما نستمع لأسباب هذا «التمرد» يتملكنا الحزن على حاضر ومستقبل البلاد خاصة وانه نابع من أشخاص منحناهم جميعا ثقة شعبية ومواطنية لقيادة لبّ الانتقال الديمقراطي وجوهره..

لا نريد أن نقف فقط عند سلبيات الماضي والحاضر لأننا بذلك نحرم بلادنا من التقدم ولو كان بطيئا،نريد فقط ألا تتكرر هذه المهازل وهذا العبث ..نريد من كل تونسية وتونسي يفكر في الترشح لهيئة دستورية أو مؤسسة من مؤسسات الدولة أن يضع نصب عينيه أن طموحه المشروع لا معنى له إن كان في خدمة طموح شخصي ضيق ،وأن القسم الذي يؤديه عندما يتم اختياره لهيئة ما ،إنما هو التزام أخلاقي وروحي ومواطني يقطعه على نفسه وأنه قابل بكل طواعية أن يخدم المجموعة الوطنية دون حسابات شخصية أو فئوية أو حزبية فالمؤسسات لن يصلب عودها إلا بقيمة النساء والرجال القائمين عليها ..

الانتقال الديمقراطي والانتخابات النزيهة والتعددية والشفافة لبّه وروحه اكبر من كل أعضاء هيئة الانتخابات مجتمعين ومن كل النخب المنتخبة وغير المنتخبة بإطلاق وتعريضه للخطر جريمة في حق البلاد وثورتها ومستقبلها ..

اليوم تتم قرعة التجديد الثلثي لأعضاء الهيئة وهذا التجديد كان يشمل وفق رأي المحكمة الإدارية سبعة اشخاص ولكن بعد انتخاب محمد التليلي المنصري رئيسا للهيئة أصبح يهم 6 أشخاص فقط وسعي الأغلبية يوم أمس لإقحام اسم الرئيس المنتخب ضمن القرعة صبيانيات لأنه مخالف لصريح نص الدستور الذي يستثني الرئيس من القرعة..

نريد أن ننبه إلى أمر خطير قد حصل داخل الهيئة وإن تكرر فهو موجب للمساءلة وسحب الثقة إن لزم الأمر من قبل مجلس نواب الشعب وهو قرار أفراد من الهيئة التكتل ضد الرئيس المنتخب ،كما صنعوا ذلك ضد الرئيس السابق واجبروه تبعا لذلك على الاستقالة..إن هذا التكتل هو إفساد للمعنى السامي للهيئات الدستورية وتلاعب غير مقبول بمؤسسات الدولة وكل ما نتمناه أن تخرج رؤوس الفتنة هذه – إن كان لها رؤوس – في قرعة التجديد الثلثي وأن ينتهي عن هذا الصنيع بقية الأعضاء الذين تكتلوا ضد رئيس منتخب ورفضوا حتى مجرد حضور اجتماع لمجلس الهيئة عندما دعا له رئيسها وقاموا باجتماع مواز في قراءة غير نزيهة وغير بريئة للقانون المنظم للهيئة..

إن اشتغال الهيئة كفريق كامل متكامل شرط من شروط نجاحها ولا يمكن التعلل بأية حجة للتكتل ضدّ رئيس منتخب لم يبدأ حتى في مباشرة مهامه..

غدا وبعد الإعلان عن نتيجة القرعة وإعلام رئيس مجلس نواب الشعب بها سيكون البرلمان أمام مسؤولية تاريخية وهي الحرص الجماعي من قبل كل الكتل على الإسراع بانجاز التجديد الثلثي وبدفع شخصيات معروفة بالنزاهة ونظافة اليد وقوة الشخصية للترشح وأن يتم انتخابهم في وقت قياسي نتمنى ألا يتجاوز جانفي المقبل حتى نطوي صفحة هذه المهزلة بصفة نهائية..

إن انجاز الانتخابات البلدية في السداسي الأول لسنة 2018 مسألة مصيرية بالنسبة لتونس وليكن ذلك في 25 مارس أو خلال شهر افريل لا يهم فالأساسي هو إجراء انتخابات حرة وتعددية ونزيهة وشفافة.
والمطلوب من مجلس نواب الشعب انطلاقا من اليوم أن يكون في حالة فطنة وتأهب بجميع مكوناته ودون أية حسابات حزبية حتى يردع كل تلاعب بوحدة الهيئة ..ويقضي على كل تكتل وعمل مواز داخلها..

عندما ندّد رئيس الهيئة المستقيل شفيق صرصار بتكتل ضده داخل الهيئة قلنا لعله يبالغ أو لعلّه لم يحسن التصرف مع الخلافات الطبيعية داخل كل عمل جماعي..أما وقد أصبح التكتل الموازي مبدأ عمل فنقول نحن أمام خطر تلاعب أشخاص معدودين طغت عندهم ذواتهم على مصلحة البلاد وأمانة المسؤولية التي أنيطت بعهدتهم ..
الإصلاح ممكن بداية من اليوم والرجوع عن الخطأ كذلك ولكن حذار فقد يسعى بعضهم إلى مواصلة هذه المهزلة..

فعلا تونس تشكو من أزمة أخلاقية وقيمية أولا وقبل كل شيء ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115