Print this page

وتتصاعد الأزمة السعودية الإيرانية: طبول الحرب ...

يتسارع التوتر في منطقة المشرق العربي وهو ينبئ بانفجارات جديدة قد تكون لبنان محطتها القادمة..


والصراع في حقيقته،هذه المرة،هو صراع سعودي إيراني ما فتئ يتعاظم ويطغى على جلّ الأبعاد هناك..

آخر هذه الحلقات هو نية المملكة السعودية تحجيم ما تعتبره الذراع العسكري لإيران في المنطقة العربية أي حزب الله والمسمى بحزب اللات عند العديد من المحللين السعوديين.

السيناريو لم يتضح بعد كله وإن بدأ يتجلى تدريجيا.. الانطلاقة كانت مع الاستقالة المفاجئة لسعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية من الرياض بالذات ،ثم تبعت بمطالبة السعودية مواطنيها بمغادرة لبنان وبعدم التوجه إليها من أي دولة كانت ثم نسجت على منوالها بعض الدول الخليجية الأخرى..

الحجة المقدمة هي التالية : إيران تهدد أمن السعودية عبر تسليحها للميليشيات الحوثية في اليمن وآخر اعتداء هو إطلاق الصاروخ الباليستي الذي كان يستهدف عاصمة المملكة.وقد حصل هذا في اليمن تحت إشراف خبراء من حزب الله..

فالسعودية تريد بوضوح إجبار حزب الله على عدم التمدد جغرافيا وخاصة في اليمن بعد أن نجح في التمدد في سوريا وساهم بقسط كبير في عدم سقوط نظام بشار الأسد في السنوات الأولى من الحرب الأهلية..سقوط كانت القيادة السعودية قد راهنت عليه بكل قوة ودعمت سياسيا وماليا وعسكريا جلّ الفصائل المسلحة المناهضة للنظام العلوي أو «النصيري» كما يصفه مشائخ الوهابية..

فالحصار الكامل المفروض اليوم على اليمن الذي يهدد بأبشع مجاعة في العالم منذ عقود كما تقول ذلك الأمم المتحدة والأزمة السياسية في لبنان وبوادر نوع من المقاطعة الاقتصادية التي قد تصحبها ،كل ذلك يراد منه إرغام حزب الله على تحصين مواقعه اللبنانية والحد من وجوده البشري والعسكري في اليمن وسوريا أيضا في انتظار تقليم أظافره في إطار فرض موازين قوى جديدة في لبنان ..

وما لا نعلمه إلى حد الآن هو الحلقات القادمة في هذا التصعيد وخاصة في الساحة اللبنانية وما هي الوسائل التي ستعمد إليها المملكة العربية السعودية لإلحاق ضربات موجعة بحلفاء غريمها الأساسي إيران من العرب ..

الواضح أننا أمام خطة سعودية يتكامل فيها الجانب العسكري مع الديبلوماسي والاقتصادي وأن هذه الخطة ترتبط فيها المواجهة الخارجية مع إيران بإعطاء كل الصلاحيات الداخلية لولي العهد الشاب محمد بن سلمان ذي الاثنتين وثلاثين سنة.

لم تنجح القيادة السعودية في حروبها غير المباشرة مع إيران إلا في البحرين فقط حيث قضت على انتفاضة الأغلبية الشيعية هنالك سنة 2011 ولكنها فشلت في الحد من تأثير إيران في العراق وكذلك في سوريا..

ويمكن أن نقول بأن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ سنتين ونصف لم تحقق بعد انتصارا عسكريا نهائيا وهي تريد أن تثبت للقوى الكبرى أن جماعة الحوثي إنما تمكنت من الصمود بفضل التدخل السافر والمباشر لإيران ولذراعها العسكري والإيديولوجي : حزب الله. وهدف السعودية المباشر اليوم هو إدانة المنتظم الاممي للهجوم الصاروخي واعتباره عملا عدوانيا من قبل إيران ثم تسليط عقوبات على دولة الملالي ونقض الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني..

السعودية وولي عهدها الشاب بحاجة إلى تحقيق انتصار ولو بالنقاط على إيران في الملف اليمني خاصة وأن مقاطعة قطر التي انطلقت في جوان الفارط لم تحقق ،إلى الآن ، النتائج المرجوة منها إذ لم تساند بوضوح أية دولة كبرى الموقف السعودي بل دعا جلّها الى السعي لحلّ هذا الخلاف بالحوار وحتى دول الخليج لم تلتحق كلّها بالموقف السعودي إذ نأت عمان بنفسها عن هذا الصراع وفضلت الكويت القيام بدور الوساطة ..

والواضح كذلك في الجهة المقابلة أننا أمام سياسة توسعية لنشر النفوذ الإيراني في المشرق العربي وأنه قد تم تحويل الأقليات ،أو الأغلبيات ،الشيعية إلى ورقة أساسية في هذه الحرب الطائفية الجديدة بين الوهابية وأصحاب نظرية ولاية الفقيه،وان هذه الحرب بل الحروب الديبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والدينية بصدد تفتيت دول عربية كثيرة وان كل طرف فيها يريد حسم هذه المعارك بالوكالة الممتدة طولا وعرضا بالمشرق العربي..

طبول الحرب تدق بقوة..حرب ستكون الدولة العبرية هي الرابح الأساسي فيها..

المشاركة في هذا المقال