Print this page

5 أشهر على الانتخابات البلدية: البدايات المتعثرة ...

5 أشهر فقط (وتحديدا 158 يوما ) تفصلنا عن الموعد المقرر، مبدئيا، لأول انتخابات بلدية بعد الثورة، ورغم ذلك فالفتور هو المهيمن على كل المستويات : نسق التسجيل واهتمام الرأي العام واستعداد الأحزاب ..

لو نقارن الوضع السياسي العام الذي كانت عليه البلاد في نفس هذه الفترة منذ ثلاث سنوات ووضعها الحالي لرأينا صائفة ساخنة في 2014 بالاستعداد المتفائل حينا والمتوتر أحيانا للانتخابات التشريعية والرئاسية في بداية صائفة 2014 وما شابها من صراع على تشكيل القوائم وصراع على رئاستها أما صائفة هذه السنة فملآنة هي الأخرى بالأحداث ولكن نلاحظ حالة عدم اهتمام شبه الكلية بالانتخابات المقبلة ..ولدينا على هذا مؤشرات ثلاثة كبرى :

• عدم اهتمام عموم التونسيين وقد تجلى ذلك في عملية سبر نوايا التصويت التي نشرناها البارحة والتي قامت بها مؤسسة سيغما كونساي بالاشتراك مع جريدة «المغرب»..
فلو تجرى الانتخابات الرئاسية اليوم سنجد أن نسبة العزوف عن التصويت (بين رفض مطلق له وتردد كبير حول الاختيار والتصويت ذاته) ستكون في حدود %48.4 ..أما لو كنا إزاء انتخابات تشريعية فسترتفع هذه النسبة إلى حدود %56.3 لكي تشهد ذروتها في الانتخابات البلدية مع نسبة عزوف تجاوزت الثلثين (%68) .. أي أن الفارق في التصويت بين البلدية والرئاسية هو خمس الجسم الانتخابي الافتراضي (حوالي 8.5 مليون تونسي) أي 1700000 صوت قد يتبخر بين هذين الصنفين من الاستحقاقات الانتخابية .
ونحن لا نميل إلى القول بان رداءة العرض السياسي هي التي تفسر هذا العزوف الضخم، أولا لان نفس العينة متحمسة بوضوح كبير لانتخابات وطنية عامة تشريعية أو رئاسية على وجه الخصوص وثانيا لان ما يسمى بانتخابات القرب (البلدية أو الجهوية ) ورغم أهميتهما القصوى للحياة اليومية للمواطنين فهي تثير اهتماما اضعف بكثير من المنافسات الوطنية الكبرى ..

• نعلم جميعا أن هنالك أكثر من 3 مليون تونسي في سن الاقتراع غير مسجلين على القوائم وكنا ننتظر أن فترة التسجيل التي تمتد على سبعة أسابيع قد تسمح لنا بتسجيل ثلثهم على الأقل ولكن بعد مرور نصف المدة سنكون في حدود 140٫000 تسجيل تقريبا وحتى مع رفع نسق هذه العملية فقد لا يبلغ في النهاية إلا 300.000 أو 400.000 مسجل جديد على الأقصى ونترك مرة أخرى زهاء 3 مليون تونسي خارج العملية الديمقراطية هذا مع أنّنا لن نضمن مشاركة كل المسجلين في عملية الاقتراع إذ أفادت التجربة التونسية أننا من اقتراع إلى آخر (2011 و2014) قد خسرنا حوالي نصف مليون ناخب .

• العنصر الثالث الذي يتظافر مع سابقيه هو عدم الاهتمام الظاهر على الأقل للأحزاب السياسية بهذا الموعد الذي يجمع كل السياسيين على أهميته.. فبعض الأحزاب مازالت تعتقد أن الانتخابات البلدية لن تجرى يوم 17 ديسمبر القادم بل في شهر مارس 2018 فعوض أن تضيع ما فات وأن تحكم الاستعدادات ترى بعضها مازال يراوح مكانه وكان الانتخابات البلدية ستتأجل إلى ما لا نهاية له ..

وحتى الأحزاب التي تظهر بعض النشاط والتهيؤ لهذا الموعد فلا نسمع عن بداية تشكيل قائمات أو عمل تحسيسي لتنشيط عملية التسجيل هذا رغم علم الجميع بان هذا الموعد سيكون صعبا جدا على الجميع..
لقد عٌلقَت في البداية آمال عريضة على الانتخابات البلدية وعلى قدرتها على تجديد الطبقة السياسية وعلى تغيير نوعي لحياة المواطنين..
ربما قد كنّا أكثر تفاؤلا مما يجب ..ولكن الانتخابات البلدية ، وكل ما يرافقها ، لبنة جوهرية في إرساء النواة الأولى للديمقراطية المحلية ..
لبنة إن لم نتعاون جميعا على تأسيسها فخيبة الأمل ستكون اكبر بكثير...
لقد بدأ العدّ التنازلي ...

المشاركة في هذا المقال