تحسن نسبي في أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في الثلاثي الأول لـ2017

•ارتفاع نسبة النموّ إلى %2.1
•تراجع نسبة البطالة إلى %15.3
•تواصل هشاشة النسيج الصناعي


أصدر المعهد الوطني للإحصاء يوم أمس الرقمين اللذين ينتظرهما الجميع : نسبتي النمو والبطالة للثلاثي الأول لهذه السنة

ولئن جاءت نسبة النمو دون توقعات الحكومة بقليل إلا أنها تجاوزت لأول مرة منذ سنتين عتبة %2 لتستقر بصفة أولية في مستوى %2.1 .وتزامن هذا الارتفاع مع تراجع طفيف لنسبة البطالة من %15.5 إلى %15.3. من الناحية الإجمالية نلاحظ أن النمو سجّل أهمّ نسبة له منذ الثلاثي الأول لسنة 2015.. والاهم من ذلك هو ما يسمى بالانزلاق الثلاثي أي احتساب نسبة النمو ما بين الثلاثي الأول لسنة 2017 والثلاثي الأخير لـ2016 فنرى أنّها كانت أرفع نسبة على الإطلاق خلال فترة حكم هذه الأغلبية (%0.9) وهي من ارفع النسب المسجلة في تونس بعد الثورة ولكن هذا النمو النسبي مازال يشكو من هشاشات كبيرة أهمها تراجع الصناعات المعملية بـ%1.1 بعد أن كان هذا القطاع الحيوي من أهم عناصر القيمة المضافة في البلاد.

يمكن أن نقول بان الفلاحة والصيد البحري هما اللذان أنقذا النمو في هذا الثلاثي الأول إذ سجلا لوحدهما ارفع نسبة من بين كل مكونات الثروة الوطنية بـ%4.9 وتليهما الخدمات المسوقة بـ (%3.4) بفضل التحسن الكبير في قطاع النزل والمقاهي الذي يسجل لوحده نموا قياسيا بـ %8.6.

العنصر الايجابي الآخر هو ضعف مساهمة ما يسمى بالخدمات غير المسوقة أي إجمالا كتلة أجور الموظفين (%0.6) والتي كانت بعد الثورة من أهم عناصر النموّ ..ولكنه نمو وهمي غير إنتاجي ..

ولكن مع هذه النتائج الجيّدة إجمالا هنالك نقطتا ضعف أساسيتان في النمو التونسي تتمثل الأولى في تراجع قطاع الصناعات المعملية كما أسلفنا بـ%1.1 والثانية في ركود قطاع الصناعات غير المعملية (المناجم والطاقة ) إذ لم ينم إلاّ ب%0.2 فقط لأن ما ربحناه نسبيا من المناجم (الفسفاط أساسا) قد خسرناه في قطاع الطاقة ..

هذا النمو اللامتوازن بين مختلف القطاعات الأساسية لخلق الثروة التونسية هو الذي يفسر الهشاشة الاقتصادية للبلاد وارتباط النمو ، من عدمه، بطفرات تأتي جلّها من القطاع الفلاحي فهو الذي رفّع من قيمة النمو العام لسنة 2015 (%1.1) إذ لولاه لكان في مستوى الصفر وهو الذي جعله يتراجع إلى %1 سنة 2016 إذ لولاه لكان في مستوى %2..

بعبارة أخرى لن نبلغ مستويات عليا في النمو (فوق %4) دون تنشيط جدي للقطاع الصناعي المرتبط كثيرا في تونس بالتصدير وبقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية ..والواضح انه فقد بعض عناصر قوته في الأسواق الخارجية وأصبح منافسا بصفة خطيرة من قبل التجارة الموازية في السوق الداخلية ..فتحقيق نموّ مرتفع قادر على استيعاب جدي للبطالة وعلى خلق الثروة دون مقاومة فعلية للتجارة الموازية والتهريب من جهة وللاستيراد العشوائي وغير المدروس من جهة أخرى ..فدون ذلك سنبقى في مستويات نمو هشة..

وما يزيد في تأكيدنا على الأهمية القصوى للنمو هو ارتباطه عكسا بالبطالة وما ينتج عنها من تهميش واحتقان إذ تراجعت نسبة البطالة لأول مرة منذ 2015 بفضل هذا النمو المتوسط المحقق خلال الثلاثي الأول لهذه السنة..

صحيح أن عدد العاطلين عن العمل مازال مرتفعا جدا (626 ألف ) وانه لم يتراجع إلا بسبعة آلاف فقط كما أن نسبة العاطلين من أصحاب الشهادات العليا مازالت مفزعة (%31.2) وخاصة عند الإناث (%41) ولكن الحلّ الأساسي لمقاومة هذه الآفة هو تحقيق نمو صلب ومستمر يتجاوز %4 بصفة دائمة وقارة في انتظار أن يبلغ النسب التي نحلم بها جميعا (%6 أو %7) وهي النسب القادرة على تعصير قوي للبلاد وعلىخلق شروط الرفاه الدنيا لأغلب المواطنين

لاشك أن حكومة يوسف الشاهد قد تنفست الصعداء ،ولو نسبيا ، ولكن معركة النمو لم تربح بعد ولم تخرج بعد من النمو الهش والمضطرب..فتجاوز عتبة %2 بحاجة إلى التأكيد في الثلاثي الثاني حتى نبدأ بالاطمئنان بأننا بصدد الخروج المتدرج من هذه المناطق الخطرة..

وفي الحقيقة لا وجود لحلول سحرية لا في الاقتصاد ولا في غيره.. والنمو يبقى أولا وأخيرا مرتبطا بجهد وعمل كل الفاعلين الاقتصاديين إدارة ومؤسسات خاصة وقوى عاملة بالفكر والساعد..

فالثروة الحقيقية الدائمة هي الثروة التي يخلقها العمل لا الكنوز المتوهمة في باطن الأرض..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115